فلسطين.. مسيرة كفر قدوم بنابلس تدخل عامها التاسع

2920 يوماً مضت على انطلاقة مسيرة كفر قدوم الأسبوعية جنوب نابلس، حيث إن الأول من يوليو في قرية كفر قدوم شرق قلقيلية له طقوس في حياة أهلها؛ ففي عام 2011 انطلقت مسيرة كفر قدوم الأسبوعية تطالب بفتح شريانها الرئيس المغلق بقرار من سلطات الاحتلال عام 2000م إرضاء للمستوطنين الجاثمين على أرضها في مستوطنة قدوميم التي حاصرتها من جميع الجهات.

وقد سلط إعلام الاحتلال الإسرائيلي الضوء على مسيرة كفر قدوم باعتبارها المسيرة التي ما زالت تنطلق بزخم من بين المسيرات الشعبية في الضفة الغربية.

مراد إشتيوي، المنسق لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية، الذي استهدف وأطفاله خلال انطلاق المسيرة الأسبوعية خلال الثماني سنوات السابقة، يقول في لقاء معه: إن المسيرة ستبقى شوكة في حلق الاحتلال، وستدخل عامها التاسع بقوة، ولن ترهبنا آلة الاحتلال وبطشه.

ويقول إشتيوي لـ”المجتمع”: عدد المسيرات الأسبوعية خلال الفترة السابقة كان 650 مسيرة، استخدم الاحتلال فيها كل أساليب القمع المحظورة دولياً، ولم يسلم من هذه الأدوات القمعية أي فرد من أبناء القرية المتضامنين مع المسيرة من الأجانب ومن باقي المناطق الفلسطينية، فكل من تواجد في المسيرة كان في مربع الاستهداف، فهناك 90 إصابة بالرصاص الحي منهم 9 أطفال، والمئات أصيبوا بالرصاص المعدني، وهناك أكثر من 150 معتقلاً على خلفية المشاركة في المسيرة الأسبوعية، وتم دفع غرامات فرضتها المحاكم العسكرية على المشاركين في المسيرة بقيمة ربع مليون شيقل، وتحولت منازل أهالي القرية إلى ثكنات عسكرية، وتحول الأهالي إلى رهائن؛ ففي كل مسيرة يتم السيطرة على أسطح المنازل القريبة من المواجهات، وينتقم الجنود من أصحابها، ويتكرر المشهد في كل مرة.

لن نستسلم

وأضاف إشتيوي: ندخل العام التاسع بشعار “لن نستسلم.. نموت أو ننتصر”، والإرادة صلبة رغم التنكيل، فأحد ضباط جيش الاحتلال عندما انطلقت مسيرة كفر قدوم تعهد خلال أسبوعين بالقضاء عليها، واليوم نقول له: مسيرة كفر قدوم تدخل عامها التاسع بقوة وشموخ وتحدٍّ، ورهانك الذي راهنت عليه خاب وخسر، وهناك أصبح في مسيرة كفر قدوم جيل اسمه جيل المسيرة؛ فمن كان عمره يوماً وقت انطلاق المسيرة أصبح اليوم عمره من عمر المسيرة الأسبوعية، وهذا الجيل الذي ترعرع في ظل سياسة عنصرية استهدفت الأخضر واليابس في كفر قدوم.

رمز للمقاومة الشعبية

وأشار إشتيوي إلى أن اليوم أصبحت مسيرة كفر قدوم رمزاً للمقاومة الشعبية، وأستطيع القول: إنها نواة لمقاومة شعبية أوسع، وهي تقلق مضاجع المستويين السياسي والعسكري في دولة الاحتلال، وخلال الاستجوابات الميدانية للمشاركين في المسيرة من أطفال وفتية ونساء يظهر مدى الحقد على المسيرة ومن يشارك فيها، فلم يترك جهاز المخابرات وسيلة إلا استخدمها لقمع المسيرة؛ فهناك الكلاب البوليسية والرصاص المتفجر (دمدم)، والمياه العادمة والمياه الكيماوية، والقنابل المسيلة للدموع التي تفتك بالجهاز التنفسي، ونشر صور أطفال القرية والتهديد بإعدامهم، واستخدام قطعان المستوطنين في اقتحام القرية وإرهاب أهلها، ومع كل هذه الانتهاكات أضيف يوماً آخر للمسيرة هو يوم السبت، ومع دخولها العام التاسع سيضاف يوم ثالث للتصعيد، وسيكون هذا اليوم غير معلن عنها إلا في لحظة الانطلاق.

وتابع إشتيوي قائلاً: الاحتلال بأساليبه القمعية الجديدة يرفع من قيمة الفاتورة الباهظة التي ما زالت تدفعها قرية كفر قدوم منذ انطلاقتها، في سبيل فتح المدخل الرئيس المغلق منذ عام 2000م لإرضاء المستوطنين في مستوطنة قدوميم التي أقيمت على أراضينا عام 1976م، وكان نواتها جماعة كهانا حي المتطرفة وهي في الأصل معسكر للجيش الأردني، وتتمدد المستوطنة في جميع الجهات، وأصبحت تتصل جنوباً بالشارع الرئيس الواصل بين قلقيلية ونابلس، ومن الجهة الشرقية الشمالية بالطريق الالتفافي المؤدي إلى مدينة نابلس.

مصور جريح

بشار نزال، أحد المصورين الصحفيين الذين استهدفوا برصاص متفجر، يقول: خلال عملي الصحفي في الميدان أثناء تغطية المسيرة الأسبوعية في كفر قدوم قبل عدة سنوات فوجئت باستهدافي من مسافة لا تزيد على 10 أمتار برصاصة من النوع المتفجر في قدمي، وشعرت وقتها أن قدمي بترت، ولولا تدخل الطاقم الطبي في نابلس بشكل سريع لأصبحت وقتها معاقاً، وتبين أن الرصاص المستخدم محرم دولياً.

استهداف الصحفيين

يعود إشتيوي للحديث: استهداف الصحفيين كان متعمداً وبشكل مخطط له مسبقاً من ضباط كبار، وذلك لمنع تغطية المسيرة وأحداثها التي كانت مادة حقيقية عن انتهاكات ترتكب من جيش يدعي الديمقراطية، فالمصور الصحفي كان وما زال عين المسيرة إلى العالم الخارجي، والاحتلال لا يروق له عمل الطواقم الصحفية في المسيرة، لذا تكون الإصابات في صفوف الصحفيين في كل مرة.

ولفت إشتيوي قائلاً: اعتقال أطفال في المسيرة وتقديمهم للمحاكم العسكرية، أثبت للقاصي والداني أن هذه الدولة هي دولة عنصرية تمارس الإرهاب بحق الطفولة، وتكررت مشاهد قنص الأطفال والتسبب بإعاقات أهم، وأثناء عرضهم على قضاة المحاكم العسكرية يكون المشهد مؤلماً، فالسلاسل الحديدية التي تقيد معصم الطفل تكون واسعة، فهذه القيود الحديدية خصصت للكبار وليست للأطفال.

لا مساومات

وفي النهاية يقول إشتيوي: مع انتهاء اليوم الأول من يوليو نكون قد وضعنا قدمنا في العام التاسع من عمر المسيرة، ولا مساومات إلا بإنجاز فتح المدخل الرئيس، والتوقف عن عزل القرية عن محيطها الخارجي، فالأهالي يضطرون إلى الالتفاف عبر طريق طويل حتى يتواصلون مع محيطهم مع أن المدخل المغلق يصلهم بالمحيط في دقائق معدودة.

Exit mobile version