حوار مع رئيس المكتب السياسي لـ”النهضة” التونسية: نريد حكومة مسنودة سياسياً

أكد رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين العرباوي انطلاق حركة النهضة في إجراء مشاورات ونقاشات مع الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة، حول وثيقة الحكم أو برنامج الحكم، قبل الحديث عن الحكومة.

وأوضح، في تصريحات لـ”المجتمع”، أن الأحزاب المعنية بهذه النقاشات والحوارات، هي: حزب التيار الديمقراطي، وائتلاف الكرامة، وحركة الشعب، وحزب تحيا تونس، وحزب الشعب الجمهوري، إضافة إلى عقد لقاءات مع المنظمات المهنية كالاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، ومنظمات المجتمع المدني الأخرى.

اللقاء مع التيار الديمقراطي

وحول اللقاء مع التيار الديمقراطي بمقر حزب حركة النهضة، الإثنين 28 أكتوبر 2019، أفاد العرباوي بأن مجيء التيار الديمقراطي إلى مقر حزب حركة النهضة للتشاور يعتبر خطوة إيجابية، وقال: نحن نسجل بإيجابية مجيء ممثلي التيار إلى مقر حزب حركة النهضة لهذا الغرض، وكان اللقاء مهماً لأنه تناول مسألة تشكيل الحكومة واستحقاقات المرحلة بعد الانتخابات.

وتابع: كان هناك حديث حول هوية رئيس الحكومة، ولم نحقق تقدماً كبيراً في هذا الاتجاه، وقد تم تسليم ممثلي التيار، وهما كل من محمد عبو، وغازي الشواشي، البرنامج الذي أعددته النهضة للدراسة والنقاش والتشاور، أو قل: وثيقة الحكم، وتواعدنا على اللقاء مرة أخرى خلال أسبوع.

وبخصوص ما إذا تطرق الطرفان للحقائب الوزارية التي يطالب بها التيار؛ وهي الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، أفاد العرباوي بأن ذلك سابق لأوانه؛ لم نتطرق لمسألة الحقائب الوزارية، نحن في حركة النهضة نؤكد أن برامج الحكم يجب أن تناقش قبل الحديث عن الحقائب الوزارية؛ أي برنامج الحكم أو وثيقة الحكم، أو العقد السياسي الذي على أساسه ستدار الدولة، وأضاف: الوثيقة التي قدمتها النهضة للتيار الديمقراطي، وستقدمها لبقية الأحزاب فيها تفاصيل ما ذكرته آنفاً، وهي قابلة للنقاش والتشاور والإضافة والتعديل، وما نطلبه من شركائنا المحتملين هو مناقشتنا في هذه المسائل للوصول إلى أرضية مشتركة حولها، وأردف: وعندما نتفق على البرنامج سيكون توزيع الحقائب بناء على النزاهة والكفاءة والمعايير الانتخابية.

رئاسة الحكومة للنهضة

وأكد العرباوي في إجابته عن سؤال بهذا الخصوص، على أن رئيس الحكومة الذي سينفذ البرنامج سيكون من النهضة، وأشار إلى أن اللقاء الذي تم مع التيار الديمقراطي هو الأول في سلسلة لقاءات تعتزم حركة النهضة إجراءها مع بقية الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة، وكشف عن لقاء آخر مع حركة الشعب، اليوم الخميس 31 أكتوبر، بمقر حزب حركة النهضة.

مشاورات شاملة

وعن المشاورات مع ائتلاف الكرامة (جزء مهم من شباب الثورة لديه 21 مقعداً بمجلس نواب الشعب التونسي)، أشار العرباوي إلى أنه تمت لقاءات مع ائتلاف الكرامة، ولكن لا توجد معه صعوبات،  ولديه مخاض داخلي نرجو أن يفضي إلى خير، ولكن الصعوبات نجدها مع آخرين.

وحول النواب المستقلين الذين لا ينتمون لأحزاب وما إذا كانت النهضة تجري معهم نقاشات وحوارات، ذكر العرباوي أن عدد المستقلين لا يتجاوز 11 نائباً، وهناك أحزاب لديها نائب أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة نواب، والنهضة تتابع الحراك داخل المستقلين والنقاشات الدائرة بينهم، ونحن نشجعهم للانضمام أو الانضواء في كتل برلمانية (الكتلة تتكون من 7 نواب فما فوق)؛ ليكون لهم وزناً معتبراً في الحياة البرلمانية والسياسية.

وأوضح بأن الكتلة لديها حقوق، والنائب المنتمي إلى كتلة له ميزات كالتواجد في مكتب المجلس والدخول في لجان المجلس النيابي، وغير ذلك، إلى جانب أن انضمام النواب إلى كتل يدعم عمل المجلس.

وذكر العرباوي أن الوثيقة ترتكز على عدة نقاط كبرى تتمثل في استكمال إرساء مؤسسات الدولة كالمحكمة الدستورية، والإصلاحات الكبرى، المتعلقة بالصناديق الاجتماعية، ومنظومة دعم الأسعار، ووضع المؤسسات العمومية، وتركيز الحكم المحلي ومكافحة الفساد وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة، إلى جانب مقاومة الفقر ودعم الفئات المهمشة ومتوسطة الدخل ومحور دفع نسق الاستثمار والنمو والتشغيل، فضلاً عن مسالة تطوير قطاعات التعليم والصحة والنقل والمرافق العمومي الأخرى.

للنهضة نصاب تشكيل الحكومة

وشدّد العرباوي على أن حزب حركة النهضة ليست لديه مشكلة في تشكيل حكومة، ولكن المشكل هو تشكيل حكومة قوية مسنودة حزبياً، بمعنى وراءها أحزاب مسؤولة تدعمها وتعضدها لتكون قابلة للحياة ولإنجاز البرنامج المتعاقدة عليه أمام الشعب، ونحن نريد حكومة مسنودة سياسياً، لديها حزام سياسي قوي، حكومة قابلة للاستمرار وقادرة على تنفيذ العقد السياسي ومواجهة التحديات المستقبلية، والدفاع عنها في البرلمان، وليس مجرد التصويت لها وتركها في العراء أو عبور النهر وتركها، وإنما الوقوف معها وتحمل تبعات الحكم إلى جانبها، فالمشكلة كما يؤكد العرباوي ليست في تشكيل الحكومة، فهي في المتناول، ولكن في دعم الحكومة ومساعدتها في النجاح بتحقيق أهداف العقد السياسي مع أحزابها.

السيناريوهات الأخرى

وحول السيناريوهات التي يتحدث عنها البعض وفق الفصل (89) من الدستور، الذي ينص على تشكيل الحكومة في غضون شهرين، فإن لم تتشكل يمنح الحزب الثاني فرصة تشكيل الحكومة، فإن عجز يعلن رئيس الجمهورية حل البرلمان وإعلان انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، قال العرباوي: هذه مخاوف يعبر عنها البعض، والحديث عن انتخابات سابقة لأوانها هذا مآل لا نريده، وفي الوقت نفسه لا نخشاه، وهو يعني فشل المحاولة الأولى في غضون شهرين، ثم الثانية في غضون شهرين آخرين، ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.

ووصف الوضع القائم بأنه سيئ للغاية، ويمكنه أن يستمر سنة أخرى، وكما قلت لا نريده ولا نخشاه، وقد يحتاج الوقت لسنة أخرى من الآن، ولذلك هناك مأزق تمثله بعض الشعارات أو بعض الاشتراطات، وهي أمور يمكن أن تفضي إلى عواقب غير محمودة.

ودعا العرباوي جميع الأطراف إلى إدراك مخاطر عدم التوافق على حكومة تعاقد سياسي، تذهب مخاوف جميع الأطراف وتحقق مطالبهم بقطع النظر عن الحقائب الوزارية، وهو مآل أقل سوءاً من السيناريوهات الأخرى حسب تدرّج الفصل (89) والمرحلة الثالثة منه بالتحديد.

وحول حزب رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد “تحيا تونس”، وما إذا كانت المشاورات ستشمله، بيّن العرباوي أن حركة النهضة لن تتشاور مع حزبين فقط، هما “الحزب الوطني الحر” (حزب لا يعترف بالثورة ولا بمخرجاتها)، وحزب “قلب تونس”، الذي يتزعمه نبيل القروي المتهم بالفساد، أما حزب “تحيا تونس” فنحن على استعداد للجلوس معه، وسيأتي دوره في ذلك.

وثمّن العرباوي العلاقة التي تجمع حزب حركة النهضة بالرئيس قيس سعيّد، وأعرب عن أمله في أن يتم تجاوز الإشكالات القائمة، وقال: ربي يوفّق تونس والتونسيين والنخب التونسية إلى الانتهاء من هذه الإشكالات كما تنتهي كل مرة بعد الخصام، إلى تفاهمات وتوافقات وإلى كلمة سواء تجنب بلادنا المآزق وتعطي البلاد والشعب حقهما، ونمضي لمعالجة قضايا البلاد والعباد الأساسية فيما يتعلق بمقاومة الفقر والفساد، وجدد منهجية التفاوض، وهي أنه سيكون البرنامج أولاً ورئيس الحكومة ثانياً والحقائب الوزارية ثالثاً، فالحركة معنية دستورياً بتسمية رئيس الحكومة، والنهضة ستقرر في هذا الموضوع في أقرب وقت ممكن إن شاء الله.

Exit mobile version