هذا كل ما سيتغير في النظام الانتخابي بالجزائر

تتجه الجزائر نحو تغيير غير مسبوق في النظام الانتخابي، عبر استحداث سلطة مستقلة لتنظيم الانتخابات، ما يسمح بإبعاد السلطات العامة (الإدارة) نهائيًا عن مسار الاقتراع الرئاسي، المرتقب أواخر العام الجاري، لضمان نزاهته.

ويناقش البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) مشروعي قانونين متعلقين بتنظيم الانتخابات، يخص الأول استحداث لجنة عليا للانتخابات، والثاني تعديلات على قانون الانتخاب.

واندلعت في 22 فبراير الماضي انتفاضة شعبية أطاحت  بالرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة (82 عامًا)، في 2 أبريل الماضي.

ويطالب الجزائريون بضمانات لإجراء انتخابات نزيهة، ورفع يد الإدارة عنها، ليتمكن الشعب من اختيار حكامه بكل سيادة.

هيئة بدرجة سلطة

للمرة الأولى في تاريخ الجزائر، منذ استقلالها عن فرنسا عام 1962، ستُنشأ هيئة مستقلة تُعنى بتنظيم ومراقبة والإشراف على الانتخابات.

وكانت الانتخابات من صميم مهام الحكومة، ممثلة في وزارة الداخلية، ثم أُقحم القضاء في عملية فرز الأصوات ومراجعة القوائم الانتخابية (سجلات الناخبين) عام 2012، بمساعدة لجنة للمراقبة، كانت تضم ممثلين عن الأحزاب، ثم تحولت إلى هيئة تضم مستقلين.

وجاء مقترح تشكيل الهيئة الانتخابية الجديدة من فريق الوساطة والحوار، الذي تولى صياغة مشروع قانون لاستحداثها تحت اسم “السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”.

وتتمتع الهيئة بشخصية معنوية واستقلالية إدارية ومالية وامتداد على المستويين المحلي والخارجي.

ويتألف مشروع القانون الخاص باستحداث الهيئة من 54 مادة موزعة على 5 فصول.

المهام

كل المهام الموكلة لها كانت من صلاحيات السلطات العامة، وعلى رأسها وزارة الداخلية، ومن أبرزها:

تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها والإشراف عليها، بداية من عملية التسجيل في القوائم الانتخابية حتى الإعلان الأولي عن النتائج.

المسؤولية عن سجلات الناخبين وقوائم الانتخابات على مستوى البلديات والمراكز الدبلوماسية.

استقبال ملفات الترشح لانتخاب رئيس الجمهورية والفصل فيها، طبقًا لأحكام قانون الانتخابات (كانت تتم على مستوى المجلس/ المحكمة الدستورية).

تعيين موظفي مراكز ومكاتب التصويت، وإعداد بطاقة الناخب وتسليمها لأصحابها (كانت من صلاحيات الإدارة العامة على مستوى البلديات).

اعتماد ممثلي المرشحين ومراقبي العملية الانتخابية، والإشراف على عملية فرز الأصوات.

ومراقبة تمويل الحملة الانتخابية.

التشكيل

يُشكل مجلس “السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات” من 50 عضوًا موزعين كما يلي:

عشرين عضوًا من كفاءات المجتمع المدني، وعشرة أعضاء من الكفاءات الجامعية، وأربعة قضاة من المحكمة العليا ومجلس الدولة، ومحامين اثنين، وموثقين اثنين، ومحضرين قضائيين اثنين، وخمس كفاءات مهنية، وثلاث شخصيات وطنية، وممثلين اثنين عن الجالية الجزائرية بالخارج .

ويكون رئيس الهيئة شخصية توافقية مشهود لها بالكفاءة والحياد، ويتم انتخابه من جانب أعضاء المجلس.

قانون الانتخاب

يتألف مشروع قانون تنظيم الانتخابات من 227 مادة، بعدما كان القانون يضم 225، وتم تعديل 43 مادة واستحداث مادتين جديدتين.

إبعاد السلطات العامة

يكرس مشروع القانون دور السلطة المستقلة في مجال الانتخابات، عبر الاستبعاد الكلي لموظفي وأعوان الإدارة العامة من تشكيل اللجان الانتخابية.

وكانت اللجان البلدية، المكلفة بإعداد ومراجعة قوائم الناخبين، مشكلة من قاضٍ ورئيس البلدية والأمين العام للبلدية وناخبين، حسب المادة (15).

في مشروع القانون المعدل تكون اللجان البلدية برئاسة قاضٍ وعضوية ثلاثة مواطنين تختارهم مندوبية السلطة المستقلة للانتخابات، التي تشرف على العملية.

تنص المادة (13 مكرر)، وهي مستحدثة، على مسؤولية السلطة الوطنية المستقلة عن سجلات الناخبين ومراجعتها بصفة دورية.

وسيصدر نص قانوني خاص يوضح كيفية اضطلاع السلطة المستقلة للانتخابات بسجلات الناخبين.

وكانت تلك السجلات من اختصاص وزارة الداخلية، ويتم حفظها بشكل محكم على مستوى البلديات.

التصويت

تنص المادة (32) على أن يبدأ الاقتراع الساعة الثامنة صباحًا وينتهي في السابعة من مساء اليوم نفسه.

وألغت هذه المادة إمكانية تقديم أو تأخير الاقتراع لمدة ساعة، لتفادي شبهة التزوير.

وكانت عملية التقديم والتأخير صلاحية حصرية لوالي الولاية (المحافظة).

انتخابات الرئاسة

أُدخلت على المادة (139) شروطاً جديدة للترشح لمنصب رئيس الجمهورية أهمها:

أن التصريح (طلب) بالترشح للانتخابات الرئاسية يودع من جانب المرشح شخصيًا، أمام رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، بدلًا من المجلس الدستوري.

ولم يكن يشترط سابقًا قيام المرشح شخصياً بإيداع ملفه.

وكلف كل من بوتفليقة وعلي غديري مديري حملتيهما الانتخابية بإيداع ملفي ترشحهما في انتخابات أبريل الماضي التي أُلغيت.

وفي المادة نفسها أُضيف شرط الحصول على شهادة جامعية أو شهادة معادلة لها.

كما عُدلت المادة (140) لجعل إيداع التصريح بالترشح خلال 40 يومًا مواليًا لنشر المرسوم الرئاسي المتضمن استدعاء الناخبين، بدلًا من 45 يومًا.

وعُدلت المادة (142) لتتضمن تقليص عدد استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية (توقيعات مواطنين) الواجب تقديمها مع ملف الترشح إلى خمسين ألف توقيع فردي، بدلًا من ستين ألفا، مع إلغاء التوقيعات الخاصة بالمنتخبين (600 توقيع فردي).

العلاقة بالمجلس الدستوري

تنص المادة (141) على أن:

– تفصل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بقرار معلل في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية، بدلًا من المجلس الدستوري خلال 10 أيام من تاريخ إيداع التصريح.

– ترسل سلطة الانتخابات قراراتها المتعلقة بالترشيحات (المقبولة والمرفوضة) مرفقة بملفات الترشح إلى المجلس الدستوري.

– قرار الرفض الصادر عن سلطة الانتخابات قابل للطعن أمام المجلس الدستوري.

– يوافق المجلس الدستوري بقرار على القائمة النهائية للمرشحين، طبقًا للمادة (103) من الدستور.

وكانت كل تلك الإجراءات من الصلاحيات الحصرية للمجلس الدستوري، الذي سيتحول إلى هيئة طعن وتحكيم وتصديق على النتائج النهائية للاقتراع.

 

______________

المصدر: “الأناضول”.

Exit mobile version