تباين ردود الفعل العربية والدولية إزاء اغتيال سليماني (محصلة)

 بين إدانات وتحذيرات وترحيب وصمت ومطالب بخفض التصعيد، تباينت ردود الفعل حول واقعة اغتيال قائد “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، في قصف أمريكي ببغداد.

وقتل سليماني برفقة نائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” أبو مهدي المهندس، و8 أشخاص آخرين كانوا برفقتهما، في قصف صاروخي أمريكي استهدف سيارتين كانوا يستقلونهما على طريق مطار بغداد، فجر الجمعة.

** إدانات ونعي

الحكومة والأحزاب اللبنانية، وبعض الفصائل الفلسطينية، وجماعة “الحوثي” في اليمن، وحزب “المؤتمر الوطني” السوداني المعارض، جميعها نعت سليماني وأدانت استهدافه.

فقد أدان لبنان، “اغتيال” سليماني والمهندس، واعتبر ذلك “انتهاكا” لسيادة العراق، و”تصعيدا خطيرا” ضد إيران.

وقالت الخارجية اللبنانية، في بيان إنها “تنظر بقلق إلى ما حصل في بغداد فجر اليوم (الجمعة)، وتدين عملية الاغتيال التي ذهب ضحيتها اللواء قاسم سليماني والحاج أبو مهدي ورفاقهما”.

من جهته، أبرق رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، للمرشد الإيراني علي خامنئي، والرئي حسن روحاني، ورئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، معزيًا بسليماني.

فيما أدانت معظم الأحزاب اللبنانية وشخصيات سياسية موالية لـ”حزب الله” والنظام السوري، مقتل سليماني، وزاروا السفارة الايرانية في بيروت معزين فيه. 

بدورها قالت حركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين، في بيان، إنها “تنعى قائدا فذا لم يجاره في موقفه وفي جهاده أحد منذ عقود، في فلسطين والمنطقة”.

وتابعت: “لن ترتبك حركة المقاومة ولا محورها في المواجهة، ولن تتردد في مسيرتها نحو أهدافها الكبرى في تحرير فلسطين وبيت المقدس”.

أمّا أبو حمزة، الناطق باسم “سرايا القدس”، الجناح العسكري للحركة، فقال عبر “تويتر”، إن “محور المقاومة لن يهزم ولن ينكسر، وسيزداد تماسكا وقوة في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي”.

ومحور المقاومة، هو الاسم الذي يطلق على تحالف يضم (إيران وسوريا وحزب الله، وحركتي حماس والجهاد الإسلامي).

من جانبها، أعربت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عن إدانتها “إقدام الإدارة الأمريكية على اغتيال سليماني والمهندس”.

وقالت الجبهة “هذا الاغتيال يشكل نقلة نوعية في العدوانية الأمريكية، وفي الحرب التي تخوضها بأشكال مختلفة مع الكيان الصهيوني، ضد شعوب المنطقة وقوى المقاومة فيها”.

من جهتها، قالت حركة “حماس” في بيان، إنها “تنعى القائد سليماني، وشهداء الغارة الأمريكية، وتتقدم بالتعزية للشعب العراقي، باستشهاد عدد من أبنائه جراء الغارة الغادرة”.

وتابعت الحركة: “ندين هذه العربدة والجرائم الأمريكية المستمرة في زرع وبث التوتر في المنطقة، خدمة للعدو الصهيوني المجرم”.

بدورها، أدانت جماعة “الحوثي” في اليمن، اغتيال سليماني، وقالت بحسب ما نقلته فضائية “المسيرة”، إن “الولايات المتحدة ارتكبت بهذه العدوانية جريمة حرب على كل الأمة، وعلى محور المقاومة وعلى القضية الفلسطينية”.

فيما أدان “المؤتمر الشعبي” السوداني، ما وصفه بـ”الجريمة غير المسبوقة” التي استهدفت بها الولايات المتحدة موكب سليمانى والمهندس.

وقال المؤتمر الشعبي في بيان، إن “الحادثة تمثل اعتداء على سيادة الدول واستهداف لقيادات دولية مما يستوجب توفير الحصانة الواجبة والحماية اللازمة لهم لما يمثلونه من سيادة وفقا للأعراف والمواثيق الدولية”.

** ضبط النفس

دعت مصر إلى تجنب التصعيد واحتواء الموقف وتفادي أي تصعيد جديد.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان، إن بلادها “تتابع بقدر كبير من القلق التطورات المتسارعة للأحداث في العراق، والتي تنذر بتصعيد للموقف من الأهمية تجنبه”.

وبدوره، حذر الرئيس العراقي برهم صالح، والمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، من تداعيات قد تنجم عن مقتل سليماني، ودعيا إلى ضبط النفس.

وقال صالح في بيان، تلقت الأناضول نسخة منه: “ندين هذا العدوان الذي طال قادة أمنيين ينتمون للمؤسسة العسكرية، والذي بلا شك سوف تترتب عليه آثار وتداعيات أمنية في العراق والمنطقة.. حال لم يبادر الحكماء إلى احتواء الآثار المترتبة”.

فيما قال السيستاني، في بيان له تلاه ممثله عبد المهدي الكربلائي، أثناء خطبة الجمعة بمدينة كربلاء جنوبي العراق، إن “الأحداث تتسارع وتتفاقم الأزمات، ويمر البلد بأخطر المنعطفات”.

أما وزارة الخارجية البريطانية فدعت، في بيان، جميع الأطراف إلى خفض التصعيد بعد مقتل قائد “فيلق القدس”.

بدورها، دعت الخارجية الصينية، كافة الأطراف وخصوصا الولايات المتحدة، إلى ضبط النفس بعد مقتل سليماني، والابتعاد عن أي خطوات من شأنها تصعيد التوتر.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية قنغ شوانغ، في مؤتمر صحفي بالعاصمة بكين، أن بلاده ترفض استخدام القوة في العلاقات الدولية.

ومن جانبه، حذر المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي، من اندلاع حرب بين أمريكا وإيران تستباح فيها كافة الأهداف المدنية والعسكرية والاقتصادية في المنطقة والعالم.

وقال في تغريدة عبر حسابه على تويتر: “في زمن تهاوت فيه كل القيود المفروضة على استخدام القوة، أخشى ان أي حرب بين أمريكا وإيران ستشمل المنطقة إن لم يكن العالم كله. وتستباح فيها كافة الأهداف المدنية والعسكرية والإقتصادية”.

ومضى محذرًا “علينا كعرب أن نفيق ونتكاتف لنجنب بلادنا حربًا لا تبقى ولا تذر، وأن نفهم أن استخدام القوة ليس الحل”.

** ترحيب

وعلى عكس ما سبق، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته، بنيامين نتنياهو، بعملية اغتيال قائد “فيلق القدس” الإيراني، في قصف أمريكي بالعراق.

ونقلت صفحة “إسرائيل تتحدث العربية” الناطقة باسم الخارجية الإسرائيلية، على فيسبوك، عن نتنياهو قوله إن “سليماني مسؤول عن قتل أبرياء كثيرين والتخطيط لمزيد من الهجمات”.

وتابع أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “يستحق كل التقدير لعمله بحزم وبقوة”.

** صمت عربي وشبه صمت خليجي

معظم دول مجلس التعاون الخليجي التزمت الصمت تجاه اغتيال قائد “فيلق القدس”، فيما لم تعقب جامعة الدول العربية على ما جرى في العراق.

ودعت السعودية إلى “ضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بما لا يحمد عقباه”.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، عن مصدر مسؤول (لم تسمه) قوله إن “المملكة تابعت الأحداث في العراق، والتي جاءت نتيجة لتصاعد التوترات والأعمال الإرهابية التي شجبتها وحذرت الرياض في ما سبق من تداعياتها”.

وتابع: “وجوب اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع”.

فيما دعا وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش، عبر تويتر، إلى “تغليب الحلول السياسية على التصعيد”.

** دعوات لإخراج القوات الأمريكية

ومن المنتظر أن يناقش البرلمان العراقي، الأحد، اتخاذ قرار لإخراج القوات الأمريكية من البلاد، وكذلك إلغاء أو تعديل اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين.

بدوره، قال نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي، في بيان اطلعت عليه الأناضول، إن “جلسة يوم غد السبت (حال عقدها) ستخصص لاتخاذ قرارات مفصلية تضع حدا للتواجد الأمريكي داخل العراق”.

وأشار إلى أن “استهداف المهندس وسليماني لم يكن استهدافا لشخوصهم، بقدر ما هو اغتيال صريح لروح المقاومة العراقية.. وهو استهداف للجهاد والمعارضة والروح الثورية الدولية”.

وفي وقت سابق الجمعة، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، البرلمان إلى عقد جلسة طارئة لاتخاذ القرارات المناسبة بشأن الوجود الأمريكي في العراق.

وأبرم العراق والولايات المتحدة، اتفاقية الإطار الاستراتيجي عام 2008، الذي نظم خروج القوات الأمريكية المحتلة (2003 ـ 2011)، والعلاقات العسكرية والاقتصادية والسياسية وغيرها بين البلدين، في مرحلة ما بعد إنهاء الاحتلال.

وفجر الجمعة، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية، مقتل سليماني في بغداد، بناء على توجيهات من الرئيس دونالد ترامب.

واتهمت الوزارة سليماني، في بيان، بأنه كان يعمل على تطوير خطط لمهاجمة الدبلوماسيين والموظفين الأمريكيين في العراق والمنطقة.

وهدفت الضربة الأمريكية إلى “ردع خطط الهجوم الإيرانية المستقبلية”، وفق بيان الوزارة الذي تعهد بأن الولايات المتحدة “ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات لحماية مواطنيها ومصالحها حول العالم”.

في المقابل، توعد المرشد الإيراني علي خامنئي بـ “انتقام مؤلم”، على خلفية مقتل سليماني في غارة أمريكية.

ويأتي هذا التصعيد بعد أعمال عنف رافقت تظاهرات أمام سفارة واشنطن في بغداد يومي الثلاثاء والأربعاء، احتجاجا على قصف الولايات المتحدة كتائب “حزب الله” العراقي المقرب من إيران، الأحد، ما أدى إلى مقتل 28 مسلحا وإصابة 48 آخرين بجروح، في محافظة الأنبار (غرب).

Exit mobile version