نقيب أمني يكشف وجود مخططات إرهابية ومخزن أسلحة في تونس

من المنتظر أن ينظر مجلس الأمن القومي (يشرف عليه رئيس الجمهورية، ويضم رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والدفاع وقادة الأسلاك الأمنية والعسكرية) أول اجتماع له بعد الانتخابات الرّئاسيّة، الذي من المنتظر أن يناقش مسألة قضيّة غاية في الأهمية والخطورة، تتمثل في كشف ما يعتقد أنه مخزن الإرهاب في تونس، والموجود، وفق تصريحات الضابط السابق في وحدة مكافحة الإرهاب زياد فرج الله، والضابط حالياً بالحرس الوطني التونسي، في منطقة الوردانين بالساحل التونسي، الذي أصبح قضية رأي عام، بعد انتشار فيديو للضابط المذكور عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشغلت التونسيين، إلى جانب اعتراف أحد المتهمين المعروف بـ”شوشو” حول انتشار السلاح في الوردانين.

رسالة إلى الشعب التونسي

في رسالة إلى الشعب التونسي استهلها بالدعاء: “يا رب احم هذه البلاد، يا رب أخرج هذه البلاد من هذه المحنة، يا رب انصرنا على الإرهاب”، كشف النقيب بالحرس الوطني زياد فرج الله الذي يباشر عمله حالياً في إقليم سوسة بالساحل التونسي، في شريط فيديو مصوّر، عن عمليات إرهابية يعد لها، وطلب من الجميع الاستماع إليه، مؤكداً أنه كان يعمل في الوحدة المختصة لمكافحة الإرهاب، وعبّر عن رغبته في العودة إلى العمل في تلك الوحدة لما شاهده ورآه، على حد قوله.

وأكد فرج الله أن هناك عملية تمت لتوزيع الأسلحة على الإرهابيين، وأن هناك آلاف الأرواح ستموت، وآلاف الصغار سيموتون، وستحصل كارثة في تونس، وأنه شاهد على كل ذلك، وأن حياته وحياة زوجته وصغاره أصبحت مهددة، بل ذهب إلى اعتبار أن حياة تونس كلها –بتعبيره- أصبحت مهددة، بعد أن اكتشف ما خطط ويخطط له البعض من عمليات إرهابية، وذلك بالقرائن والحجج والدلائل وبالتسجيلات الصوتية وبالصور وبالمحجوزات وبكل شيء، حسب الشريط المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.

جلسات خمرية

وتحدث الضابط عن كيفية اكتشافه للأمر الذي وصفه بالخطير للغاية قائلاً: بقيت أتثبت وأتتبع بحكم أني ضابط، وأعرف كيف أتابع الإرهاب، وأنه سمع بوجود سلاح مدفون في الوردانين، ومخازن سلاح فيها، وهناك من تاجر في السلاح في الوردانين، وهناك من تحدث في جلسات خمرية وجلسات أدوية؛ فاتخذت قراراً بالتحري في الموضوع، وبعد التحري عثرت على مصيبة كبرى يا رب أخرجنا منها سالمين.

توزيع السلاح

وذكر بأن السلاح سيوزّع على المجرمين، ويريدون القيام بفوضى في البلاد، ويريدون القيام بعملية إرهابية وإلصاقها بي، وأنه كان في عام 2013 ضمن الوحدة المختصة لمحاربة الإرهاب، وكان يومها في الجبل، وأنهم لم يستطيعوا مواجهته في الجبل، أرسلوا أخاه إلى سورية بعد عملية غسيل دماغ تعرض لها، وتابع: أخرجت على إثرها من الوحدة المختصة لمكافحة الإرهاب، وعندما اكتشفت شبكة التسفير إلى بؤر التوتر التي أسقطت أخي في حبائلها عرفت من هم الإرهابيين، وهناك شخص ضمنها مستوى سادسة ابتدائي قام معهم بالمهمة وقد قاموا بإخفائهم ولا أثر لهم منذ أيام.

وعبّر عن ثقته في الجيش التونسي وفي الشرفاء داخل الحرس والشرطة التونسيين في وقف حمام الدم الذي يعد له البعض، ووصف من يقف وراء ذلك بأنهم “تجار أوطان وتجار دم، لا دين لا ملّة، لن يرحموا أحداً”، وأعرب عن أمله في أن يصل صوته لمن يهمه الأمر، وأكبر عدد ممكن من الشعب، وطالب بتوزيع الفيديو لأن البلاد في خطر، وأن الهدف الذي يرنو إليه شخوص الدولة العميقة “هو قمع إرادة الشعب وسلب إرادتكم ومصادرة حرياتكم وإزاحة رئيسكم وسينقلبون عليكم وسيقتلون الآلاف”.

أمنيون متورطون

أحد المتهمين ويدعى يوسف بن سالم من الوردانين، رد على فيديو النقيب فرج الله، موجهاً كلامه لوزارة الداخلية، ومؤكداً أن جانباً كبيراً من حديث النقيب صحيح، وأنه ليس إرهابياً، وأن الصور التي التقطت له وهو مدجج بالسلاح والرصاص اتخذت له في ليبيا، وكان معه شخص لم يسمه، وأنه غير محجّر عليه السفر.

وطالب أهالي الوردانين بالتظاهر سلمياً، وتنظيم مسيرة وكشف الأسرار الخطيرة، وأن هناك أمنيين متورطين، وهدد بفضح من أراد أن يضحي به، حسب قوله، ولديه فيديوهات تكشف شركاءه، وكرّر ما ذكره النقيب في الأمن بأن أطفالهم في خطر، دون أن يوضح طبيعة الخطر، وأقسم أنّ ما قاله النقيب بن فرج صحيح، وأن الدولة في خطر، وتونس في خطر، وعبّر عن تعاطفه مع النقيب فرج الله.

فتح تحقيق

وقال الناطق الرسمي باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس سفيان السليطي، أول أمس الإثنين: إن النيابة العمومية بالقطب أذنت بفتح بحث تحقيقي بخصوص ما نشره نقيب أمني نهاية السبت الماضي، حول وجود مخططات إرهابية، والكشف عن مخزن أسلحة بالوردانين من ولاية المنستير، وأنه تم تكليف أحد قضاة التحقيق بالقطب بهذا الملف.

وكان السليطي قد أكد، في تصريحات إعلامية سابقة، أن ما جاء في الفيديو الذي نشره نقيب أمني رفقة شخصين آخرين على مواقع التواصل الاجتماعي لا أساس له من الصحة، ومعطيات زائفة من شأنها تعكير صفو الأمن العام، إلا أن استدراكه وتراجعه أكد أن الأمر جلل.

إلى ذلك، دعا الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، في تدوينة له عبر “فيسبوك”، إلى ضرورة انعقاد مجلس الأمن القومي بصفة عاجلة واتخاذ القرارات اللازمة بشأن ما نشره النقيب زياد فرج الله على موقع التواصل الاجتماعي.

مجانبة الحقيقة

كما سينتظر أن تغيّر وزارة الداخلية التونسية من رد فعلها الأول، حيث أوردت، في بيان لها، يوم الجمعة الماضي، أن التصريحات التي أدلى بها أحد منتسبي الإدارة العامة للحرس الوطني، التي تفيد بكشفه لمخزن أسلحة بمنطقة الوردانيين (ولاية المنستير) ووجود مخططات إرهابية، هي تصريحات مجانبة للحقيقة، وأن هذا الأمني لا ينتمي إلى اختصاصات مكافحة الإرهاب أو الوحدة المختصة للحرس الوطني، ويتمتع حالياً بإجازة مرضية، مشيرة إلى أنه تم الاستماع له من قبل الإدارة على خلفية تصريحات سابقة، وتم فتح بحث إداري في الغرض.

تحري الحقيقة

في حين قال الخبير الأمني والقيادي بائتلاف الكرامة د. يسري الدالي: على النيابة العمومية التحري والبحث حول الأخبار والمعلومات التي نشرها النقيب بالحرس الوطني في إقليم سوسة زياد فرج الله، والمتعلقة بالعثور على مخازن أسلحة بمعتمدية الوردانين من ولاية المنستير، وتابع: كل ما يحدث في الوردانين ليس مجرّد زوبعة في فنجان، ولا مرضاً نفسياً ولا أوهاماً، هو انفلات يجب على النيابة العمومية إن كانت صادقة أن تبحث فيه بفرقة خاصة تطلبها للغرض من شرفاء الأمن غير الملوّثة أيديهم بالرشى أو المرتعشين منهم، وأردف: سيكتشف التونسيّون حقيقة من حقائق التسفير والإرهاب والاغتيالات.

ويرى البعض أن تصريحات الخبير الأمني يسري الدالي أعطت بعداً جديداً للتصريحات التي أطلقها النقيب بالحرس الوطني في إقليم سوسة زياد فرج.

من جهته، أكد رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي أن الجمعية تتابع كغيرها من منظمات المجتمع المدني، وتحديداً الساحة القضائية والرأي العام، تطورات التصريحات التي أدلى بها النقيب في الحرس الوطني زياد فرج الله.

وعبّر عن ثقته في القضاء قائلاً: نحن لدينا ثقة في القضاء المستقل بعد تعهد القطب القضائي بمكافحة الإرهاب بالقضية، وتابع، في تصريحات لـ”المجتمع”: تم فتح تحقيقات في الموضوع، ونحن نتابع القضية بكل جدية ومسؤولية، وأردف: نحن على يقين بأن القطب القضائي سيولي المسألة كل اهتماماته، وهو كفيل بإجلاء الحقيقة للرأي العام؛ إذ إن القضاء المستقل لا يبالي بمراكز النفود سواء كان مالياً أو سياسياً أو غير ذلك، وسيكشف خفايا وخبايا ما يدور حول هذه المسألة دون أحكام مسبقة.

Exit mobile version