مؤتمر البحرين.. عوامل عديدة تفرض مشاركة الأردن

بات في حكم المؤكد أن يشارك الأردن في مؤتمر “ورشة الازدهار من أجل السلام”، بالعاصمة البحرينية المنامة، يومي 25 و26 من يونيو الجاري.

وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية والبحرين، في بيان مشترك، إقامة المؤتمر، على مستوى وزراء المالية، وبمشاركة رجال أعمال.

ويركز المؤتمر على الشق الاقتصادي من الخطة الأمريكية المرتقبة للسلام بالشرق الأوسط، المعروفة إعلاميا بـ”صفقة القرن”.

وتوافقت السلطة والفصائل الفلسطينية على مقاطعة المؤتمر، لكونه أحد أدوات “صفقة القرن”، التي يتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمشاركة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

وصرح “عراب” الصفقة، جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، الإثنين، بأن كلا من الأردن، مصر والمغرب، ستشارك في المؤتمر.

بينما لم تعلن أي من الدول العربية الثلاثة قرارها رسميا بشأن المشاركة من عدمها. لكن يبدو أن ارتباط الأردن الوثيق بالقضية الفلسطينية يجعل مشاركته في المؤتمر مؤكدة.

المملكة هي صاحبة الوصاية على القدس والمقدسات في فلسطين، ولا يترك الملك عبد الله ابن الحسين الثاني، مناسبة محلية ولا دولية إلا ويتحدث عن حقوق الفلسطينيين.

وضاعفت “صفقة القرن” من تحركات الأردن دوليا، لمنع أية معالجة للقضية الفلسطينية تؤثر على أمنه واستقراره، بحكم تركيبته الديموغرافية، ذات الأغلبية الفلسطينية.

ما حسم مشاركة الأردن في المؤتمر، وفق مراقبين، هي زيارة كوشنر الأخيرة لعمان، في 29 مايو الماضي.

وخلال اجتماع مع سياسيين وإعلاميين، الإثنين، تحدث الملك عبد الله عن ضرورة وجود الأردن في المؤتمرات الدولية حول القضية الفلسطينية، سواء كان مؤتمر البحرين أو غيره، حتى نستمع ونبقى على معرفة بما يجري، ولا نكون خارج الغرفة، بحسب بعض الحضور.

وتابع أن الضغط على الأردن بسبب صفقة القرن انخفض، والتي لن يكون بها جديد خلال الصيف الحالي.

فرص اقتصادية

وقال عامر السبايلة، خبير في العلاقات الدولية: إن المشاركة ضرورية لدولة مثل الأردن، للبقاء على تماس مباشر مع كافة التفاصيل المتعلقة بالخطط والبرامج التي يتم طرحها للمنطقة عامة، وللقضية الفلسطينية بشكل خاص.

وأضاف السبايلة أن المشاركة لا تعني في المفهوم السياسي، وبعيدا عن الشعبويات الزائفة ونظريات المؤامرة، الانسياق مع رؤى تتضارب مع المصالح الأردنية.

وأردف: بل على العكس تماما فهي تشكل فرصة للأردن كي يطرح وجهة نظره ويستفيد من توظيف ما يجري لصالحه.

وأردف: نحن بحاجة إلى فكر سياسي طويل الأمد والتعاطي مع ما يجري في المنطقة وفق رؤية استراتيجية عميقة تأخذ من الأمن القومي الأردني أساسا وأولوية، بحيث نُخضع كل ما يتم طرحه هناك (في البحرين) وما بعده لمعايير الأمن القومي الأردني.

وزاد بقوله: المؤتمر اقتصادي بامتياز، وهو فرصة للأردن لتوظيف فرص قادمة لتنمية اقتصاده، مع الحفاظ على الثوابت الأردنية.

رفض الكونفدرالية

ورأى وصفي الشرعة، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة اليرموك، أن وجود الأردن في مؤتمر البحرين ضروري وأساسي وحتمي، في ظل رغبة عربية ودولية، استناداً إلى مواقفه المعتدلة سياسيا في المنطقة.

وتابع: الأردن لن يبدي موافقة على أي مشروع مقترح، إلا إذا أبدت السلطة الفلسطينية موافقتها.

وأردف: لكن من المرجح، وقياسا على مفاوضات ما بعد مدريد حتى أوسلو، وجود مفاوضات غير معلنة، فلسطينية إسرائيلية أمريكية لتمرير الصفقة، في ظل القبول بالحد الأدنى بما يشبه حكما ذاتيا فلسطينيا.

وأضاف أن ذلك يصطدم برفض الأردن أن يتطور الحكم الذاتي لمشروع كونفدرالية معه، ما يعني بأن المملكة ستحافظ على سيادتها باتجاه القضية الفلسطينية، والتمسك بمشروع حل الدولتين.

التزامات دولية

أما بدر الماضي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأردنية، فاعتبر أن الأردن لا يستطيع المجابهة لوحده، أو حتى مع الطرف الفلسطيني.

وأضاف: الأردن لا يملك شرف التأخر عن المشاركة، فلديه التزامات دولية تجاه القضية الفلسطينية والخط الراعي للسلام، وهو الولايات المتحدة.

ومضى قائلاً: إن وجود الأردن سيغير من الطروحات التي تؤثر عليه وعلى الجانب الفلسطيني، والجهات الداعمة تريد القفز على وقائع ترتبط بالقضية دون حلول ترضي الطرفين الأردني والفلسطيني.

وأردف: تلك الإجراءات ستقصي الأردن، لذلك فوجوده بات ضرورة ملحة على الأقل لمحاولة وقف أية محاولات لفرض رؤى سياسية جديدة على واقع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والتي بالتأكيد ستؤثر على مستقبل الاستقرار الأردني.

قواعد أردنية

رأى نضال الطعاني، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأردني، أن الحلول الاقتصادية لن يكون لها جدوى، وما يهمنا هو القضية الفلسطينية.

وتابع الطعاني: والموقف الأردني يتماهى مع الموقف الفلسطيني بشأن مؤتمر البحرين أو أي مؤتمر آخر.

وأضاف: ملك الأردن قال في تصريح سابق: أنا كهاشمي كيف أتراجع عن القدس؟ مستحيل. خط أحمر. كلا على القدس، كلا على الوطن البديل، كلا على التوطين.

وأضاف الطعاني: حتى لو شاركنا بأي مؤتمر، ما يحكمنا هو قواعد ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وهو حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو 1967، والشعب الأردني بكامل مكوناته يقف خلف الملك بتوجهاته السياسية في هذا الشأن.

وترفض القيادة الفلسطينية التعاطي مع أية تحركات أمريكية في ملف السلام، منذ أن أعلن ترمب، في 6 نوفمبر 2017، القدس بشطريها الشرقي والغربي عاصمة لـ”إسرائيل”، ثم نقل السفارة الأمريكية إليها، في 14 مايو 2018.

وتقول القيادة الفلسطينية: إن ترمب منحاز تماما لصالح “إسرائيل”، وتدعو إلى إيجاد آلية دولية لاستئناف عملية السلام المجمدة منذ أبريل 2014.

Exit mobile version