الفساد والجريمة والفقر.. مثلث التحديات بانتخابات جنوب أفريقيا

مع حلول صباح الأربعاء، يتوجه ملايين الناخبين في جنوب أفريقيا إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات تشريعية ومحلية تفضي إلى حكومة جديدة، مدفوعين بالأمل في أن تعالج تلك الحكومة المستويات العالية من الفساد والجريمة والفقر.

وتعهدت جميع الأحزاب السياسية تقريباً التي تتنافس على مقاعد البرلمان والمجالس المحلية، هذا الأسبوع، بإنهاء الفساد والحد من الجريمة والبطالة، وهي أمور تمثل تحديات رئيسية في أكبر الاقتصادات الصناعية في أفريقيا.

وفي هذا الصدد، قال موسى ميمان، زعيم حزب “التحالف الديمقراطي” (معارض)، خلال تجمع انتخابي بمدينة جوهانسبرج مطلع الأسبوع: “سنضع حداً للفساد الذي دمر بلدنا ومثل خيانة لشعبنا”.

وأضاف: “أي سياسي أو مسؤول تثبت إدانته سيذهب إلى السجن لمدة 15 عاماً”.

وأصدر الرئيس سيريل رامافوسا، زعيم حزب “المؤتمر الوطني الأفريقي” الحاكم، تصريحات مماثلة.

وقال رامافوسا، الذي حل محل جاكوب زوما العام الماضي، في تصريحات خلال حملة انتخابية بالعاصمة جوهانسبرج أكبر مدن البلاد الأحد: “نحن مصممون على ألّا يُسمح لأولئك الذين ثبتت إدانتهم بالفساد بشغل مناصب مسؤولة”.

ورغم توجيه اتهامات للعديد من قادة حزب “المؤتمر الوطني الأفريقي” بمن فيهم الرئيس السابق جاكوب زوما بالفساد، فإن الحزب لا يزال يتصدر استطلاعات الرأي، كما يعتقد بعض مؤيديه أنه سيتصدى للفساد والتحديات الرئيسة الأخرى التي تواجه البلاد.

وقال فاضل سليمان، رئيس “الشبكة الإسلامية لجنوب أفريقيا” (غير حكومية) في مقابلة مع “الأناضول”: نأمل أن يقوم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بمراجعة مسألة تعيين المقربين وأصحاب الولاءات والمحسوبية من أجل معالجة الفساد، يجب على الحزب التفكير في تعيين أشخاص أكفاء.

ويعتقد سليمان أن حزب “المؤتمر الوطني الأفريقي”، الذي يتولى السلطة منذ عام 1994، سيفوز مرة أخرى في انتخابات هذا الأسبوع.

وأوضح: أعتقد أن حزب المؤتمر الوطني فقط هو الذي يمكنه حل الفوضى التي أحدثها.

وقال: آمل أن تزيد الإدارة الجديدة من فرص العمل وتحارب الجريمة وتحد من الفقر.

بدوره، قال المحلل السياسي الجنوب أفريقي شادراك جوتو، رئيس “كرسي دراسات النهضة الأفريقية”، في مقابلة مع “الأناضول”: إنه ينبغي على جنوب أفريقيا التحلي بالصبر مع أي حزب يتولى السلطة.

وقال: تواجه جنوب أفريقيا العديد من التحديات التي تشمل الرعاية الصحية والإسكان، كما أن الاقتصاد ليس على ما يرام؛ لذلك فإن الأمر لا يتطلب سحراً لإحداث تغييرات بسرعة.

الجريمة والفقر والبطالة

الجريمة هي التحدي الرئيس الذي يؤثر على شعب جنوب أفريقيا من جميع الطبقات الاجتماعية.

ووفقاً لإحصاءات الجريمة الصادرة عن الشرطة في العام الماضي، يجري يومياً قتل 57 شخصاً على الأقل في البلاد، فضلاً عن إبلاغ ما معدله 110 من النساء الشرطة عن تعرضهن للاغتصاب.

وقالت باليسا بريتي، صاحبة صالون لتصفيف الشعر في جوهانسبرغ، لـ”الأناضول”: أريد من الحكومة الجديدة أن تعطي الأولوية لمحاربة الجريمة لأننا لسنا آمنين في هذا البلد.. يمكن أن نتعرض للهجوم في أي مكان وفي أي وقت؛ فنحن لسنا آمنين حتى في منازلنا.

وتعهدت جميع الأحزاب السياسية الكبرى المتنافسة في الانتخابات بزيادة تدريب الشرطة ومكافحة الجريمة التي ينسبها بعض الأشخاص إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر.

من جانبه، تعهد حزب “مقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية”، ثالث أكبر حزب سياسي في جنوب أفريقيا، بمصادرة الأراضي من المالكين البيض بشكل أساسي لإعادة توزيعها على الفقراء السود الذين لا يملكون أرضاً.

وتعد ملكية الأراضي موضوعاً جدلياً في جنوب أفريقيا؛ حيث لا تزال معظم الموارد الطبيعية مملوكة للمواطنين البيض بعد مرور 25 عاماً على انتهاء حكم الأقلية البيضاء.

ووعد حزب “المؤتمر الوطني الأفريقي” الحاكم أيضاً بتكثيف التحول الاقتصادي الجذري، الذي يشمل مصادرة الأراضي دون تعويض.

يشار إلى أنه في العام الماضي تبنى برلمان جنوب أفريقيا اقتراحاً لتعديل الدستور للسماح بمصادرة الأراضي دون تعويض؛ وعليه يرى العديد من المواطنين البيض أن هذه السياسة غير عادلة.

ويعتقد البروفيسور جوتو أنه بمجرد تنفيذ هذه السياسة، فإنها يمكن أن تثير استياء المستثمرين وتفاقم من وتيرة النمو الاقتصادي البطيء الحالي في البلاد.

وقال: إذا تمت مصادرة الأراضي بطريقة غير عادلة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، فإن هذه السياسة ستزيد من المشكلات الاقتصادية الحالية التي نواجهها.

ويتنافس 48 حزباً سياسياً في انتخابات الأربعاء، التي تعد سادس انتخابات عامة في البلاد منذ إنهاء حقبة التمييز العنصري قبل نحو ربع قرن، لكن المنافسة الرئيسة تنحصر بين حزب “المؤتمر الوطني الأفريقي” الحاكم وحزب “التحالف الديمقراطي” وحزب “مقاتلون من أجل الحرية الاقتصادية”.

ومن المتوقع أن تصدر النتائج الأولية للانتخابات بدءاً من الخميس.

Exit mobile version