تونس: جدل حول الموقف من ليبيا بعد زيارة أردوغان

– الغنوشي: تونس وسيطة خير تتدخل من أجل التأليف بين الأطراف المتداخلة

– حركة الشعب القومية: الحل الوحيد الممكن في ليبيا هو منع التدخل الدّولي في الصراع الدائر هناك

– حزب العمال الشيوعي: زيارة أردوغان لتونس للبحث عن دعم النظام التونسي لتدخل تركي محتمل في ليبيا

 

أثارت زيارة الرئيس رجب أردوغان وموقفه مما يجري في ليبيا وما أعلنه في أعقابها من وجود تفاهم تونسي تركي حول الوضع في ليبيا، والوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية في طرابلس، أثارت الكثير من الجدل، لا سيما تأكيده استعداد بلاده لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لحقن دماء الليبيين والحيلولة دون نزيف المزيد منها وإيجاد حل ليبي ليبي بعيداً عن التدخلات الخارجية.

حكومة واحدة

وقال رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي: إن تونس تعترف بحكومة واحدة في ليبيا، وهي حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج التي تتمتع بالشرعية الدولية.

واستدرك على ما أثير من مخاوف بخصوص مزاعم خطر تدخل تونس في الشأن الليبي، بالإشارة إلى أن تونس وسيطة خير تتدخل من أجل التأليف بين الأطراف المتداخلة مثلما قام به رئيس الجمهورية قيس سعيد عند اجتماعه بممثلين لمختلف القبائل الليبية لتحقيق السلم الذي يمثل شرطاً من شروط الأمن التونسي.

وشدد الغنوشي على أن تونس ليست طرفاً في هذه الحرب الدائرة في ليبيا، لكنها تراقب الوضع عن كثب، وتتأثر مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية بما يجري في الشقيقة ليبيا.

تلازم الأمن

وكان وزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق فتحي باشا آغا قد ذكر في ندوة صحفية عقدها بتونس، الخميس 26 ديسمبر، بمقر السفارة الليبية بتونس بأن حكومة الوفاق تمارس حق الدفاع عن نفسها وعن شرعيتها السياسية باعتبارها حكومة معترف بها دولياً.

وأضاف الوزير أن حكومته ستطلب رسمياً دعماً عسكرياً من تركيا إذا تصاعدت حدة الحرب الدائرة على العاصمة، كما أكد فتحي باشاغا أن التحالف بين ليبيا وتونس وتركيا والجزائر سيكون داعماً للاستقرار، معتبراً أن سقوط طرابلس يعني سقوط تونس والجزائر.

في الجانب الآخر، هاجت الأقلية السياسية في تونس ضد زيارة أردوغان، وما أعلن عنه من تنسيق بين تونس وتركيا حول ليبيا، وكتب النائب مبروك كورشيد (قومي من حزب تحيا تونس الذي لم يعلن موقفه بعد) عبر صفحته على “فيسبوك” تدوينة علّق فيها على زيارة أردوغان لتونس: كنائب عن ولاية مدنين الحدودية مع ليبيا الحبيبة، وهي الولاية التي بها المطار والميناء والمعبر الذين تريدهم تركيا في معركتها وعدوانها، وكابن لتونس وللخط الوطني والقومي التقدمي، فإنني أطلب من الرئيس سعيد أن يكشف للشعب التونسي السبب الحقيقي للزيارة.

منع التدخل الدولي

على نفس المنوال، نسجت “حركة الشعب” القومية (16 نائباً) التي اتهمت تركيا بدعم الإرهاب؛ وبالتالي فإن تدخلها في ليبيا خطر على تونس “مقدمات خاطئة تقود لاستنتاجات خاطئة”، واعتبرت الحركة في بيان لمكتبها السياسي أنّ الحل الوحيد الممكن في الشقيقة ليبيا هو منع التدخل الدّولي في الصراع الدائر هناك، على أن تأخذ دول الجوار وأساساً مصر وتونس والجزائر المبادرة لإنهاء النّزاع وإرساء حل يرضي جميع الأطراف وينهي الوجود الإرهابي والمليشياوي في المدن الليبيّة، ولكن ذلك فقط بدا موضوعياً عندما أعلنت تركيا استعدادها للتدخل لحماية الشرعية والحكومة المعترف بها دولياً، والحركة تعلم جيداً التدخلات الخارجية منذ عام 2011 لكنها تدخلات خارجية تتقاطع مع ما يريدونه هم لليبيا وليس عموم الشعب الليبي.

ولا شك أنّ مصير تونس أمنيّاً واقتصادياً كما جاء في البيان مرتبط شديد الارتباط بالاستقرار في ليبيا وبإنهاء الصراع والقتال، وهو ما يضع على عاتق السّلطة التونسيّة مسؤوليّة الوقوف على نفس المسافة من جميع الأطراف والعمل على تشريك الجميع في الحل المرتقب، وفي الوقت الذي اعتبرت فيه أن الاصطفاف وراء ما وصفته بالتحالف التركي القطري خطر على تونس، فإنها لم تذكر من باب الحياد وعد الاصطفاف، ويا للمفارقة، أن الاصطفاف وراء المحاور الأخرى يقود لنفس ما حذرت منه، وهو ما يعني أن لها نظرة أخرى تقوم على الفرز الأيديولوجي والسياسي وليس مصلحة تونس والشعب الليبي.

البحث عن دعم

حزب العمّال (الشيوعي)، وهو غير ممثل في مجلس نواب الشعب، وهو أحد شظايا “الجبهة الشعبية” (يسارية) التي تمزقت وانحلت، ذكر في بيان أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتونس تأتي للبحث عن دعم النظام التونسي لتدخل تركي محتمل في ليبيا تحت غطاء مذكرة التفاهم المبرمة بين أردوغان وحاكم طرابلس الإخواني، وذلك وفق حزب العمال، الذي لم يؤسسه العمال، وإنما كان جزءاً لا يتجزأ من الحزب الشيوعي الفرنسي (تاريخياً لم ينفصل عن أصله سوى بعد الاستقلال)، استناداً لتركيبة الوفد الأمنية العسكرية الاستخبارية المرافق للرئيس التركي، حسب نصّ البيان.

وحذّر من أي اصطفاف وراء حاكم تركيا أو تسخير بلادنا بأي شكل من الأشكال لخدمة أهدافه في ليبيا، وهو الذي لا يخفي أطماعه في استغلال الانقسامات في القطر الشقيق لخلق موطئ قدم فيه لتركيا، والسطو على ثرواته من النفط والغاز حتى لو استدعى منه ذلك التدخل عسكرياً وتوسيع المواجهات في ليبيا لتشمل أطرافاً إقليمية ودولية أخرى؛ مما سيكون له انعكاسات خطيرة على أمن تونس والمنطقة بأسرها.

تجدر الإشارة إلى أن حزب العمال لم يصدر أي بيان يدين فيه التدخل الفرنسي أو التدخل الروسي أو تدخل بعض دول المنطقة العربية إلى جانب المتمرد خليفة حفتر، وينطبق عليه ما ينطبق على حركة الشعب ومن لف لفهم داخل تونس، وهم أقلية سياسية أثبتت الانتخابات أن أغلبية الشعب التونسي وتحديداً من يحق لهم الانتخابات لا تثق فيهم؛ وبالتالي لم تفوضهم وفوضت غيرهم من يمثلها بمعايير العصر وهي نتائج الانتخابات.

Exit mobile version