– العطار: عام كارثي بكل المقاييس
– حسن: لا يوجد حقوق إنسان في مصر
– أشرف: الوضع الحقوقي من سيئ إلى أسوأ
أكد عدد من الحقوقيين تراجع ملف حقوق الإنسان بمصر خلال العام 2019م، مؤكدين أن هذا العام شهد زيادة في أعداد أحكام الإعدام أو أعداد المعتقلين، فضلاً عن الإخفاء القسري والإهمال الطبي بالسجون الذي راح ضحيته العديد من السجناء وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد مرسي.
وطالبوا، في تصريحات لـ”المجتمع”، بضرورة وضع حد لهذه الانتهاكات، واتخاذ خطوات عملية لوقف ما يجري الذي سجله العالم من خلال مئات الملاحظات على الملف المصري في المراجعة التي تمت بالأمم من المتحدة، في نوفمبر الماضي، مشيرين إلى أن الانتهاكات طالت أيضاً الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
2019 الأسوأ
وكانت عدة منظمات حقوقية وحقوقيون وصفوا عام 2019م بأنه الأسوأ في مصر منذ أحداث العنف في يوليو 2013م، وعدم المساءلة أو المحاسبة، وما شهده ملف الاعتقالات من تزايد كبير خاصة بعد أحداث 20 سبتمبر الماضي والمظاهرات التي جرت رفضاً للسلطات الحالية.
وقال مسؤولون في هذه المنظمات: إن عام 2019م ينتهي وقد مرت حالة حقوق الإنسان بمصر بنقاط فارقة؛ بداية بإعدام 15 شخصاً في قضايا سياسية مختلفة، مروراً بقتل الرئيس الراحل محمد مرسي، ثم وأد المرضى بالسجون، انتهاء بحملة اعتقالات طالت كافة التيارات والتخصصات خاصة الصحفيين.
وأضاف المسؤولون أن عدد المعتقلين في مصر ربما اقترب من مائة ألف معتقل، مستندين إلى بيان رسمي صادر عن الحكومة في عام 2016م، قال: إن عدد الأشخاص المحتجزين في سجون مصر من المعارضين السياسيين يقدر بأكثر من 65 ألف شخص، مؤكدين أن ما تم اعتقالهم بعد هذا التاريخ تزايد بشكل كبير خاصة بعد مظاهرات سبتمبر الماضي؛ أما بخصوص العدد الإجمالي للنساء المحتجزات فقد بلغ 154 امرأة محبوسة حالياً في السجون.
وحول حكم الإعدام، فقد حكم على الكثير من الناس، وخاصة الشباب، وبالفعل تم تنفيذ حوالي 60 من عمليات الإعدام دون إبلاغ عائلاتهم، حيث تستمر عمليات الإعدام القاسية هذه دون أن يكون العالم على دراية بها، آخرها كان إعدام 3 شبان في 7 ديسمبر الجاري.
تردٍّ على كافة المستويات
وفي سياق تعليقها على هذا الأمر، قالت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، هبة حسن: للأسف الشديد، في مصر لا توجد حقوق ولا قيمة للإنسان الآن، حيث تشهد مصر تردياً غير مسبوق في أحوال حقوق الإنسان في كل جوانبها، بدءاً من الحق في الحياة، مروراً بالحقوق المعيشية اليومية من سكن ومأكل ومشرب وتعليم ورعاية صحية، وصولاً للحق في الحرية والتعبير عن الرأي وكرامة الإنسان وجسده وصحته النفسية.
وأضافت حسن، في تصريحات لـ”للمجتمع”، قائلة: إن ملف حقوق الإنسان ربما أوسع كثيراً مما قد يناقشه البعض، فبينما التردي الواضح والكبير في مجال حق الحرية والتعبير عن الرأي وحقوق التقاضي وما يمارس من قمع وانتهاكات ضخمة تجاه شرائح المجتمع كلها التي لم يعد ينجو منها أحد، هناك تردٍّ يشمل القتل على الهوية وخارج القانون أو أحياناً بتصريح من قانون أصبح يتحكم فيه النظام بلا عدالة أو محاكمات بها أقل قدر من حقوق التقاضي والدفاع للمتهم.
وأشارت إلى الاعتقالات العشوائية والمتعمدة ضد كل من يفكر ولو لحظة أن له حرية أو حقاً كإنسان، وما يتبعه من إخفاء قسري أصبح منهجية ثابتة، وما يتخلله من تعذيب وإهانة وقهر واعتقال بدون أدنى مقومات الآدمية والرعاية، فضلاً عن الإهمال الطبي الذي يذهب بأرواح العشرات وإهانة النساء والأطفال بلا رحمة.
وأكدت المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية أن هذه الصور تمثل جانباً من حقوق الإنسان، بينما هناك جوانب أكبر وربما لها نفس قدر من الخطورة على البلد ووضعه، بل ومستقبله؛ وهي حق المواطنة وغياب العدالة الاجتماعية وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للشريحة الأكبر من المصريين لصالح شريحة صغيرة، وما يشمله ذلك من فساد ونهب لمقدرات البلد وإهدارها أمام قصور في الخدمات العامة، لافتة إلى أن الوضع المصري يحتاج لجهد مضاعف لوقف هذا النزيف.
الانتهاكات طالت الحق في الحياة
أما الباحث الحقوقي أحمد العطار فيقول: يأتي هذا العام ويشهد ملف مصر لحقوق الإنسان تدهوراً كبيراً ازداد قسوة ووحشية عن الأعوام السابقة، في ظل تجاهل السلطات المصرية الانتقادات التي أصدرتها المنظمات المصرية والدولية والأممية التي أدت مؤخراً إلى إصدار أكثر من 370 توصية تتعلق بالانتهاكات والإجراءات القمعية التي تقوم بها السلطات المصرية بأجهزتها المختلفة سواء التنفيذية والنيابية أو القضائية بحق المواطنين عامة والمعتقلين خاصة.
ويضيف الباحث الحقوقي، في تصريحات لـ”المجتمع”: والمتابع للملف المصري يدرك جيداً الحجم الكارثي لهذا الملف من حيث زيادة أعداد المعتقلين وعمليات التعذيب الممنهجة والتنكيل بالمعتقلين، وارتفاع أعداد الذين ماتوا من آثار الإهمال الطبي المتعمد والممنهج، وزيادة أعداد الشكاوى من الانتهاكات بسجون مصر المختلفة، وارتفاع وتيرة عمليات الاختفاء القسري لتشمل فئات عمرية ومهنية مختلفة، في ظل سخط عام بعدم وجود محاسبة قانونية فعالة للذين يقومون بهذه الانتهاكات.
وأشار العطار إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المهدرة التي أصابت الحياة في مصر بمقتل، ورأينا ذلك بزيادة حالات الانتحار التي انتشرت مؤخراً؛ بسبب الضغوط الاقتصادية وزيادة حالة الفساد والفقر لمستويات غير مسبوقة، والإحباط لدى الكثير من المواطنين المصريين في ظل شعور عام بضعف الأمل في تحسن تلك الحقوق.
من سيئ إلى أسوأ
ومن جانبها، قالت مسؤولة الملف المصري في منظمة “هيومن رايتس مونيتور”، سلمى أشرف: كل عام يمضي يسير الوضع من سيئ إلى أسوأ في ملف حقوق الإنسان؛ لم تتحسن الأمور مطلقاً، بل زادت حدة الاعتقالات، وزاد القتل بالإهمال الطبي الذي حصد أرواح المئات من المعتقلين داخل السجون، مشيرة إلى أن زيادة الانتهاكات على الأصعدة كافة أدت إلى انتقاد مصر دولياً خلال الاستعراض الدوري الشامل لها لدى الأمم المتحدة، ونقلت أكبر كمية من التوصيات الممكنة وهو ما يؤكد بشاعة الانتهاكات التي تحدث في مصر.
وأشارت أشرف في تصريحات صحفية إلى أن مسلسل القتل اليومي في مصر مستمر سواء في سيناء، أو في السجون، أو تحت التعذيب، حتى إن أعداد النساء المحبوسات زادت عن 150 يعانين من الإهمال الطبي، ويحرمن من حقوقهن كافة، من بينهن حقوقيات بارزات وأمهات وأبناء قيادات سياسية، زج بهن في السجن انتقاماً من عائلاتهن كعائشة الشاطر، وعلا القرضاوي، وهدى عبدالمنعم، وآية علاء، وإسراء عبدالفتاح وغيرهن كثر.