لهذا السبب..لم يوقع حفتر “العاجز” على اتفاق الهدنة

رغم موافقته المبدئية على وقف إطلاق النار تحت ضغط دولي، إلا أن خليفة حفتر، قائد مليشيات الشرق الليبي، وجد نفسه “عاجزاً” عن السيطرة على جميع مليشياته وخاصة اللواء التاسع ترهونة، الذي كان وراء أغلب الخروقات للهدنة التي بدأت منذ الأحد، حسبما أكدت مصادر متطابقة للأناضول.

وشكل رفض قيادات في مليشيات حفتر سواء التابعة للواء التاسع ترهونة (الكانيات) أو الموالية لنظام القذافي السابق، أحد الأسباب الرئيسية لمغادرته العاصمة الروسية موسكو، صباح الثلاثاء، دون التوقيع على مسودة الاتفاق مع حكومة الوفاق.

ونشرت عدة صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، تابعة لمليشيات الكانيات، رفضها لأي هدنة مع الحكومة الليبية، المعترف بها دولياً، خشية أن يؤدي انسحاب مليشيات حفتر إلى مواقعها في شرق البلاد، إلى إضعاف موقفها السياسي والعسكري، خاصة وأن مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) التي ينحدر منها أغلب عناصر الكانيات، محاطة بمدن موالية لحكومة الوفاق.

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع أن توقيع حفتر على هدنة مع قوات الوفاق كان من شأنه إحداث شرخ في صفوف مليشيات حفتر، وقد لا تلتزم بعضها بقراراته مما يجعل الأخير في نظر المجتمع الدولي، ضعيفاً، وغير قادر على السيطرة على مليشياته، كما قد يؤدي ببعض قادته للبحث عن بديل له.

وبررت مواقع موالية لحفتر سبب انسحابه من موسكو، دون توقيع على مسودة الاتفاق، بعدم تضمن المسودة عدة شروط؛ أبرزها حل جميع المليشيات (في إشارة إلى قوات حكومة الوفاق)، في حين تضمنت المسودة حديثاً عن حل بعض المليشيات فقط (دون تحديدها).

كما رفض حفتر أي مشاركة تركية في الإشراف على وقف إطلاق النار في ليبيا، واشترط سحب قواتها من ليبيا، وتجميد الاتفاق بينها وبين الحكومة الليبية، وعدم توقيع الأخيرة على اتفاقيات من دون الرجوع إليه، بحسب المصادر ذاتها، غير أنه لم يتم تأكيد هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

وذهبت بعض الصفحات الموالية لحفتر بعيداً عندما أشارت إلى أن حفتر، اشترط حل المجلس الرئاسي وجميع كتائب الوفاق، ودخول مليشياته العاصمة طرابلس دون قتال، وتشكيل جيش موحد يكون على رأسه.

حكومة الوفاق ربطت من جهتها سبب عدم توقيع حفتر على وقف إطلاق النار إلى ضغط حلفائه (دون تسميتهم)، وقال وزير خارجيتها محمد الطاهر سيالة، “بالتأكيد ضغط حلفاء، ولكن اتضح الآن من يريد السلم ومن يريد الحرب”.

وفي هذا السياق، اتهم المحلل السياسي الليبي وليد ارتيمة، الإمارات بالتأثير على قرار حفتر، ولفت لدى استضافته في قناة الجزيرة، الإثنين، نقلاً عن مصادر وصفها بالموثوقة، إلى أن القائم بأعمال سفارة الإمارات بموسكو كان “لصيقاً” طوال الوقت بحفتر خلال مراحل المباحثات بموسكو.

هذه الخلفيات والشروط مجتمعة دفعت حفتر لطلب مهلة لصباح الثلاثاء، قبل أن يفر هارباً من موسكو، لتجنب مزيد من الضغوط قد تمارسها حليفته روسيا، لدفعه للتوقيع على مسودة الاتفاق.

ولم تنشر مسودة الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار بشكل رسمي، لكن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى الليبي (نيابي استشاري) أوضح في حوار مع قناة “ليبيا الأحرار”، مساء الإثنين، أن وفد طرابلس، ممثلاً فيه وفي فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ناقش خلال لقائه بـ”الوفد التركي”، في موسكو، آليات وقف إطلاق النار، وضرورة أن تفرض قوات الوفاق كامل سيطرتها على التراب الليبي، كما قدم المجلس الرئاسي أسماء 3 ضباط للجنة العسكرية 5+5 (لتحديد خط اتصال ومراقبة وقف إطلاق النار) حتى الآن، لكن حفتر لم يقدم أي اسم.

وأضاف المشري، “حفتر.. كان يريد مهلة مفتوحة قد تصل إلى 4 أيام قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار”.

لكن موسكو، حاولت ترك الباب مفتوحاً أمام مزيد من المفاوضات، بعد أن نشرت وزارة الدفاع الروسية، بياناً أعلنت فيه تقبل حفتر للبيان الختامي الذي ينص على “التوصل لاتفاق بين الأطراف المتحاربة بشأن دعم وقف الأعمال العسكرية إلى أجل غير مسمى، مما يخلق أجواء أكثر ملائمة لمؤتمر برلين بشأن ليبيا”.

جدير بالذكر أن مؤتمر برلين سيعقد في 19 يناير/كانون الأول الثاني الجاري، بمشاركة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات، المتحدة، روسيا، بريطانيا، الصين، فرنسا)، بالإضافة إلى 6 دول إقليمية (ألمانيا، تركيا، إيطاليا، مصر، الإمارات، الجزائر)

وبرفض حفتر التوقيع على مسودة اتفاق الهدنة، يكون أقام الحجة على نفسه، باعتباره الطرف المعرقل لأي اتفاق سياسي، وأنه لا يقبل سوى بالخيار العسكري، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته، من خلال ممارسة مزيد من الضغوط عليه، أو فرض عقوبات عليه وعلى الداعمين له.

Exit mobile version