هونج كونج ليست الصين.. احتجاجات المدينة تشكل اختباراً حقيقياً لحكام بكين

يُرى العلم الوطني الصيني بجانب علم هونج كونج بعد يوم من اقتحام المحتجين لمقر الحكومة في المدينة

يواجه الرئيس الصيني شي جين بينج اختبارًا كبيرًا في هونج كونج بعد أن اقتحم المتظاهرون الهيئة التشريعية في المدينة التي تتمتع بشبه بحكم شبه وقاموا برسم رسالة تحدٍّ على جدرانها: “هونج كونج ليست الصين”.

تحركت بكين بحذر منذ اندلاع الاحتجاجات الحاشدة الشهر الماضي بسبب مشروع قانون يسمح بتسليم المجرمين إلى البر الرئيس، معربًة عن تأييدها لحكومة هونج كونج بدون التدخل مباشرة وإلقاء اللوم في الاضطرابات على “القوات الأجنبية”.

لكن المتظاهرين ربما يكونون قد دفعوا بصبر بكين إلى الحد الأقصى يوم الإثنين الماضي عندما قاموا بنهب الهيئة التشريعية في هونج كونج، وعلّقوا علم الحقبة الاستعمارية في الغرفة ورسائل معادية لبكين مرسومة بالرش.

وقال مكتب شئون هونج كونج وماكاو التابع لمجلس الدولة، ومجلس الوزراء الصيني، في بيان: إنه تحد صارخ وصل لأقصي حد لنظام دولة واحدة ونظامان، نعرب عن إدانتنا الشديدة لهذا.

وجاءت الاحتجاجات في ذكرى انتقال السلطة الاستعمارية من بريطانيا عام 1997 إلى الصين، التي منحت هونج كونج نظام حكم خاص بها حتى عام 2047، بما في ذلك حقوق مثل حرية التعبير وقضاء مستقل لا يتمتع به البر الرئيس للصين.

تأتي المظاهرات بعد سنوات من القلق المتزايد من أن البر الرئيس الذي يقوده الشيوعيون يبتعد عن المكانة الخاصة للمدينة.

وقال هوا بو، المراقب السياسي في بكين، لوكالة “فرانس برس”: هذا تحد مباشر لشي جين بينج، وحكومة هونج كونج والحكومة المركزية.

ومع ذلك، قد يكون لدى شي خيارات محدودة لأن التدخل المباشر والقاسي سيخاطر بتشجيع المستثمرين الأجانب في المركز المالي العالمي، وفقًا للمحللين.

وقال جان بيير كابستان، الخبير الصيني في جامعة هونج كونج المعمدانية: تحتاج بكين إلى الإبقاء على هونج كونج كمكان جذاب للشركات الأجنبية، والشركات متعددة الجنسيات، كمركز مالي. لذلك لا يمكنهم الضغط بقوة.

التغطية الإعلامية الحكومية

في الوقت الحالي، كان رد فعل بكين الأولي هو دعوة سلطات هونج كونج إلى إجراء تحقيق في “المسؤولية الجنائية للمجرمين العنيفين” واستعادة النظام الاجتماعي في أقرب وقت ممكن.

لدى قادة الصين خوف عميق من أي نوع من التحدي العلني لسلطتهم، وتجنبت وسائل الإعلام الحكومية إظهار صور الاحتجاجات في الأسابيع الأخيرة حيث سيطرت الرقابة على النقاش عبر الإنترنت حول الأحداث.

لكن “التلفزيون الرسمي” أظهر، يوم الثلاثاء، المؤتمر الصحفي للرئيس التنفيذي لهونج كونج كاري لام، الذي أدان فيه استخدام المتظاهرين “للعنف”.

تم عرض لقطات للمتظاهرين الذين يشوهون الهيئة التشريعية على حسابات بعض وسائل الإعلام على منصة “ويبو” التي تشبه “تويتر” في الصين، التي تخضع لسيطرة رقابة مشددة.

وقال دون تسه، الباحث البارز في صينوإنسايدر (SinoInsider)، وهو خبير استشاري للمخاطر السياسية في الصين: لا يمكن لمراقبي الحزب الشيوعي أن يخاطروا بجعل الصينيين ينجذبون إلى خيار هونج كونج، وإلا فإن النظام الشيوعي سوف يتعرض للخطر.

وقال تسي: لكن الحزب الشيوعي الصيني لا يمكنه تجنب التعليق على موقف هونج كونج خشية أن يفقد الفرصة للسيطرة على وتشكيل الخطاب العام في البر الرئيس.

وهكذا، لا تستطيع رقابة الأحزاب سوى إظهار تدمير المجلس التشريعي ولكنها لا تسمح بمشاهد المتظاهرين.

وقال هوا: إن هونج كونج والحكومات المركزية ستظهران وتعلنان عن مشاهد العنف لكسب الرأي العام.

وبهذه الطريقة، يمكن للحكومة الحصول على الكثير من الأدلة، وكسب المزيد من الدعم العام، والعثور على عذر وتقديم أدلة لمعاقبة هؤلاء الناس بعنف في المستقبل.

خفض درجة التوتر  

أدانت “جلوبال تايمز” التي تديرها الدولة الصينية “السلوك الذي شبهته بالغوغائي” في مقال افتتاحي.

وبينما قالت الصحيفة: إن القانون والنظام شأنان داخليان لهونج كونج، إلا أنها أضافت أنه في ظل فهم عام وشائع لكيفية عمل العدالة، فإن المجتمع الصيني يدرك تمام الإدراك أن سياسة عدم التسامح مطلقاً هي العلاج الوحيد لمثل هذا السلوك الهدام المدمر الذي شهدناه.

وقال محللون: إن السلطات قد تتبنى نفس الرد الذي استخدموه ضد حركة “المظلة” المؤيدة للديمقراطية لعام 2014 باعتقال قادتها بعد فشل المتظاهرين في الفوز بأي تنازلات.

وقال كابستان: إن بكين يمكن أن توفر مزيجًا من العصي والجزرة، تطلب من كاري لام الذي لا يحظى بشعبية أن يتنحى عن منصبه وتقوم بتعيين شخص آخر “لخفض درجة التوتر”، وفي نفس الوقت الضغط على المدينة لمقاضاة الأشخاص الذين نهبوا الهيئة التشريعية.

وقال جوزيف تشينج، المحلل السياسي المقيم في هونج كونج: إن تعليق العلم الاستعماري والكتابات المعادية لبكين كانت “لفتات تحد وليس مجرد عمل سياسي حقيقي”.

لكن لام وبكين يمكنهم اغتنامها لتبرير الحملة.

وقال تشنج: هذا هو بالضبط السبب في وجود أصوات كثيرة داخل الحركة المؤيدة للديمقراطية تطالب بالحفاظ على المقاربة السلمية قبل وقت طويل من هذه الحلقة”.

 

______________

لوران ثوميت “AFP”.

Exit mobile version