تونس تتوجه غداً لاختيار رئيس: رجل الأعمال أم أستاذ القانون؟

رجّح محللون تونسيّون أن يشهد الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية «مفاجآت» كبيرة، فيما يتعلق بنسبة الإقبال ونتيجة التصويت، وخاصة بعد خروج المرشّح نبيل القروي من السجن، وخوضه مساء الجمعة مناظرة تلفزيونية مع منافسه قيس سعيّد، في وقت كشف فيه مراقبون عن نتائج «مسرّبة» من استطلاع للرأي تؤكد تفوّق سعيّد بفارق كبير على القروي.

وتشهد تونس، غداً الأحد، منافسة من العيار الثقيل بين الخبير الدستوري، قيس سعيّد، ورجل الأعمال، نبيل القروي، الذي خرج أخيرا من السجن، حيث يواجه تهما تتعلق بالتهرّب الضريبي وتبييض الأموال.

ويقول الباحث والمحلل السياسي د. رياض الشعيبي، بحسب «القدس العربي»: «أعتقد أن المنافسة بين نبيل القروي، وقيس سعيد انحصرت اليوم في مسألة الصورة التي كوّنها كل شخص لدى التونسيين، فقيس سعيّد يحمل صورة الثقة والصدق والنزاهة والاقتدار القانوني الضروري لإدارة الدولة، في حين أن صورة نبيل القروي هي المتهم المتهرّب من القيام بواجبه الضريبي، ويحوم حوله الكثير من الشبهات، وفي نهاية المطاف لم يعد المواطن التونسي يسأل عن البرامج والمشاريع والرؤى، بل اختزل الأمر الآن لينحصر في صورة كل مرشح ومدى قبول هذه الصورة لدى جمهور الناخبين».

ويرى الشعيبي غياب التكافؤ في الفرص بين المرشّحين «فالقروي يمتلك قناة تلفزيونية تشتغل منذ أشهر على التسويق له ولحزبه (قلب تونس)، في حين أن سعيد كان غائبا بشكل كبير جدا عن الإعلام التقليدي، ولولا الإعلام الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي، لما استطاع أن يصل إلى الجمهور. ولا أعتقد أن إيقاف نبيل القروي ساهم في عدم تكافؤ الفرص مع منافسه، كما أن خروجه من السجن أخيرا لن يغيّر كثيرا من النتيجة النهائية للانتخابات، وخاصة أن نتائج استطلاعات الرأي المسرّبة تشير إلى تقدم كبير لسعيد على القروي، كما أن حملة قيس سعيد تحوّلت إلى حملة وطنية وهناك مجموعات كثيرة تشتغل على هذه الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، فضلا عن محاولة تعبئة الشباب وتوفير وسائل النقل خلال يوم الاقتراع بهدف تمكينهم من التصويت له».

وكانت صفحات اجتماعية تداولت استطلاعات رأي «غير رسمية» أجرتها مؤسسات سبر آراء وبعض الأحزاب السياسية لقياس مدى شعبية كل مرشح، وتشير إلى أن نوايا التصويت ترجّح كفة سعيد بنسبة 70% على منافسه.

ويقول المحلل السياسي، عبد الله العبيدي: «نحن أمام مرشّح معروف جداً لدى التونسيين (القروي) وآخر غير معروف (سعيد) بدأ مسيرته السياسية في عمر الستين، حيث كان خلال سنوات طويلة رجل تعليم يواصل مسيرته بهدوء وهو في كنف الاحتشام والعزلة، أي أنه معروف فقط في دائرته التعليمية الضيقة، ولكنه رغم ذلك يمتلك –حتى الآن- حظوظا أكبر من منافسه».

لكن العبيدي يرى أن الانتخابات الرئاسية المُقبلة قد تشهد «مفاجآت» كبيرة، مشيرا إلى أن المناظرة المرتقبة بين سعيد والقروي ستؤثر بشكل واضح على النتيجة، فـ”التونسيون سيتابعونها بشكل كبير، ومن سيظهر أنه أقوى وأكثر إقناعا سيستهوي الناس غير المؤدلجين، ولكن لا بد من القول: إن تأثير هذه المناظرة على نتيجة الانتخابات لن يكون حاسما، رغم أن القروي سيحاول استعراض علاقاته الدولية وعمله في الخارج، وهذا سيمنحه نقطة إضافية على منافسه”.

ويستدرك بقوله: «لا نتوقع أن نزالا تاريخيا، على طريقة ريتشارد نيكسون وجون كينيدي، فهذا النوع من المناظرات في العالم يجري عندما تكون الفرص متكافئة والرأي العام مهيأ، أمام نحن فللأسف ليست لدينا أحزاب تساهم في تهيئة الرأي العام، بحيث يفترض أن يكون لدى المشاهد مقاييسه، ويتساءل ما ستدره علينا خدمة هذا وذاك. وهذا ما يجعل المناظرة بين سعيد والقروي أشبه بصراع ثيران وديكة أو تناطح أكباش، حسب تعبير الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي».

وتابع المناظرة المذكورة بين ريتشارد نيكسون وجون كنيدي أكثر من 66 مليون مشاهد عام 1960، ورجح فيه خطاب «الصورة» الذي مكّن الديمقراطي كينيدي من هزيمة منافسه الجمهوري نيكسون، الذي بدا شاحب اللون وغير مقنع خلال اللقاء.

Exit mobile version