بعد شرعنة أمريكا للمستوطنات.. ماذا تبقى من فلسطين التاريخية؟

– الصهاينة يسيطرون على 88% من فلسطين التاريخية وأهلها على 12%!

– إعلان بومبيو يفرض واقعاً جديداً يتلاشى معه حلم إقامة دولة فلسطينية

– نتنياهو: نحن لسنا في أرض غريبة بل هي أرضنا منذ 3000 عام

– الوجود الفلسطيني في القدس بات رمزياً حيث لا يتاح للفلسطينيين العيش والبناء

 

جاءت شرعنة الخارجية الأمريكية للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة بالاعتراف بها والزعم أنها “لا تمثل انتهاكًا للقانون الدولي” ليزيد من تقليص مساحة فلسطين التاريخية التي يسيطر عليها فعلياً الفلسطينيون إلى 12%، ويزيد من السيطرة الصهيونية على 88% من أرض فلسطين.

بل إن القرار الأمريكي سيجعل أي جرائم تقع في هذه الأرضي الفلسطينية من قبل سلطات الاحتلال لا تعتبر “جرائم حرب”، بحسب اتفاقية جنيف الرابعة، بعدما أصبحت باعتراف أمريكي جزءاً من الدولة الصهيونية، وأي استهداف لمستوطنيها يعني استهدفاً للدولة الصهيونية، وعدم تطبيق أي قانون سوي الصهيوني هناك.

ويفرض إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو اعتبار بلاده المستوطنات الإسرائيلية شرعية وغير مخالفة للقانون الدولي، وقبل ذلك في 6 ديسمبر 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال، يفرض واقعاً جديداً يتلاشى معه حلم إقامة دولة فلسطينية حتى لو كانت “مبعثرة” وغير متصلة الأطراف.

إذ سبق هذا اعتراف الحكم اليميني الديني المتطرف لجوقة ترمب بالقدس عاصمة للدولة الصهيونية، والجولان السورية كجزء من دولة الاحتلال، ليعني أن الولايات المتحدة لم تعد تعترف بشيء اسمه “فلسطين” من الأساس، وتتويج للمشروع الصهيوني.

وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو: إن الولايات المتحدة لا تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة من الضفة الغربية انتهاكًا للقانون الدولي؛ ما يمثل تراجعًا عن السياسة الأمريكية طوال العقود الماضية، والمستندة إلى مذكرة قانونية صدرت من الخارجية الأمريكية عام 1978 وصفت المستوطنات بأنها “لا تتفق والقانون الدولي”.

وفي سياق تبريره لإعطاء صك السرقة للصهاينة لمزيد من أرض فلسطين، قال بومبيو: إن مذكرة عام 1978 “لم تساعد على إحراز تقدم في قضية السلام”، وزعم أن قراره شرعنه استيلاء المستوطنات على أرض فلسطين “سيعطي فرصة أكبر للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين على وضع المستوطنات في المستقبل”!

وبالطبع شكره نتنياهو وزعم في بيان صحفي: “نحن لسنا في أرض غريبة، بل هي أرضنا منذ 3000 عام، وسميناها (الضفة) باسم يهودا، لأننا أتينا من هذه الأرض يهودا والسامرة (الاسم العبري للضفة الغربية)”!

176 مستوطنة باتت شرعية “أمريكياً”

وبرغم عدم اعتراف العالم بالقرار الأمريكي، فقد أقر “إعلان بومبيو” شرعية 176 مستوطنة يسكنها قرابة 670 ألف مستوطن، وباتت جزءاً من “إسرائيل” المزعومة، وفق السياسة الأمريكية.

وهو ما يعني أن ما مساحته 3458 كيلومتراً مربعاً من أراضي الضفة البالغة 5664 كيلومتراً مربعاً مصنفة كمنطقة “ج”، وفق اتفاقية أوسلو، باتت تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة واعتراف أمريكي.

وأن 78% من الأراضي “ج” التي جرى استهدافها بإجراءات الاحتلال العسكرية والاستيطانية، قيدت صلاحيات السلطة الفلسطينية على 3332 كيلومتراً مربعاً فقط (2967 كيلومتراً في الضفة، و365 كيلومتراً في غزة)، أي نحو 12% من مساحة فلسطين التاريخية البالغة نحو 27 ألف كيلومتر مربع.

خارطة فلسطين تبلغ مساحتها أكثر من 27 ألف كم2، وتشكل الضفة الغربية وقطاع غزة جزءاً قليلاً من هذه المساحة؛ أي حوالي 22% بما يعادل 6000 كم2، وتشكل الضفة الغربية الجزء الأكبر من هذه المساحة، أي حوالي 5635 كم2، في حين تبلغ مساحة قطاع غزة 365 كم2.

وقد التهم العدو المغتصب ما نسبته 56% ما بين عام 1920م منذ مؤتمر “سان ريمو” اللعين الذي فرض الانتداب البريطاني على فلسطين الذي سمح لليهود بالهجرة إلى فلسطين تنفيذاً لـ”وعد بلفور” الصادر عام 1917م، وحتى عام 1948م (عام انتهاء فترة الانتداب البريطاني التي دامت 28 عاماً).

وهو نفس العام الذي أعلن فيه القرار (181) الصادر من منظمة الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين الذي أعطى للشعب العربي الفلسطيني ما نسبته 43% من مساحة فلسطين التاريخية، وأما الـ1% المتبقية فهي طبقاً لهذا القرار (مساحة القدس) التي وضعت تحت إشراف الأمم المتحدة.

ثم جاءت نكبة حرب 1948م بعد فشل الجيوش العربية في طرد العصابات الصهيونية وتحرير فلسطين لتؤدي لانتزاع القدس واحتلال أجزاء من الضفة الغربية وغزة، فلم يتبق سوى حوالي 22.6%من كل فلسطين.

وجاءت النكسة الكبرى عام 1967م باحتلال كل من الضفة الغربية وغزة وضاعت كل فلسطين، وجاء القرار (242) الصادر من مجلس الأمن يطالب “إسرائيل” بالانسحاب الكامل من جميع الأراضي التي احتلتها في 5 يونيو 1967م؛ أي من 22.6% من مساحة فلسطين التاريخية فقط!

وتتابعت الأحداث وازدادت المؤامرات التي شجعت هذا الكيان على قضم مزيد من الأرض وبناء المستوطنات الصهيونية على ما تبقى من فلسطين (22.6%)، حتى وصلت إلى سيطرة الصهاينة على 88% من فلسطين وبقي 12% للفلسطينيين في الضفة وغزة.

ولا يختلف الأمر كثيراً في القدس، التي اعترف ترمب بها عاصمة للصهاينة، فقد بات الوجود الفلسطيني في المدينة رمزياً حيث لا يتاح للفلسطينيين العيش والبناء سوى في نحو 9 كيلومترات مربعة ونصف كيلو، تشكل 13% من مساحة شرقي القدس الشرقية البالغة قرابة 72 كيلومتراً، و7.5% من مساحة شطري القدس البالغة نحو 126 كيلومتراً مربعاً.

12 قراراً لـترمب تصفي القضية الفلسطينية

وبموجب هذا القرار تكون الإدارة الأمريكية أصدرت 12 قراراً تشكل خطراً حقيقياً على القضية الفلسطينية، لمساسها بالملفات الأساسية كـ”القدس” و”اللاجئين”.

بخلاف قرار الاعتراف بالمستوطنات رقم (12)، هناك 11 قراراً آخر اتخذتها إدارة ترمب ضد القضية الفلسطينية على النحو التالي:

1- الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”:

في 6 ديسمبر 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسمياً اعتراف إدارته بالقدس المحتلة عاصمة لـ”إسرائيل”، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة لاقت إدانات وانتقادات عربية ودولية وإسلامية.

ووجه ترمب في خطابه وزارة الخارجية إلى البدء بعملية نقل السفارة إلى القدس، لتكون أول سفارة بالمدينة المحتلة.

ومنذ إقرار الكونجرس الأمريكي عام 1995 قانوناً بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، دأب الرؤساء الأمريكيون على تأجيل التصديق على هذه الخطوة لمدة 6 أشهر، وهو التقليد الذي أنهاه ترمب.

2- تقليص المساعدات لـ”أونروا”:

في 16 يناير 2018، بدأت واشنطن تقليص مساعداتها لـ”وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (أونروا)، حيث جمّدت نحو 300 مليون دولار من أصل مساعدتها لوكالة “أونروا” والبالغة حوالي 365 مليون دولار.

وتسبب ذلك الإجراء بمفاقمة الأزمة المالية التي كانت تعانيها وكالة “أونروا” أصلاً، ما تسبب في اتخاذ إدارة الوكالة عدة قرارات أدت إلى تقليص خدماتها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

واعتبرت “أونروا” هذه الأزمة المالية بفعل تقليصات واشنطن لدعمها هي “الأكبر في تاريخها”.

وتأسست “أونروا” بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949 لتقديم المساعدة والحماية لحوالي 5 ملايين لاجئ فلسطيني في مناطق عملياتها الخمس، وهي الأردن، وسورية، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.

3- نقل السفارة إلى القدس:

بعد نحو 5 أشهر من قرار واشنطن الأول، الاعتراف بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل”، نقلت سفارتها فعلياً من تل أبيب إلى المدينة في 14 مايو 2018.

وقال ترمب في خطاب لاحق: إن نقل سفارة بلاده إلى القدس “يزيح ملف القدس من أي مفاوضات (فلسطينية – إسرائيلية)”.

4- قطع كامل المساعدات عن “أونروا”:

بعد أشهر من قرار تقليص المساعدات، قررت الإدارة الأمريكية في 3 أغسطس 2018، قطع كافة مساعداتها المالية لوكالة “أونروا”، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، أن واشنطن قررت عدم تقديم المزيد من المساهمات لـ”أونروا” بعد الآن.

وقد كشفت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، في 4 من أغسطس 2018، أن إدارة ترمب بدعم من صهره ومستشاره جاريد كوشنر، وأعضاء في الكونجرس، يعملون على إنهاء وضعية “لاجئ” لملايين الفلسطينيين، من أجل وقف عمل “وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين” (أونروا)؛ بهدف “إزاحة هذه القضية عن الطاولة في أي مفاوضات محتملة بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.

5- قطع كامل المساعدات للسلطة الفلسطينية:

في 2 أغسطس 2018، قال رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، في تصريحات خلال مؤتمر صحفي بمدينة رام الله: إن الإدارة الأمريكية قررت وقف كل المساعدات المقدمة للفلسطينيين.

ويشمل ذلك القرار “المساعدات المباشرة للخزينة وغير المباشرة، التي تأتي لصالح مشاريع بنية تحتية ومشاريع تنموية”، وفق الحمد الله.

وأصدر البيت الأبيض بياناً جاء فيه، أن واشنطن أعادت توجيه أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدات اقتصادية للضفة الغربية وغزة، إلى مشاريع في أماكن أخرى حول العالم.

وحتى عام 2012، كان متوسط الدعم الأمريكي للموازنة للفلسطينيين بين 250 – 300 مليون دولار، وفق بيانات الميزانية الفلسطينية.

6- وقف دعم مستشفيات القدس:

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في 7 سبتمبر 2018، حجبها 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها مساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس، وعددها 6 مستشفيات.

وتقدم المستشفيات العاملة في القدس الشرقية خدمات طبية للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة وبعض الخدمات الطبية المتوافرة في مستشفيات القدس، غير متوافرة في الضفة الغربية وقطاع غزة مثل علاج الأورام والعيون.

ومستشفيات القدس الشرقية، هي: مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية، ومستشفى الهلال الأحمر، ومستشفى سانت جون للعيون، ومؤسسة الأميرة بسمة، ومستشفى مار يوسف (شهرته الفرنسي) ومستشفى الأوغستا فكتوريا – المطلع.

7- إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية:

أعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، في 10 سبتمبر 2018، أن الإدارة الأمريكية أبلغتهم رسمياً بقرارها إغلاق مكتب المنظمة في واشنطن.

وكشفت الصحيفة الأمريكية “وول ستريت جورنال”، أن إدارة ترمب تعتزم إغلاق مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأن الولايات المتحدة ستقف دائماً مع صديقتها وحليفتها “إسرائيل”، وأن المكتب (بعثة منظمة التحرير) لن يبقى مفتوحاً طالما يواصل الفلسطينيون رفض البدء بمفاوضات مباشرة مع “إسرائيل”.

8- إغلاق الحسابات المصرفية للمنظمة بواشنطن:

أغلقت الولايات المتحدة الأمريكية، في 10 سبتمبر 2018، الحسابات المصرفية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وجاء ذلك في نفس اليوم الذي أصدرت فيه الإدارة الأمريكية قراراً بإغلاق مكتب المنظمة بواشنطن.

9- اقتطاع 10 ملايين دولار من تمويل برامج شبابية:

في 15 سبتمبر 2018، قررت الإدارة الأمريكية وقف تمويل برامج شبابية فلسطينية – إسرائيلية مشتركة بقيمة 10 ملايين دولار، وألمح جيسون غرينبلات مساعد الرئيس الأمريكي، في تغريده على حسابه في “تويتر” آنذاك، “أن القرار يأتي في سياق الضغط على الفلسطينيين”.

10- طرد السفير الفلسطيني من واشنطن:

قررت الإدارة الأمريكية، في 16 سبتمبر 2018، طرد السفير الفلسطيني لديها حسام زملط وشمل قرار إلغاء الإقامات شمل أيضا أفراد أسرة السفير، وبينهم أطفاله.

ووصفت المنظمة ذلك القرار بـ”السلوك الانتقامي الذي يعكس ما وصلت إليه الإدارة الأمريكية من حقد على فلسطين قيادة وشعباً”.

11- دمج القنصلية الأمريكية مع السفارة بالقدس:

قررت الإدارة الأمريكية، في 18 أكتوبر 2018، دمج قنصليتها العامة في القدس المحتلة التي تعتبر قناة للتواصل مع الفلسطينيين، مع سفارتها بالمدينة (قناة التواصل مع الإسرائيليين).

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، في بيان: إن “الهدف من دمج القنصلية بالسفارة هو لزيادة التأثير والكفاءة الأمريكية، وليكون هناك هدف دبلوماسي أمريكي واحد”، وزعمت: “لا يعتبر ذلك تغييراً بالسياسة الأمريكية تجاه مدينة القدس أو الضفة الغربية أو قطاع غزة”.

Exit mobile version