“نيويورك تايمز”: لهذا طهران مستفيدة من القوات الأمريكية في العراق أكثر من بغداد

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً لأليسا روبن، مديرة مكتبها في بغداد، أكدت فيه أن العراق يوجد بين شقي الرحى في ظل احتدام التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، الذي بلغ ذروته إثر اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة أمريكية الأسبوع الماضي بالقرب من مطار بغداد الدولي.

وأكدت الكاتبة تصويت البرلمان العراقي بعد حادثة مقتل سليماني لصالح إجلاء القوات الأمريكية، وفيما بدت رسالة من حلفاء طهران في بغداد، فإن بعض المسؤولين العراقيين يرون أنها ستكون وبالاً على العراق من كل النواحي، وفي مقدمتها الاقتصادية والأمنية، وعلى رأسها عودة “تنظيم الدولة”.

وتشير إلى أن العقوبات الاقتصادية التي توعد ترمب بفرضها على بغداد، في حال جلاء القوات الأمريكية، كما تريد طهران وأتباعها في العراق، لن تطال العراق وحده بل ستمتد تأثيراتها إلى إيران أيضاً نظراً لتشابك اقتصاد البلدين، بل والاستفادة التي تحصل عليها طهران أكثر من بغداد.

وإن لم تركز الصحيفة على هذا البعد، فإن استفادة إيران من الوجود الأمريكي في العراق كان أساساً عندما أسقطت نظام صدام حسين، الذي كان شوكة في حلق نظام “الولي الفقيه”، وجاءت بحلفاء طهران للحكم في بغداد. واللافت حينها أن واشنطن بررت غزو العراق تحت الزعم الكاذب لامتلاك نظام صدام لأسلحة دمار شامل، وبرنامج نووي، والذي كانت تعلم أنه غير موجود، فيما كانت طهران حينها تطور برنامجها النووي!

تقول الكاتبة: إن مسؤولين عراقيين بارزين ودبلوماسيين وباحثين ذكروا أن جلاء القوات الأمريكية سيجبر العراق على الارتماء في أحضان إيران مما سيحرمه من الدولارات الأمريكية ويعزله عن الغرب.

وتشير إلى أن عقوبات ترمب قد تحرم العراق من المصدر الرئيس الذي يغذيه بالدولارات، لفرضية تجميد حسابه لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك.

وتنوه إلى أن إيرادات العراق من مبيعات النفط مودعة في ذلك البنك، ودرجت الحكومة على السحب منها لدفع رواتب الموظفين وسداد التزاماتها التعاقدية الأخرى.

وتذكر الكاتبة كذلك أن الولايات المتحدة قد تلجأ أيضاً لإلغاء الإعفاءات التي تتيح للعراق شراء الغاز الإيراني الذي تعتمد عليه الدولة في تشغيل مولدات الكهرباء بالجنوب، وفي توفير ما لا يقل عن 35% من إمدادات الطاقة اللازمة لعموم البلاد، مما قد يذكي أوار الاضطرابات بالجنوب حالما ترتفع درجات الحرارة مما سينجم عنه نقص في إمدادات الكهرباء على نحو ما حدث عام 2018.

وفي المقابل، تنقل أليسا روبن على لسان كبير مستشاري رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي، أن الأخير أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في مكالمة هاتفية في رأس السنة الجديدة، أن حكومته لن تستطيع تغيير الجغرافيا ولا التاريخ فذلك قدر العراق.

وأوضح عبد المهدي لترمب أن العراق يقع بين دولة صديقة تبعد عنه زهاء خمسة آلاف ميل (ثمانية آلاف كيلومتر) -في إشارة إلى الولايات المتحدة- ودولة أخرى بالجوار منذ خمسة آلاف عام هي إيران.

ونقلت الكاتبة عن عبد الحسين الحنين قوله إن عبد المهدي يعتقد أن القوات الأمريكية إذا ما غادرت البلاد فإن إيران لن يكون لديها هواجس أمنية ومن ثم ستترك العراق وشأنه.

لكن هذه النظرة لا يشاطرها كثير من المسؤولين العراقيين، حسب الكاتبة، على اعتبار أن ما يدعو للقلق حتى بالنسبة لإيران أن ثمة خطرا من عودة تنظيم الدولة الإسلامية مجددا إذا لم يشارك الأمريكيون في محاربته.

وتنقل روبن عن مسؤول عراقي آخر ودبلوماسي غربي كبير -لم تكشف عن هويتيهما- أنه في حالة جلاء الأمريكيين فإن الجنود الأوروبيين وقوات التحالف الأخرى سيحذون حذوهم لأنهم يعتمدون على دعمهم اللوجستي والفني.

Exit mobile version