الأمير هارون حفيد السلطان عبدالحميد لـ”المجتمع”: عانينا كثيراً من أجل الحصول على الجنسية التركية

ذكر الأمير «هارون بن عبدالكريم»، حفيد السلطان «عبدالحميد الثاني»، أن وضع عائلتهم الحالي في ظل حكومة «أردوغان» أفضل من ذي قبل، مثنياً على اهتمام الرئيس بنفسه بالتاريخ التركي وافتخاره به.

وأضاف، في حواره مع «المجتمع»، على هامش زيارته لدولة الكويت أخيراً، أن السلطان له أملاك في كركوك بالعراق، والقامشلي ودير الزور بشمال سورية التي تدور حولها الكثير من المشكلات، مشيراً إلى عدم استطاعتهم المطالبة بها بعد أن خسرت الدولة العثمانية في المعارك الحربية؛ وبالتالي خسرت على طاولة المفاوضات.

 بداية، نرحب بكم، وسعدنا  كثيراً  بهذا الحوار.

– سلمكم الله، وأنا كذلك مسرور بهذا اللقاء مع إخواني الطيبين، في هذا البلد الطيب، وأشعر كأنني بين أهلي وعشيرتي.

ما الأثر النفسي لكم كونكم حفيداً للسلطان عبدالحميد الثاني؟

– لي الفخر أن أنتمي لهذه الأسرة العريقة، ومنذ نعومة أظفارنا، حينما كنا في مرحلة الصبا، وفي المرحلة الابتدائية، كان يُقال لنا: لا بد أن تعرفوا مَنْ أنتم، ومَن أجدادكم، واستمر ذلك حتى كبرنا وأصبحنا نعي الأمور جيداً، سواء من محبينا، أو من مبغضينا في تركيا.

كيف تتعامل الدولة التركية الحالية معكم كأحفاد للسلطان عبدالحميد؟

– أتينا إلى تركيا عام 1977م، وكانت الحكومة حينها لا تأبه بنا، ولا تشعر بوجودنا، ولا تولينا أي نوع من الاهتمام، وكنا نشعر بالغربة والجفوة ونحن في بلدنا كأننا غرباء عنه، وبنوع من التدرج والصبر بدأنا نندمج في المجتمع، ونتعرف على الأوضاع الجديدة، وكيفية التعامل معها، حتى يتسنى لنا استرجاع بعض حقوقنا، وأبرزها استرداد الجنسية التركية التي حُرمنا منها سنوات طويلة، وبدأنا سلسلة المعاناة في استردادها، وقابلتنا صعوبات كثيرة في هذه المرحلة، وكان الوالد حينها هو من يقوم بالسعي من أجل استرداد حقوقنا المشروعة، واستمرت هذه المعاناة للحصول على الجنسية من عام 1977 حتى 1985م.

وعندما علم الرئيس التركي -حينها- «تورجوت أوزال» بمعاناتنا في سبيل الحصول على الجنسية التركية، تدخل في الموضوع شخصياً، ومنحنا إياها خلال شهر واحد فقط.

أما وضعنا الحالي في ظل حكومة الرئيس «رجب طيب أردوغان» فهو أفضل بكثير؛ فنحمد الله على ذلك، خصوصاً أن الرئيس يهتم بالتاريخ التركي، ويشعر بالفخر بهذا التاريخ العريق، ويسعى للمحافظة عليه؛ لذا فنحن نكنُّ له التقدير والاحترام، نظراً لقراراته الصائبة والمنصفة في حق آل عثمان، حينما أصدر قراراً بأن أي شخص من آل عثمان لم يحصل على الجنسية التركية له الحق في الحصول عليها دون انتظار الفترة الزمنية الإجبارية ومقدارها 6 أشهر، فمن ينتمي إلى عائلة آل عثمان، ويقيم خارج الحدود التركية، فعليه أن يتقدم في الدولة التي يقيم فيها إلى السفارة التركية بطلب للحصول على الجنسية، وخلال أيام معدودة يمكنه أن يحصل عليها.

هل تشعرون بالفرق بين الأنظمة السابقة التي عاصرتموها ونظام «أردوغان»؟

– نعم، هناك فروقات كبيرة جداً، فالرئيس «أردوغان» يحب عائلة آل عثمان، ويُجلّ التاريخ العثماني العريق، كما أنه قارئ جيد للتاريخ؛ لذا فنحن نقدّره ونحترمه، ونلبي دعواته فيما يخص ذكرى وفاة السلطان عبدالحميد، وذكرى تأسيس الدولة، وغيرهما من المناسبات، ونحن نقدّر الأوضاع جيداً، ونلتمس الأعذار ونتفهمها، إن حدث تقصير.

كيف كانت حياتكم حينما كنتم تعيشون خارج تركيا؟

– كان والدي يحمل الجنسية السورية وأخرى لبنانية، وكان يعمل موظفاً حكومياً عادياً في وزارة التموين، وكانت عيشتنا متواضعة، كما أن جدي عبدالكريم أفندي، ووالده سليم أفندي، عاشا حياة طبيعية جداً، وفي سبيل العيش الكريم باعا الأوسمة والملابس الخاصة بهما؛ لمواجهة صعوبات الحياة، وما زلنا نشعر بهذه الصعوبات ونحن نعيش في وطننا تركيا، فنحن نعمل بأيدينا ونكد ونجتهد حتى نستطيع توفير الحياة الكريمة لنا ولأولادنا؛ فالدولة التركية لم تخصص معاشات لنا، ولا نطلب منها أن تكفلنا، وكل ما نستطيع قوله هو الحمد لله على كل حال، فنحن ما زلنا نشعر بعظيم الفخر لانتمائنا لدولتنا العظيمة، وتاريخنا المشرف، ونسعى للحياة الكريمة على أراضيها.

هل لكم أملاك في تركيا؟

– نعم، لنا أملاك في تركيا، وحتى الآن لم نطالب بها، وكل ما طلبناه هو تحديد ورثة السلطان عبدالحميد، يرحمه الله، ومستقبلاً سنسعى لاسترداد أراضينا التي استولت عليها بعض العائلات الكبيرة في تركيا.

لقد عاش السلطان عبدالمجيد بالسعودية ودفن بالبقيع، فما أحوال أسرة السلطان عبدالحميد؟ وهل هناك لقاءات فيما بينكم؟ 

– أسرة السلطان عبدالحميد متناثرة في بقاع عديدة من العالم، وجار الزمان عليهم، فتحوّلت حياتهم، وتغيّرت أوضاعهم؛ فمنهم من يعيش في بريطانيا، وآخرون في ألمانيا، والحمد لله أن جدنا الكبير ابن السلطان عبدالحميد اختار العيش في بلد إسلامي وعشنا في أجوائه (لبنان).

هل تقومون بالرد على حملات التشويه ضد السلطان عبدالحميد والخلافة العثمانية؟

– قامت ابنتي «إلهان سلطان» بتأليف ثلاثة كتب، وأخي «كيهان» ألَّف كتابين للرد على حملات التشويه، وعلى المستوى الإعلامي نحن معروفون، ونتصدى قضائياً لكل من ينتقص من السلطان عبدالحميد، وابنتي كسبت 4 قضايا في هذا الشأن.

ماذا عن «مسلسل السلطان عبدالحميد»؟

– كنت مستشاراً في إعداد المسلسل، واستطعنا وضع أكثر من %60 من الأحداث التاريخية الحقيقية في ثناياه، وبقية أحداث المسلسل من خيال الدراما.

كان للسلطان عبدالحميد مواقف قوية ضد اليهود، فكيف ترون وضعهم الآن في فلسطين المحتلة؟

– بدأت هذه المواقف في نهايات القرن التاسع عشر، وبعد عام 1917م ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، وخروج الدولة العثمانية من فلسطين وبقية الدول العربية، لم يستطع رئيس عربي أو إسلامي الحفاظ على فلسطين كما حافظت عليها الدولة العثمانية طوال قرون طويلة، كما أن وقوف الرئيس «أردوغان» مع الفلسطينيين في غزة موقف مشرف سيذكره التاريخ بكل فخر لهذا الرئيس المسلم، وبالطبع لا نقارنه بوقوف السلطان عبدالحميد في وجه الصهيونية الممثلة في «هيرتزل»، ورفضه إعطاء فلسطين لليهود.

ألا تقومون بإعداد عمل وثائقي عن السلطان عبدالحميد؟

– لقد أعددت حلقتين في هذا الأمر، مدة كل حلقة 22 دقيقة، ونشرتهما على «يوتيوب»، فهذا يعد مشروعاً وثائقياً يتحدث عن حياة السلطان عبدالحميد، وقمت بمقابلة 14 من أكبر الأساتذة في التاريخ بتركيا، وكانت مقابلات موفقة.

هل لديكم أملاك في فلسطين؟

– بالنسبة للأملاك فهو موضوع طويل، وهو شأن سياسي، والخوض فيه يدخلنا في إشكالات كبيرة، فالأراضي التي حول القدس الشريف من أملاك السلطان عبدالحميد، وله أملاك في كركوك بالعراق، والقامشلي ودير الزور بشمال سورية التي تدور حولها الكثير من المشكلات، وكان السلطان عبدالحميد على علم بالأراضي التي تحوي النفط والغاز، وقد اشتراها دون أن يتيقن من أنها تحتوي على نفط أو غاز، ولكن إحساسه بهذا أوحى له بشرائها، ولدينا وثائق الملكية، وكذلك لديه أملاك في غزة.

هل تستطيعون المطالبة باسترجاع هذه الأملاك؟

– لا نستطيع المطالبة بها، حتى المحكمة الدولية لا تستطيع البت فيها؛ لأنه مع الأسف الشديد وقت تأسيس الجمهورية التركية كانت الدولة العثمانية قد خسرت في المعارك العسكرية؛ وبالتالي خسرت على طاولة المفاوضات، والمحكمة الدولية تحتاج إلى مكاتب محاماة كبرى حتى يتسنى لها الحكم فيها.

كيف استُقبلتم من قِبَل الشعب الكويتي؟

– حقيقة، تفاجأت بحُسن الاستقبال، وكان ذلك مفاجأة مشرفة لي! لأني رأيت محبة كبيرة في القلوب، وما زلت أعيش هذه اللحظات المليئة بالحب والمودة التي تم استقبالنا بها، وأقدم التحية الكبيرة لهذا الشعب الطيب، وكان بيني وبين سمو الشيخ جابر الأحمد، يرحمه الله، مراسلات، فقد أرسلت له رسالة أثناء الغزو العراقي، وعرّفته بنفسي بأنني حفيد السلطان عبدالحميد، وأخبرته بأنني حزين لخروجه من الكويت، وقد ردّ عليَّ سموه، يرحمه الله، برسالة طيبة ما زلت أحتفظ بها حتى الآن.

Exit mobile version