هل ستخلو مدن المستقبل من السيارات؟

مدن كثيرة أوروبية وغير أوروبية تغلق شوارعها يوماً أو أياماً كل عام أمام كل أنواع المركبات التي تملأ الهواء بدخانها القاتل في محاولة لتشجيع المواطنين على اختيار وسائل نقل أكثر اخضراراً.

وعلى الرغم من أن اليوم الخالي من السيارات ما هو إلا مجرد رمز، إلا أن مدناً مثل لندن التي انضمت أخيراً إلى مدن أخرى حول العالم تبحث عن طرق دائمة لتقليل عدد السيارات في شوارعها بشكل كبير وصلت لدرجة الاقتراح بحظر كامل للسيارات.

وقد جربت أوسلو وباريس ومونتريال مجموعة متنوعة من الطرق لحظر السيارات، فأنشأت برشلونة حفنة من “الحيل الخارقة” كجزء من خطة طموحة للحد من السيارات في 70% من شوارع المدينة، وفي بعض المدن الأمريكية يحاولون استكشاف خطط مبتكرة لتقليص عدد من السيارات بشكل كبير وتشجيع المشي والدراجات وأشكال الانتقال الأخرى.

فلماذا الجدل؟

يرى المدافعون عن المدن الخالية من السيارات أن السيارات هي آفة الحياة الحضرية الحديثة، ويقول البعض: إن السيارات تسد شوارع المدن وتضخ مواد كيميائية ضارة في الهواء، مما يؤدي إلى تلوث وضوضاء وتعريض كل من المشاة وراكبي الدراجات من حولهم للخطر.

وبسبب الطرق السريعة والشوارع ومواقف السيارات، تشغل السيارات قدراً هائلاً من المساحة التي يمكن استخدامها لخلق مساحات معيشية أكثر كفاءة ومتعة للسكان، كما يجادل البعض، ويعتبر الحد من عدد السيارات أيضًا خطوة رئيسة على الطريق لمكافحة تغير المناخ.

ويقول معارضو المناطق الخالية من السيارات: إن تلك الخطط غير واقعية، بالنظر إلى الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية وفي النقل العام، وهي ضرورية لإنجاح هذا النوع من الاستثمار، وآخرون يرون أن الأثرياء الذين لديهم ما يكفي من المال للعيش في مراكز المدينة هم المستفيدون، وليس في ذلك عدل؛ لأنه سيجعل الانتقال أكثر صعوبة ومشقة للأشخاص الأقل ثراءً الذين يقيمون في الضواحي.

وقد وقعت معظم قصص نجاح منع السيارات المبكرة في المناطق الكثيفة السكان في المدن الأوروبية القديمة التي تم تصميمها قبل وجود السيارات، مما دفع البعض إلى التساؤل عما إذا كانت فكرة منع السيارات ستنجح في المدن الحديثة التي تم تصميمها بالشكل الذي يستوعب السيارات.  

ومن المرجح أن تستغرق التغييرات الواسعة النطاق التي من شأنها أن تجعل العيش في مدينة خالية من السيارات سنوات، إن لم يكن عقودًا، حتى يتم قبولها، وفي كل خطوة، يجب أن تكون المشاعر العامة والإرادة السياسية وراء الحركة، وهو ما ثبت بالفعل أنه لا يمكن الاعتماد عليه في بعض الأماكن، وقد تحظى برشلونة بدعم لخطة “الكتل العملاقة” في الوقت الحالي، ولكن عاصمة إسبانيا، مدريد، أصبحت مؤخرًا أول مدينة أوروبية تتراجع عن إجراءات الحد من السيارات بعد انتخاب عمدتها الجديد.

أولاً: وجهات نظر دعاة إخلاء المدن من السيارات:

– تغير المناخ سوف يجبر المدن على تقليل عدد السيارات في شوارعها:

بالنسبة للمدن، يؤدي الاحترار العالمي إلى تحديين رئيسين، حيث يجب عليهم تقليل انبعاثات الكربون، وأن يصبحوا أكثر مرونة، وأكثر قدرة على مواجهة الظروف المناخية القاسية، وكلا التحديين يعني تقليل عدد المركبات الخاصة، يقول ديفيد روبرتس في “فوكس نيوز”.

– السيارات وسائل غير فعالة لنقل الأشخاص في الأماكن كثيفة السكان:

يتعارض نظام النقل المتمحور حول السيارة ببساطة مع منطق المدن الكثيفة، فحارة المرور السريع يمكن أن تنقل حوالي 3 آلاف شخص في الساعة في ظروف مثالية، بينما يستطيع مترو الأنفاق بسهولة نقل عشر أمثال هذا العدد، وهناك ما هو أفضل، كما كتب ريان كوبر في “ذا ويك”.

– السيارات مصدر قائمة طويلة من المشكلات في المدن:

السماح للأشخاص باستعمال المركبات الخاصة والركض بها في المدينة بلا ضوابط يسبب ازدحامًا مروريًا، وتأخيراً لوسائل النقل العام، وتلويثاً للهواء، وإحداثاً للضوضاء، وإهداراً للموارد العامة، وشغل مساحة ضخمة في مدن قد تكون صغيرة، هذا فضلاً عن الأشخاص الذين تقتلهم هذه السيارات، يقول ابن فايس في “آوت سايد”.

– منع السيارات سيؤدي لتحسين نوعية الحياة في المدن:

الهدف الأسمى هو إعادة الشوارع للناس، من أجل جعل المدينة أكثر ملاءمة للعيش، مارك فيسيل في “تورنتو صن”.

– من الأفضل السعي لتحقيق هذا الهدف بمدن خالية من السيارات وإن كان يبدو هدفاً غير واقعي بدلاً من الوقوف مكتوفي الأيدي أمام معاناة تلك المدن وعدم القيام بأي شيء:

ويبدو أن الوصول إلى مستقبل بلا انبعاثات ضارة أمرًا صعبًا، ولكنه ضروري، لكن استمرار محاولة جعل المدن المزدحمة أكثر ملاءمة للعيش يجب أن يصبح هدفًا عاجلاً للسياسات العامة، ومن الأفضل وضع هدف طموح بدلاً من أن نترك في هذا الغبار، افتتاحية “بلومبرج”.

ثانياً: وجهات نظر معارضي إخلاء المدن من السيارات:

– حظر السيارات غير عادل بالنسبة لذوي الدخول المنخفضة والمتوسطة:

بالنسبة للبعض، تعتبر السيارة قضية طبقية، وهذا بالنسبة لمتاخمي المناطق الحضرية وسكان ضواحي المدن والريف الذين يعتمدون على سياراتهم ولا يمكن أن يقبلوا أن يفرض عليهم التنقل بالدراجات العادية والبخارية، كما تقول “الإيكونومست”.

– ستظل البنية التحتية للسيارات موجودة حتى لو لم تكن السيارات جاهزة للاستخدام:

لكن البنية التحتية للسيارات لن تختفي فقط لأننا ندرك أننا يجب أن نقلل السيارات، يكتب إيف أندروز في “جرست”.

– لن تنجح سياسات المدن الخالية من السيارات دون استثمار كبير في أشكال النقل البديلة:

الازدحام مضيع للوقت وللجهد ومحبط بغض النظر عن المكان الذي تحاصر فيه بسبب الازدحام، ولكن مجرد حظر السيارات بقانون دون إجراء تحسينات أخرى يساوي سياسة العصا ولكن بدون الجزرة، بيتر لورانس كين في “إس إف ويكلي”.

– هناك عوائق عملية خطيرة لحظر السيارات:

لا يعد استبعاد السيارات بالكامل حلاً عملياً دائماً، ويمكن أن يجعل الحياة صعبة بالنسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى منع وصول سيارات الإسعاف وخدمات الإطفاء وشاحنات النقل، كيران سميث في “الجارديان”.

– لن تنجح خطط مدن بدون سيارات ما لم يدعمها الجمهور:

الناس قبل كل شيء يريدون أن يسمعوا ويشاركوا في تصميم التدخلات التي تؤثر عليهم بشكل مباشر، فإذا كان بإمكان الناس امتلاك الرؤية وفهم فوائد المدينة الخالية من السيارات، فلن يقف أي شيء في طريق إخلاء المدينة من السيارات، ريتشارد كينجستون، ورانسفورد آتشيمبونج في “الإندبندنت”.

 

______________________________

المصدر: the360@yahoonews.com

 

الكاتب: مايك بيبرنس.

Exit mobile version