انتقاد مصري جديد لتنقيب تركيا بشرق المتوسط.. “الفجوة تتسع”

جاء ثاني انتقاد مصري رسمي لتركيا خلال شهرين، على خلفية توجهها للتنقيب بشرق المتوسط، ليزيد، وفق مراقبين، من وتيرة التجاذبات وتتسع الفجوة بين البلدين، اللتين تراجعت علاقتهما منذ الإطاحة بالرئيس الراحل د. محمد مرسي منذ عام 2013.

عبرت سفينة “ياووز” التركية للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، الجمعة الماضي، مضيق جناق قلعة (الدردنيل)، في طريقها إلى مياه البحر المتوسط، وترافق السفينة فرقاطة تركية، لتكون السفينة الثانية بعد سفينة “الفاتح”، التي بدأت في 30 أكتوبر الماضي، أعمال البحث والتنقيب.

وقالت الخارجية المصرية، في بيان، أمس الثلاثاء: إن بلادها “تعرب عن القلق لما أُعلن عن اعتزام تركيا التنقيب في محيط جمهورية قبرص”.

وأكدت مصر أن ذلك التوجه التركي “يعد إصراراً على مواصلة اتخاذ إجراءات أحادية من شأنها أن تزيد من درجة التوتر في منطقة شرق المتوسط”.

وشددت على “ضرورة عدم التصعيد والالتزام باحترام وتنفيذ قواعد القانون الدولي وأحكامه”.

هذا البيان لا يختلف كثيراً عما طرحته مصر في بيان للخارجية في 4 مايو الماضي، حيث حذرت تركيا من اتخاذ أي إجراء أحادي الجانب فيما يتعلق بأنشطة حفر أعلنتها في منطقة بحرية غرب قبرص.

وقالت الخارجية: إن إقدام تركيا على أي خطوة دون الاتفاق مع دول الجوار في منطقة شرق المتوسط قد يكون له أثر على الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدة ضرورة التزام كافة دول المنطقة بقواعد القانون الدولي وأحكامه.

مصر تصعد

مصر وقبرص التي لا تعترف بها تركيا وتقول: إن هناك قبرص رومية وأخرى شمالية، وقعتا اتفاقاً في عام 2013، لتنقيب عن الغاز في شرق المتوسط، لم تعترف أنقرة به أيضاً في فبراير 2018.

وردت مصر بطريقة غير مباشرة آنذاك في بيان للجيش، معلنة “قيام القوات البحرية بتنفيذ عدد من الأنشطة التدريبية البارزة بمسرح عمليات البحر المتوسط بإطلاق عدد 4 صاروخ أرض بحر وسطح بحر، وذلك في إطار التدريب على التعامل مع كافة التهديدات والعدائيات لمياهها الإقليمية”.

وفي مارس 2018، قال طارق الملا، وزير البترول المصري، مباشرة معلقاً على عدم اعتراف الجانب التركي باتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، واتجاه تركيا للتنقيب عن الغاز في هذه المنطقة: “نعرف حدودنا ولا شيء يقلقنا أبداً”.

وأضاف الملا في تصريحات متلفزة: “اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص تمت منذ عام 2013، وتم إيداعها في الأمم المتحدة، ومرفق معها الخرائط الموضحة لخطوط الحدود”، مضيفًا: “محدش من حقه يعترض.. ولو اتجهوا للتنقيب سيكون ذلك في الجانب القبرصي من خطوط حدود الاتفاقية”.

وكانت مصر أعادت ترسيم الحدود البحرية بينها وبين قبرص في منطقة شرق المتوسط، وذلك بعد ظهور اكتشافات جديدة للغاز في منطقة المياه الاقتصادية بين مصر وقبرص.

وفي مواجهة غير مباشرة لطموحات تركيا في شرق المتوسط، اجتمعت، في يناير الماضي، دول بشرق المتوسط (مصر و”إسرائيل” وقبرص واليونان وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية)، واتفقت على إنشاء “منتدى غاز شرق المتوسط” على أن يكون مقره العاصمة المصرية القاهرة.

جاء البيان المصري بعد انتقادات أوروبية لتركيا على خلفية التنقيب التركي في قبرص بالتزامن مع حملة انتقادات إعلامية شرسة تنال من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة.

تمسك تركي

ووفق ما أوردته “وكالة الأنباء التركية” الرسمية، تؤكد تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية أحقية القبارصة الأتراك بموارد الجزيرة الطبيعية باعتبارهم جزءًا منها، وذلك رداً على مساعي قبرص الرومية لعقد اتفاقات مع شركات وبلدان مختلفة لا تدرج فيها القبارصة الأتراك.

وتدعو أنقرة، وفق المصدر ذاته، قبرص الرومية إلى التخلي عن وصف نفسها بأنها المالك الوحيد للموارد الطبيعية للجزيرة، وتشدد على أن عدم وقف قبرص الرومية التنقيب عن الهيدروكربون من شأنه إفشال مساعي إيجاد حل شامل لأزمة الجزيرة المنقسمة إلى شطرين تركي في الشمال ورومي في الجنوب.

وتشهد جزيرة قبرص انقساماً بين شطرين، تركي في الشمال، ورومي في الجنوب، منذ عام 1974، ولاحقاً رفض القبارصة الروم خطة الأمم المتحدة لتوحيد الجزيرة عام 2004.

أكد نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي، السبت الماضي، في تصريحات صحفية، أن من يتجاهلون حقوق تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية المشروعة في المنطقة “لن يحققوا مرادهم أبداً” في المنطقة.

وفي تصريحات سابقة، قال وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي فاتح دونماز: إنه لا يمكن للإدارة الرومية أن تتخذ قرارًا، أو حتى أن تكون لها كلمة، في أي شأن يعني الجزيرة برمتها.

وأكد فشل أي معادلة لا تضم تركيا، التي تمتلك أكبر ساحل في شرق المتوسط، والقبارصة الأتراك.

وفي يونيو الماضي، تعهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن تركيا “ستحمي بكل ما تمتلك من قوة” سفنها الناشطة في أعمال تنقيب شرق البحر المتوسط.

وقال: إنه “إذا كان هناك من يرى حتى اليوم عمليات التنقيب عن الطاقة شرق المتوسط كمجرد شجارٍ بسيط على الغاز والنفط، فإنه لا يفهم في هذه الشؤون على الإطلاق”.

واستطرد: “نحن نواصل وسنواصل عمليات التنقيب في المساحات المخصصة لنا داخل المناطق الاقتصادية الخالصة في مياه شرق المتوسط”.

وبيّن أن تركيا لديها حاليا 4 سفن شرق المتوسط؛ اثنتان للتنقيب واثنتان للحفر، بعد أن كانت تعاني مشكلات كثيرة في السابق بسبب صعوبة استئجار السفن، وهي اليوم تجري عملياتها بسفنها الخاصة.

فيما أكد وزير الخارجية التركي تشاووش أوغلو أن بلاده لا تعترف بأي اتفاق حول التنقيب بشرق البحر المتوسط، طالما لم تكن طرفاً فيه.

وبخلاف مصر وجمهورية قبرص تعارض كل من اليونان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة و”إسرائيل” أعمال تركيا في التنقيب عن الغاز الطبيعي في المتوسط.

Exit mobile version