ما علاقة “النهضة” بموت الأحزاب في تونس؟!

بعد ظهور النتائج الأولية للانتخابات وتقدم حركة النهضة على الجميع وحصولها على نحو 60 مقعداً (57 مقعداً حسب النتائج الأولية، مقابل 33 مقعداً للحزب الذي يليها)، ازداد الحديث عن استنتاج خاطئ ومقولة متهافتة كما يقول محللون مفادها أن من يتحالف مع حركة النهضة يموت، وهي شعوذة سياسية لا أساس لها كما يقول كثيرون.

والحقيقة أن هذا الحديث ليس وليد اللحظة، وإن كان منحصراً في أعداء الحركة، ولكنه ظهر منذ فترة ليست بالقليلة، وفي إطار حالة التسطيح التي يعيشها البعض، وينشرها البعض الآخر ويروجها، حيث شاعت خرافة أشبه ما تكون بالأسطورة، مفادها أن من يتحالف مع حزب حركة النهضة يتلاشى ويموت ويقطع دابره ويصبح في خبر كان، ويردد ذلك البعض من النخبة ومن يتهمون أنفسهم بالثقافة والتحليل والتفكيك والتركيب في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع وكل العلوم تقريباً.

وحول علاقة النهضة بموت الأحزاب كتب د. نور الدين العلوي تحت هذا العنوان تدوينة فنّد فيها ما يردده البعض عن ببغائية أو سوء طوية تلك المزاعم.

سردية مغلوطة: مثال الجبهة الشعبية

وصف العلوي تلك الأقاويل والتهاويل بأنها سردية مغلوطة ولدت في تلفزة وكبرت في “فيسبوك”، لكن الواقع يكذبها، وتوجه بالنصيحة لكل عاقل ألا يأخذ بها لأنها تخفي، كما يقول، عقلية ابتزاز رخيصة، مفادها أن من يقترب من النهضة يموت، مؤكداً أنها “مغالطة”، وضرب مثالاً على ذلك بالجبهة الشعبية (يسارية تفتت)، إذ إنها، كما يعلم الجميع، كتلة سياسية كانت تتشكل من 15 نائباً تشتت شملها دون أن تقترب من النهضة.

المثال الثاني: حزب التكتل

المثال الثاني الذي استشهد به العلوي في تدوينته هو حزب التكتل (بن جعفر)، وكيف أن هذا الحزب خرج من الترويكا متماسكاً، لم يستقل نوابه ولا قيادته وعاش عام 2014م بصحة جيدة بعيداً عن النهضة، ثم مات في انتخابات عام 2014م، وتساءل العلوي: ما دخل النهضة في موته؟ وشدّد على أن من يقول: اقترب التكتل من النهضة فمات، يتعمد تجاهل معطى مهم يوم أغلق السيد بن جعفر المجلس وهرب بالمفتاح (حصل ذلك في فبراير 2013م)، ونسي أن هناك شعباً يراقبه ويفهم ألاعيبه، على حد قوله: وقد حاسبه حساباً عسيراً، وخلص العلوي إلى القول: الشعب فتت حزب بن جعفر وليس النهضة.

المثال الثالث: حزب المؤتمر

المثال الثالث الذي ضربه العلوي هو “حزب المؤتمر من أجل الجمهورية” الذي ولد قبل الثورة، وكبر في عام الثورة، حتى صار حالة غير قابلة للقيادة، لفرط تنوع مكوناته، فضلاً على أن رئيسه محمد منصف المرزوقي ليس مختصاً في بناء الأحزاب، وأردف: النمو السريع والدخول إلى السلطة واستقالة الرئيس عند توليه رئاسة الجمهورية عام 2011م، وخاصة تنوع المكونات الداخلية (من عبدالعزيز القطي، إلى عماد الدايمي، إلى عدنان منصر.. وغيرهم)، فضلاً عن معركة الزعامة بين عبو، والمرزوقي هو السبب الرئيس في انفجار الحزب وتلاشيه، وتساءل مجدداً: ما دخل النهضة؟

المثال الرابع: الحزب الوطني الحر

المثال الرابع الذي استشهد به العلوي هو حزب رجل الأعمال سليم الرياحي،” نورد أيضاً مثال حزب الرياحي، الحزب الوطني الحر، هل هو حزب أصلاً؟ وحزب آفاق؟ وحزب النداء؟ هل النهضة هي التي سحبت مرزوق بكتلته من حزب النداء وهو أحد مهندسي التوافق بين النهضة والنداء؟ هل النهضة هي التي دفعت إلى استقالات اليسار الفرانكفوني من النداء؟ هل النهضة هي التي سحبت الشاهد من النداء؟ وأجاب بالقول: إن النهضة تفتت من يتحالف معها هو قول يبتز النهضة، ويعبر عن عقلية متخلفة وشعوذة سياسية تسطيحية إلى أبعد الحدود، وتقفز عن الأسباب الحقيقية والتحليل الصحيح لظاهرة تفتت الأحزاب وموتها.

وتابع: هذه كذبة أطلقها ورددها حمقى كثيرون، ورسخها مشعوذون سياسيون يريدون أن يمارسوا السياسة على طريقة نجيب الشابي “أعطني جمهورك أصبح به رئيساً، وأعطني نوابك أشكّل بهم حكومة، وتبقى أنت في الخارج”!

وختم موجهاً كلامه لمن يزعمون أن النهضة تفتت الأحزاب: إذا كنت ولدت مفككاً، فلا تنتظر أن يأتي من يركب قطعك مجدداً.

Exit mobile version