كيف تقاوم إدمان الهاتف الذكي؟

أظل عاكفا على هاتفي كثيرًا – كثيرًا جدا، أكثر من اللازم. وهكذا أصبح معظم الناس، وأصبح إدمان النظر إلى الهاتف شيئا عاديا: في المصعد، في السيارة، في مترو الأنفاق، في الطابور، في الشارع، في المكتب، في أثناء العشاء مع الأصدقاء، في غرفة المعيشة مع العائلة – كلما شعرنا بالملل نلجأ للهاتف. وهذا يجعلنا أقل إنتاجية وأقل مشاركة مع محيطنا ومع الناس من حولنا.

لذلك قررت كاثرين برايس، الصحفية المتخصصة في العلوم والمدمنة على التكنولوجيا، أن تبحث في الموضوع استنادًا إلى إدمانها على الهاتف، وكتبت كتابا تحت عنوان “كيف تنفصل عن هاتفك”. يشرح النصف الأول من الكتاب الضرر الناجم عن الاستخدام الواسع النطاق لهواتفنا، بدءًا من الطريقة التي صممت بها الهواتف من أجل أن تجعلنا ندمن عليها وكيف أن هذا يلحق الضرر بأدمغتنا وكيف أنه يؤدي إلى زيادة الضغوط علينا وكيف أنه يحرمنا حتي من النوم الجيد ليلاً.

النصف الثاني من الكتاب هو دليل تضعه برايس مدته 30 يومًا من أجل “الانفصال عن الهاتف”، وهذا لا يحدث عن طريق إغراق هاتفك في الماء، بل هو دليل إرشادي لاستمرار علاقتنا بهواتفنا ولكن بشروطنا – العلاقة التي نريدها، لا التي نجبر أنفسنا عليها.

وهذه بعض النصائح العملية لتقليص الوقت الذي نقضيه عاكفين على شاشات هواتفنا تقدمها لنا كاثرين برايس:

  وفقًا لـبرايس، فإن الطريقة التي تصلح للمدخنين تصلح أيضا مع الأشخاص الذين يحاولون تنظيم استخدام هواتفهم: التخلص من الرغبة الشديدة (الاشتياق). فإذا اعترفنا بانزعاجنا وتخلصنا من موجة الشوق، فسوف تتلاشى الرغبة من تلقاء نفسها. ولذلك توصي بدلاً من محاربة الرغبة أو معاقبة نفسك عندما تصل لهاتفك، أن تتوقف مؤقتًا، وتتنفس وتلاحظ وتعي هذه الرغبة الشديدة. لا تستسلم لها أو تحاول صرف انتباهك عنها، المطلوب ببساطة أن تتعرف عليها و “تشاهد ما يحدث لك”، كما تقول برايس.

عندما تحد من ادمان النظر إلى هاتفك تكون، وتدعو الآخرين لذلك قلما يستجيب أصدقاؤك أو أفراد عائلتك، “أنا أيضا كذلك”. ولكن، لا تيأس، وادعهم لمحاولة تنفيذ هذا معك! تماما مثلما يحدث عند اتباع نظام غذائي أو بدء ممارسة نظاما جديدا، وجود صديق معك يجعل العملية أكثر متعة ويقلل من الشعور بالعزلة.

الطريقة الوحيدة لمعرفة نطاق مشكلتك هي القيام بلف ذراعيك حولها، أي أنك بحاجة إلى تقدير وقياس مقدار الوقت الذي تنظر فيه إلى هاتفك. فما يمكن قياسه يمكن ادارته.  تقول برايس أن أول الأعمال المطلوبة هي أن تقوم بتحميل التطبيق الذي يساعدك على قياس استخدامك، مثل تطبيق Moment للآيفون وOFFTIME للأندرويد. هذه التطبيقات توفر لك بيانات ثابتة عن مقدار الوقت الذي تقضيه على هاتفك، وعدد المرات التي تلتقط فيها هاتفك. وعندما تتوفر لديك البيانات توصي برايس بالنظر في أي نوع من العلاقة تريدها مع هاتفك. والحق أنه من الصعب إحراز تقدم ووضع قيود في مكان ما، إذا لم تكن لديك أهدافا تحدد علاقتك مع هاتفك. هل تريد استخدام هاتفك فقط عند العمل؟ فقط عندما تحتاج إلىه؟ هل يؤدي شرودك ونظرك إلى هاتفك إلى اسعادك، ولكنك تريد أن تقصر تشغيل هاتفك على ساعة أو نصف ساعة فقط في اليوم؟ انظر في هذه الأشياء؛ وإلا فإنك ستسبح في غير اتجاه، وهذا يؤدي عادة إلى الفشل.

توصي برايس بإيقاف تشغيل جميع الإشعارات، بما في ذلك إشعارات البريد الإلكتروني. وإذا كنت قلقًا بشأن فقدان مكالمة أو بريد إلكتروني من العمل أو من أحد أفراد العائلة، ضعهم على قائمة كبار الشخصيات الخاصة بحيث تختص الإشعارات بهم وحدهم. كما توصي أيضا بإنشاء أي مناطق يمنع فيها الهاتف مثل طاولة العشاء وغرفة النوم، ووضع حدودا زمنية مثل عدم الرد على أي مكالمات بعد الساعة السادسة مساءً. لدرجة أنها توصي بحذف تطبيقات وسائل الاعلام الاجتماعية من هاتفك والتحقق منها فقط من حاسوبك الشخصي. وإذا لم تتمكن من حذف الوسائط الاجتماعية من هاتفك أثناء العمل، أو تطبيقات أخرى مثل الألعاب أو التسوق التي تصرف انتباهك، فقم بتنزيل مانع التطبيق.

اكتب القواعد وحدّد الحدود التي تملي عليك نوع العلاقة التي تريدها مع هاتفك- استخدمها كأداة لإعدادك لتحقيق النجاح.

الــ”فوبينج” هو زواج بين كلمة “هاتف” الإنجليزية Phone وكلمة “ازدراء”snubbing ” وتعني (تجاهل الآخرين بالعبث في الهاتف). هل نظرت إلى هاتفك أثناء تناول وجبة مع العائلة أو الأصدقاء؟ لقد قمت بـ الــ”فوبينج”. هل أرسلت رسالة في منتصف محادثة مع شخص ما؟ هذا هو الــ”فوبينج”. هل بدأت تبحث في وسائل الاعلام الاجتماعية أثناء وجودك في حفلة؟ هذا أيضا “فوبينج”. كلنا نقع في هذا لدرجة أنه قد أصبح شيئا شائعاً جداً ومقبولاً عالمياً وبعض الناس لا يكادوا يلاحظون ذلك. ولكن هذا لا يغير من حقيقة أنه يفصلنا عن محيطنا، وأننا لسنا حاضرين تماما مع الناس الذين يقفون أمامنا مباشرة. القاعدة الجيدة هي وضع هاتفك بعيدا خلال وجبات الطعام والحفلات حتى تتمكن من أن تكون حاضرا مع العائلة والأصدقاء. فقط أخرجه إذا كان يعزز المحادثة، كأن تعرض من خلاله بعض الصور أو أن تتحقق من تاريخ الاجتماع المقبل، الخ.

 الخطوات والقواعد والتمارين في دليل برايس الذي يتكون من 30 يوما يطلب منك تجريب ترك الهاتف تماما لمدة 24 ساعة في أيام 20-21. وهو يهدف إلى اختبار الانضباط الذي وصلت إليه والحدود التي التزمت بها عند هذه النقطة، ولكن الأهم من ذلك كله وهو المقصود “السماح للموهبة بالعودة إلى حياتك،” كما تقول برايس. انها فترة 24 ساعة للتمشي والتنزه، وممارسة الهوايات وتناول العشاء في مطعم كنت تود أن تجربه، وقراءة جريدة أو كتاب. هذا هو الفصل الذي من المرجح أن يعزز حقيقة أن هناك الكثير من الأشياء الأخرى المثيرة للاهتمام تنتظر منك القيام بها وهي أفضل بكثير بالنسبة لك من إطالة النظر إلى هاتفك.

 تقول برايس أن الوقت الذي عادة ما يملئ باللعب، والذي يضيع في تصفح وسائل الاعلام الاجتماعية أو النظر بلا مبالاة في الهاتف يمكن أن يتحول نحو ممارسة هواية أو تجريب شيئا جديدا: يمكنك المشي لمسافات طويلة، زيارة متحف، ممارسة ألعاب خفيفة، مقابلة صديق، الرسم، الطهي، حل الكلمات المتقاطعة في مقهى، الاشتراك في فريق، وقراءة كتاب كنت تتمني قراءته، قضاء المزيد من الوقت مع أصدقائك أو مع الحيوانات الأليفة، الخ. كل هذه الأنشطة هي استخدامات صحية وموضوعية ومنتجة للوقت من شأنها أن تجعلك في نهاية المطاف أكثر سعادة، وأكثر صحة.

المصدر: Forbes

Exit mobile version