مقترح بمد فترة البرلمان المصري.. قلق من الانتخابات أم اضطراب تشريعي؟

رأى مراقبون أن هناك اتجاهاً داخل السلطة بمصر للتمديد لفترة البرلمان الحالي، لهدف مشابه لما جرى عليه الأمر حينما تم تمديد فترة رئاسة عبد الفتاح السيسي الثانية، فاكتسب بموجب تعديلات دستورية أجريت مؤخراً عامين إضافيين لفترته التي كان يفترض أن تنتهي في 2022.

 ويرجح هؤلاء أن يكون الهدف إبقاء مؤسسات النظام لأكبر فترة ممكنة تفادياً لإجراء الانتخابات في ظروف غير مضمونة النتائج، وفي ظل قلق عام من حالة عدم استقرار سياسي، وهو ما يدفع لإجراء الانتخابات بنظام القائمة المغلقة المطلقة، ضماناً لإخراج نتائجها بشكل محكم تضمن به السلطة التشكيل المطلوب من الأعضاء المقربين منها.

لكن مصادر برلمانية أكدت أن دراسة مد فترة البرلمان المقترحة لا تعدو كونها نتاج ارتباك تشريعي تسبب فيه إقرار الدستور قبل انتخابات مجلس النواب، إذ حدد الدستور مدة الفصل التشريعي بخمسة سنوات كاملة، كما حدد بداية كل دور انعقاد من عمر البرلمان قبل أول خميس من شهر أكتوبر.

ووفق هذا المسار، كان من المفترض أن يبدأ البرلمان أول جلسة له في بداية أكتوبر من العام 2015 لتسير مواعيد انتهاء أدوار الانعقاد بالتوازي مع موعد انتهاء الفصل التشريعي، ولكن حكم المحكمة الدستورية ببطلان قانون تقسيم الدوائر أجل إجراء الانتخابات من شهر مارس وحتى أكتوبر ونوفمبر.

دراسة التمديد

وقال رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب بهاء الدين أبوشقة، إن المجلس سيبحث موعد انتهاء مدته الدستورية، في ضوء أن مدة المجلس خمسة سنوات بدأها يوم 10 يناير 2016 وهذا يعني أن مدة الخمس سنوات تنتهي في 9 يناير 2021.

وتابع أبوشقة في تصريحات صحفية لمحررين برلمانيين، أن مدة خمس السنوات هي نص دستوري يحتاج إلى بحث،  لتفسير دقيق وواضح للنص الدستوري القائل بإن دور الانعقاد يبدأ في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر، وينتهي في نهاية شهر يونيو، وهذه المسائل تحتاج إلى دراستها من الناحية الدستورية لكي تكون أمام وضع يتفق مع النص الدستوري.

وطرح أبو شقة الإشكالية في تساؤل مفاده: هل استمرار المجلس للأسبوع الأول من شهر أكتوبر التالي لانتهاء دور الانعقاد المقرر له شهر يونيو نعتبره دور انعقاد سادسًا أم مدًا للدور الخامس؟

باطل أساسا

وأكد البرلماني في مجلس الشوري السابق طاهر عبد المحسن أنه من العبث مناقشة مشروعية التمديد لبرلمان “باطل أساساً”، موضحاً أن هدف مثل هذه التحركات هو إضفاء شرعية على برلمان ساقط وباطل.

 وقال عبد المحسن في حديث للمجتمع إن الأصل وفقا لقواعد الشرعية والمشروعية أن يعبر البرلمان عن الإرادة الشعبية للناخبين، وعبر عملية انتخابية تنافسية شريفة ونزيهة، تكفل للجميع المشاركة سواء كانوا مرشحين أو ناخبين، وهو ما لم يحدث مما  يجعله برلمانا “بلا قيمة”.

وتابع المتحدث -وكان وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى-  أن هذا البرلمان “مصنوع” في أقبية أجهزة الأمن ويدار من خلالها، وعزوف الناخبين عن خوض الانتخابات التي أفضت إليه، يعكس نظرة المصريين له، كبرلمان “شكلي”، وهناك تيار سياسي جارف مُنع من خوض هذه الانتخابات.

 كما أن مؤسسات الرقابة الدولية نفسها انتقدت طريقة إخراج الانتخابات، لذا بات هذا البرلمان “بدون دور رقابي”، في رأيه، فالسلطة التنفيذية “تغولت” عليه، وأصبحت القوانين “أداة” في يد السلطة لـ”الترهيب والتغريب” و”لا مشرع حقيقيا هناك”.

سباق مع الزمن

وتبدو السلطة في سباق مع الزمن للانتهاء من عدد من القوانين المهمة قبل انتهاء الفترة الحالية للبرلمان والانتخابات المقبلة للبرلمان، وهو ما يمكن أن يفسر السعي لمد فترته، برأي مراقبين، في ظل طبيعة الانعقاد الأخير للبرلمان التي يغلب عليها غياب معظم النواب عن الجلسات التي تتطلب حضورهم وتصويتهم بأغلبية الثلثين، وذلك لانشغالهم في دوائرهم للتحضير للانتخابات.

وفي تصريحات صحفية قال المتحدث باسم البرلمان صلاح حسب الله إن هناك عدداً من قوانين الانتخابات اللازمة لغرفتى البرلمان (النواب، والشيوخ)، وقانون المحليات، ليس هناك “رفاهية” الاختيار فى تأجيل بعضها؛ فانتهاء هذا الدور يعنى “كلمة النهاية” لبرلمان 2015 وبالتالي لا بد من الانتهاء من عدة تشريعات مكملة للدستور.

وهناك اعتقاد لدى مختصين بشئون البرلمان بأن الدورة الحالية للبرلمان لن تنتهي دون اطمئنان السلطة على إجراءات إحكام السيطرة على مسار الانتخابات المقبلة عبر إقرار نظام القائمة المطلقة.

وحذر البرلماني المعارض أحمد طنطاوي من إجراءات ضارة سياسيا يمكن أن يتخذها البرلمان من شأنها فقدان ثقة المواطنين في البرلمان كمؤسسة ينتظر منها أن توصل صوته ومطالبه للمسئولين، ومن هذه الإجراءات الأخذ بالقائمة المغلقة المطلقة في الانتخابات المقبلة؛ لأنها “نظام فاشل” على حد وصفه، مؤكداً في فيديو بثه على قناته الرسمية على موقع يوتيوب أن الأفضل هو القائمة النسبية أو النظام الفردي، وهو ما يطالب به برلمانيون في جلسات مناقشة القوانين منعاً لهيمنة السلطة على البرلمان المقبل.

وكان السياسي ومسئول لجنة الشباب في حملة السيسي لفترة رئاسته الأولى حازم عبد العظيم (معتقل حالياً) قد كشف في منشورات على صفحته الشخصية بالفيسبوك عن كيفية التحضير لهذا البرلمان في مقر جهاز المخابرات العامة وبحضور ضباط رسموا مسار الانتخابات واختيار الشخصيات المرغوب في وجودها فيه.

ووافق البرلمان على عدد من الاتفاقيات التي اعتبرها مراقبون كارثية ومنها اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية التي تنازل بموجبها عن جزيرتي تيران وصنافير، كما قصّر في مراقبة الحكومة في سعيها المتواصل للاستدانة بشكل أرهق الميزانية، في ظل إنفاق باذخ على مشروعات دون دراسة جدوى ودون حاجة عاجلة لها.

Exit mobile version