تونس تستعد للأسوأ في ليبيا

– تعقيد الوضع الليبي يعني مواجهات عسكرية ستفضي إلى تدفق عدد من اللاجئين بليبيا إلى تونس

– حالة تأهب واستعداد تام لأي طارئ على كامل الشريط الحدودي الصحراوي مع ليبيا

– الإشاعات أدت دورها المتمم للنيل من العمل التركي والحياد التونسي في القضية الليبية

 

شهدت الساحتان التونسية والليبية تطورات عديدة في الأسبوع الأول من يناير 2020م، حيث صعّدت الأطراف الداعمة للمتمرد خليفة حفتر من نسق أعمالها الحربية بالسيطرة على مدينة سرت والتوجه إلى مدن أخرى، في وقت تواصل القوات التركية استعداداتها للتمركز في طرابلس، بينما عززت القوات العسكرية والأمنية التونسية من وجودها على الحدود بين البلدين.

وتمركزت فرق الإغاثة في الجنوب التونسي في انتظار تدفق أعداد هائلة من الفارين من ويلات الحرب، مع إمكانية تسلل بعض العناصر الاستخبارية لدعم الإرهاب أو تهريب مرتزقة لزعزعة الاستقرار في تونس.

مجلس الأمن الوطني

ولمواجهة التطورات المحتملة في ليبيا، عقد مجلس الأمن الوطني التونسي، ليلة أمس الأربعاء، اجتماعاً لتدارس الوضع الأمني وعلاقته بما يجري في ليبيا وتداعيات الأوضاع في القطر الشقيق، وقد تم الاجتماع بإشراف الرئيس التونسي قيس سعيد بحضور رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ورئيس مجلس النواب راشد الغنوشي، وعدد من القيادات الأمنية والعسكرية.

وقال سعيّد: إن الوضع في ليبيا مرشح إلى التطوّر والتعقيد، كل المؤشرات تدلّ على أن الأوضاع مرشّحة لمزيد التعقيد خاصة في ظل التدخل الأجنبي.

وتعقيد الوضع في ليبيا يعني مواجهات عسكرية ستفضي لا محالة إلى تدفق عدد من اللاجئين من أشقائنا في ليبيا إلى تونس، ودعا سعيّد إلى الإعداد الجيد سواء في الجانب الأمني لا سيما إمكانية تسلل عدد من الإرهابيين في صفوف اللاجئين، علاوة على ترحيل عدد من الأجانب الذين يتدفقون على تونس كما حصل ذلك عام 2012.

وقد جاءت تصريحات الرئيس التونسي على ضوء المعلومات الأمنية التي تحدثت عن حجز كمية من الأسلحة ومبالغ مالية مهمة على الحدود التونسية الليبية، قالت المصادر الأمنية: إنها موجهة للقيام بعمليات إرهابية على التراب التونسي.

ولم يستبعد سعيّد التعاون مع دول أخرى في ظل التداعيات الحاصلة، وتابع سعيد: لا بدّ من تحسيس عدد من الدول الأخرى بأن تقوم بدورها لأنها معنية أيضاً بإمكانية تطوّر الأوضاع، وأكد أن المقاربة لن تكون مقاربة تونسية خالصة.

استعدادات لاستقبال لاجئين

ولأن الوضع مرشح للتعقيد، كما وصفه الرئيس التونسي قيس سعيّد، فقد بدأت تونس في التحضيرات لاستقبال آلاف اللاجئين، وأفاد رئيس الهيئة الإقليمية للهلال الأحمر التونسي بولاية (محافظة) مدنين، (جنوب تونس) منجي سليم، يوم الإثنين 6 يناير 2020، أن السلطات التونسية وضعت بالتنسيق مع المنظمات الدولية العاملة في مجال إغاثة المهاجرين واللاجئين خطة طوارئ لاستقبال الوافدين إلى تونس في حال تطور الوضع في ليبيا إلى الأسوأ.

وأكد أنّ الوضع حالياً ما زال عادياً ولم ترتفع وتيرة الوافدين على المعابر الحدودية التونسية.

وقال في تصريح لـ”وكالة تونس أفريقيا للأنباء”: في حال وجود تدفق كبير لأعداد اللاجئين، هناك خطة طوارئ، تم وضعها منذ مدة، بالتنسيق بين السلطات التونسية من مختلف الوزارات (الدفاع والداخلية والصحة والشؤون الاجتماعية..) والهلال الأحمر التونسي والمنظمات الدولية المتخصصة ومنها خاصة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة وافقت عليها الحكومة وفيها العديد من السيناريوهات.

وأوضح أنّ سيناريوهات هذه الخطة التي لم تفعّل حتى الآن، تختلف حسب منسوب تدفق اللاجئين والفارين المحتملين من الحرب في حال تطور الوضع إلى الأسوأ على التراب الليبي، وتشمل مجالات السكن والصحة والتغذية وحماية الأطفال، لآلاف الوافدين.

وذكر أنّه في حال اضطرت الظروف لإقامة مخيّمات فستكون في تطاوين (جنوب تونس) بعيداً عن جبهات الحرب في القطر الليبي.

وأكّد سليم في ذات السياق أنّ قوات الجيش والأمن الوطنيين في حالة تأهب واستعداد تام لأي طارئ على كامل الشريط الحدودي الصحراوي مع ليبيا.

بث الإشاعات

إلى جانب محاولات تفجير الأوضاع في تونس من خلال الإرهاب الاستخباراتي الوظيفي وبعض الأحزاب السياسية والمنظمات الوظيفية، التي لا تخفي ميلها لمن يدفع لها بسخاء ويملي عليها مواقف أو من يخاصمون الحريات ويعادون الديمقراطية ويبحثون عن دكتاتوريات يعيشون في ظلها كالنباتات الطفيلية، هناك الإعلام الوظيفي الذي أغاظ من يدعمه ويوجهه استجابة تركيا لطلب الحكومة الشرعية في طرابلس لرد العدوان متعدد الجنسيات كما تصفه، حيث أدت الإشاعات دورها المتمم للنيل من العمل التركي والحياد التونسي في القضية الليبية، إلى درجة نسبت فيها بعض وسائل إعلام عربية تصريحات للمكلفة بالإعلام في الرئاسة التونسية رشيدة النيفر بخصوص طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الرئيس قيس سعيّد استخدام المجالين الجوي والبحري التونسي لعبور الوحدات العسكرية التركية، وهو ما دفع الرئاسة التونسية لنفي ذلك، وأكّدت أن ما يتم تداوله في عدد من وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حول طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من الرئيس التونسي قيس سعيد استعمال المجال الجوي والبحري لتونس لا أساس له من الصحة.

وأنه لا الرئيس التركي طلب ذلك، ولا الرئيس التونسي تعرض أصلاً لهذا الموضوع؛ لأنه غير مطروح ولا قابل للنقاش ولم يطرح إطلاقاً.

واعتبر بلاغ صادر عن الرئاسة نشرته بصفحتها على موقع “فيسبوك”، يوم الثلاثاء، أنّ ما يتم ترويجه وفي الأيام الماضية من مصادر مختلفة الهدف منه ضرب مصداقية الموقف الرسمي التونسي، والإساءة إلى العلاقات التي تجمع تونس بعدد من البلدان الشقيقة والصديقة.

وأضاف البلاغ أن تونس بقدر حرصها على سيادتها الوطنية والنأي بنفسها عن المحاور، حريصة في الوقت ذاته على التمسك بالشرعية الدولية وتجنيب كل شعوب المنطقة الفرقة والانقسام.

محاولات الاختراق

ورغم أن تونس كما جاء في بلاغ الرئاسة تنأى بنفسها عن المحاور، بيد أن محور حفتر ومن يدعمه لم تترك تونس في حالها، فهناك محاولات لتعكير الساحة عبر بعض الأحزاب الممثلة في البرلمان، كطلب الاستماع لوزيري الداخلية والدفاع حول زيارة أردوغان، أو الانتقادات الموجهة للرئيس قيس سعيّد نفسه، أو مهاجمة حكومة السراج وتركيا، كما تنقل بعض وسائل الإعلام المشبوهة عن وسائل إعلام محور حفتر أو ما يعرف في تونس باسم “الحفتريش”.

وتطلق وسائل إعلام كانت على علاقة وطيدة بالاستبداد البورقيبي (فترة بورقيبة)، والاستبداد النوفمبري (فترة بن علي) تحولت ولاءاتها للاستبداد الخارجي، وهي أطراف لا تقل خطورة عن الإرهاب الوظيفي، فهو مكمّل لها وهي مكمّلة له، وكان على مجلس الأمن الوطني التونسي أن يضعها على قائمة اهتماماته في كل اجتماع، لا سيما مع تصاعد وتيرة الحرب في ليبيا.

Exit mobile version