غرور المدربين أضاع الشباب

حذر الخبير الإعلامي أ. سامي العنزي من خطورة استخدام «الحيل الإعلامية» في المحاضرات والخطب والدورات التدريبية، وانتقاء كلمات معينة لترسيخها في العقل الباطن للمتلقي، من خلال ما يسمى البرمجة اللغوية العصبية واختيار «الزوايا العمياء» التي يخترق فيها الآخرين.

جاء ذلك في كتاب «الزوايا العمياء بين العلامة والإعلام»، الذي تطرق فيه إلى خطورة تغيير مفاهيم بعض الشباب من طلبة العلم الشرعي غير مكتمل النضج والفهم عندما يستمعون إلى محاضرات بلا سقف منطقي ولا عقلي ولا شرعي باسم طلب العلم وتصحيح المفاهيم، حيث لا يراعي العديد من المفكرين المستوى الفكري للمتلقين، الذين قد يكون فيهم أنصاف مثقفين وبسطاء ومبتدئون، ومختلفو الخلفية السياسية والمذهبية والفكرية والثقافية والعلمية، وبالتالي يختلف التأثير بحسب كل فرد.

كما أن معظم هذه الدورات والورش لا تراعي تلك الفروق الفردية بين المشاركين، حيث لا يتم عمل اختبار لمستوى المشاركين، وتحديد درجة اجتياز، خصوصاً في الدورات التي تستهدف الربح، والربح فقط.

أضف إلى ذلك أن هذه الدورات والمحاضرات والخطب أصبحت متاحة للجميع عبر المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي يفتقر المتلقي كل المحاذير والفلاتر.

وتتفاقم المشكلة عندما يكون المحاضر معتد بنفسه، ولا يرى أحداً مرجعاً له، وقد وصل إلى مرحلة العجب بالذات، وأذكر أنه سئل أحد هؤلاء المدربين لكثرة مخالفة الشرع: من مرجعك الشرعي؟ فقال بكل ثقة وهو يبتسم: أنا! فقيل له: بالتأكيد.. وإلا ما كنت فلاناً!

ويؤكد أ. سامي العنزي أن هناك عدة مطالبات لمناظرة بعض هؤلاء المتطرفين فكرياً، أو المغرورين على أقل وصف، ومن العلماء الذين طلبوا مناظرة هؤلاء العلامة الشيخ محمد الددو، إلا أنهم اعتذروا.

ويمكن تحذير الناس منهم عندما يكون ذلك بناء على جهل أو غرور أو عجب، ولكن الأخطر من ذلك عندما يكون ذلك خطة ممنهجة لتضييع هوية الشباب ودينهم وعقيدتهم باسم الانفتاح العقلي والعلمي والفكري دون سقف أو خلق أو قيم، ويؤكد أ. سامي أن أحدهم يستخدم طريقتين أو نظريتين إعلاميتين خطيرتين لاختراق عقل المتلقي، وهما:

الأولى: نظرية الغرس الثقافي؛ حيث يعمد المحاضر إلى تشويه المعلومات الثقافية السابقة وفق العقل والمنطق والهوى، ثم يقوم بإحلال معلومات أخرى.

وتعتمد هذه النظرية النفس الطويل والزمن المفتوح والتراكم الاختزالي وتكامل المعلومات.

الثانية: نظرية «الاستخدامات والإشباعات»؛ وهو أن يتحرك على جمهور يعرف ما يشبعه، وهذه بحد ذاتها مهارة كبرى، فيبدأ النغم والتركيز على هذه المحاور التي يستخدمها أولئك الأفراد، ثم ينتقل بهم إلى ما يريد بما يحقق لهم الإشباع الوهمي.

وبلا شك أن كل ذلك يتم بعيداً عن العقل والمنطق، مستغلاً ضعف النفس واستسلام الهوى.

ويستطرد أ. سامي في تفصيل ذلك أن أحد أولئك المحاضرين المنحرفين يستخدم أحاديث موضوعة أو لا أصل لها، ولثقة الناس به فإنهم لا يدققون وراءه، ولولعهم به وحبهم له يتغاضون عن الأخطاء والزلات وإن كثرت.

ومن الفنون الإعلامية التي يستخدمها أولئك المنحرفون «الومضة العالقة»، كأن يستقطع الكلام الذي هو بصدده ليذكر قصة أو طرفة، يبث من خلالها شبهة أو فكرة، ويعود لما كان عليه بأسلوب تراكمي.

كما يستخدمون أسلوب «الفلاشات الثلاث» وهي إلقاء 3 عبارات قوية لافتة للنظر تخدم نفس الهدف، حتى تثبت في الخلفية الذهنية.

وقد يتساءل بعض القراء: ما الآثار الخطيرة التي حصلت حتى أصدر أ. سامي العنزي كتابه هذا وكشف الزوايا الغامضة أو العمياء؟

جاء هذا الكتاب ليحذر من نتائج سلبية أصابت الناس في دينهم وعقيدتهم، بسبب تلك الدورات، ومن أبرز ما حصل:

1 – رفض بعض الشباب للتاريخ الإسلامي وصحته.

2 – الطعن في بعض الصحابة الكرام والتطاول عليهم.

3 – زرع شبه عديدة في العقيدة.

4 – التراخي في قضايا شرعية مختلفة لا خلاف عليها، مثل الخلوة والمكياج.. إلخ.

5 – نزع الحجاب من بعض الفتيات بحجة عدم وجوبه.

6 – الاعتداد بالنفس والغرور.

7 – الإلحاد.

لذا.. كان من الضروري التنبيه لهذه المخاطر التي تدخل العقل بشكل ناعم وهادئ، وإذا أصاب الإنسان الغرور فإنه قد أصيب بمقتل.

وحوى الكتاب ردوداً تفصيلية وعلمية على الشيخ عدنان إبراهيم؛ ورد على كل الشبه التي ألقاها والمزاعم التي روجها بين الشباب في الجوانب الشرعية والتاريخية والصحابة الكرام، إلا أن الملاحظات الخاصة بالحيل الإعلامية تشمل العديد من المشايخ والمحاضرين والمدربين الذين عرفوا بالغرور والثقة المفرطة والعجب، وكانت لهم آثار سلبية على الشباب فكرة وعقيدة وديناً، سواء قصدوا أم لم يقصدوا؛ {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (يس: 12).

Exit mobile version