خبراء لـ ” المجتمع”: عودة وزارة الإعلام بمصر يهدف للهيمنة وتقييد حرية التعبير

 

قطب العربي: تمهيد لمزيد من الهيمنة على وسائل الإعلام

مصطفي خضري: سقوط ورقة التوت وإنهاء دستور يناير

مصطفي إبراهيم: تمهيد لإلغاء المجلس الأعلى للإعلام وتقييد حرية التعبير

 

أكد عدداً من خبراء الإعلام بمصر أن تعيين وزيراً للإعلام في التعديل الوزاري الأخير يؤكد على التوجه نحو مزيد من السيطرة والهيمنة على وسائل الإعلام وتقييد حرية التعبير في وسائله المختلفة بل والاتجاه إلى الغاء المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والإعلام وتوسيع سلطة وزارة الإعلام واحلالها محل هذه الهيئات.

وأضافوا في تصريحات خاصة لـ “المجتمع” أن ما جرى هو مخالفة واضحة لدستور ثورة يناير والذي نص على استقلال مؤسسات الإعلام ممثلة في المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والإعلام وعليه يكون ما جرى ردة علي هذا الدستور بل وعلى ثورة يناير نفسها وعودة الحكم العسكري الشمولي مرة أخرى.

وأثار تعيين وزير للإعلام بمصر في التعديل الوزاري الأخير موجة من الجدل على مستويين المستوي الأول يتعلق بالجانب الدستوري والقانوني في هذا الجانب فقد نص دستوري ٢٠١٢و ٢٠١٤ على إلغاء هذه الوزارة واستبدالها بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، على أن تكون هذه الهيئات مستقلة تماماً طبقاً للمادة 211 والتي تنص علي:” المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، وموازنتها مستقلة.. ويختص المجلس بتنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة، والرقمية، وغيرها. ويكون المجلس مسئولاً عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها.

كما قننت المادة (212)، موقف الهيئة الوطنية للصحافة، ونصت على أنها هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الصحفية المملوكة للدولة وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان تحديثها واستقلالها، وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد.

ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها.. ويُؤخذ رأى الهيئة في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها

 أما المادة (213) فتنص علي أن الهيئة الوطنية للإعلام هيئة مستقلة، تقوم على إدارة المؤسسات الإعلامية المرئية والإذاعية والرقمية المملوكة للدولة، وتطويرها، وتنمية أصولها، وضمان استقلالها وحيادها، والتزامها بأداء مهني، وإداري، واقتصادي رشيد.. ويحدد القانون تشكيل الهيئة، ونظام عملها، والأوضاع الوظيفية للعاملين فيها.. ويُؤخذ رأى الهيئة في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بمجال عملها.

أما المستوى الآخر الذي أثار الجدل بشأنه بخصوص تعيين وزير الإعلام فيتعلق بتداخل الاختصاصات بين الوزارة وهذه المؤسسات وهو ما بدأت بوادره عقب تعيين أسامة هيكل وزيرا للإعلام  حيث أكد مكرم محمد احمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام علي استقلال المجلس وباقي المؤسسات الملحقة به وأن الوزارة لا ولاية لها علي هذه الهيئات وهناك توقعات ايضا بالصراع حتي على مقر الوزارة والوزير والذي صار مقرا لرئيس المجلس الأعلى للإعلام واصرار مكرم علي أن يكون مكتبه هو نفس المكتب الذي كان يتخذه وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف ورفضه اي مقرات أخرى.

مزيد من فرض الهيمنة

وفي سياق تعليقه على هذا الأمر قال الأمين العام المساعد السابق للمجلس الأعلى للصحافة قطب العربي: إنه وفقا لدستور الثورة في ٢٠١٢ المعدل في ٢٠١٤م فإن الإعلام مستقل ولتحقيق هذا الاستقلال عملياً فقد نص الدستور في مادته ٢١١ على انشاء مجلس اعلي مستقل للإعلام وهيئة وطنية مستقلة للصحافة وأخري للإعلام وبالتالي إلغاء وزارة الإعلام.

وأضاف العربي في حديثه لـ “المجتمع”: صحيح ان هذه الهيئات رغم استقلالها بحكم الدستور إلا أنها تخضع لهيمنة السلطة التنفيذية ممثلة تحديداً في جناحها الأمني لكن إعادة وزارة الإعلام وإن كان في شكل وزارة دولة أي وزير بلا وزارة إلا إنه يجسد رغبة النظام في فرض المزيد من الهيمنة الحكومية على الإعلام حيث لم يكتف النظام بفرض هيمنته على المجالس القائمة سواء عند اختيار رؤسائها وأعضائها ولكن أيضاً في توجيه سياساتها وقراراتها.

وأوضح العربي: النظام يريد المزيد من الهيمنة بتعيينه وزير دولة للإعلام ليقوم بدور ضابط الايقاع بين هذه المؤسسات جميعها العاملة في مجال الإعلام لضمان انسجامها في تنفيذ سياسات القمع لحرية الإعلام وفق منظومة موحدة وقد تكون هناك رغبة للنظام في إلغاء هذه المجالس التي أفرزتها ثورة يناير والعودة لميراث الحكم العسكري بتعيين وزير للإعلام ليكون جزءا من الحكومة.

سقوط ورقة التوت

أما رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام مصطفي خضري فيرى أن عودة أسامة هيكل كوزير للإعلام خصوصاً تمثل عودة رجال الحرس القديم، ولا يمكن إخراجها عن سياقها السياسي، فاختفاء ابن السيسي من المشهد والقبض على الضابط ياسر سليم وإبعاد رجال السيسي عن إدارة الإعلام وعودة أسامة هيكل لوزارة الإعلام تعني رسالة واضحة وصريحة وهي عودة المجلس العسكري للإمساك بزمام الأمور مرة أخرى.

وعلى هذا فالمجلس الأعلى للإعلام لن يكون له دور في المرحلة القادمة وعليه تكون ورقة التوت قد سقطت عن عورة هذا النظام، ولم يتبق للمصريين من ريح يناير إلا الذكرى.

وأكد خضري في حديثه لـ “المجتمع” أن المجلس الأعلى للإعلام لم يكن؛ أكثر من اسم براق يخفي ورائه نفس السياسات القمعية لنظام ما بعد ٢٠١٣م، فقد استولى نظام السيسي في عهد هذا المجلس على كل وسائل الإعلام المحلية وأعاد بثها بما يوافق رؤيته وسياساته وتوجهاته وعليه يمكن القول لقد انتهت حرية الإعلام منذ أحداث يوليو ٢٠١٣م، وسواء عادت وزارة الإعلام أو لم تعد فالأمر متعلق بالقرار السيادي الذي يضع قيوداً مشددة على كل ما يخص حرية ابداء الرأي.

تهديد شديد لحرية الاعلام

اما الإعلامي والباحث بالمركز المصري للدراسات مصطفي إبراهيم فيرى أن عودة وزارة الإعلام بالمخالفة لدستور 2014م يعد تهديداً شديداً بحرية الإعلام والصحافة في مصر، ويمثل عودة إلى عهد سيطرة السلطة الحاكمة على الإعلام، مندداً بما يعاني منه العمل الإعلامي حالياً من التضييق وخنق الأصوات وتهديد المعارضين في وتهميش المخالفين لسياسة النظام الحاكم.

وحذر إبراهيم في حديثه لـ ” المجتمع” من أن تكون عودة وزارة الإعلام بالمخالفة للدستور الحالي تمهيداً لإلغاء المجلس الأعلى للإعلام واحتكار الدولة والنظام الحاكم للعمل الإعلامي، أو السير في المزيد من كبت الحريات وخنق الأصوات المعارضة أو حتى المختلفة من داخل أجنحة النظام.

كما نبه إلى وقوع تضارب وتداخل في الاختصاصات بين الوزارة الجديدة وبين المجلس الأعلى للإعلام الذي من المفترض أن يكون هو المنوط به وحده إدارة وتسيير العمل الإعلامي وضبط عمل وسائل الإعلام.

Exit mobile version