صواريخ “إسرائيل” تنغص حياة عائلات غزية وتجعلها “بلا مأوى”

“أصبحنا بلا مأوى، نعيش بين السماء والأرض”، هي عبارة قهر خرجت من فم المواطن زهير الغزالي (37 عاماً) الذي بات يفترش الأرض قسراً، بعدما قصفت طائرات الاحتلال “الإسرائيلي”، عمارة سكنية وسط مدينة غزة، كان الغزالي واحداً ممن يمتلكون شقة سكنية في هذه العمارة المكونة من خمسة طوابق، أصبحت “ركاماً وحطاماً” بعد صاروخ يحمل أطناناً من المتفجرات أطلقته طائرات الغدر الصهيونية، لتجعل جميع قاطنيه “بلا مأوى”.

 

على غفلة وحين كان يجتمع الغزالي مع عائلته التي تنتظر رفع آذان المغرب لتناول وجبة الإفطار بعد صيام “يوم الاثنين”، إذ بهاتفه المحمول يرن من “رقم خاص”.
“هل أنت زهير الغزالي؟ فقلت نعم، فسألني هل أنت أبو تيسير، فعاودت الإجابة، نعم، ثم بعد ذلك يُعرفني بنفسه: “احنا المخابرات الإسرائيلية”، يسرد الغزالي تفاصيل الاتصال الذي أجراه معه ضابط مخابرات الاحتلال قبيل القصف.

 

تلقى الغزالي ذلك الحوار بحالة من الصدمة، ثم صمت برهة من الوقت، فيقول: “تمالكت نفسي غصباً عني، لاستمع بقية حديث الضابط، الذي طلب مني إخلاء البيت في مدة أقصاها 10 دقائق”.
يُكمل “الضابط حذرني من إغلاق الهاتف، وقال لي: “إذا أغلقته سنقصف المبنى على رؤوسكم فوراً”.

 

أجواء من الفزع والقلق عمّت أرجاء المنزل بعد ذلك الاتصال المفاجئ، فاندفع مسرعاً لإبلاغ سكان المبنى والجيران بالخبر، قبل تسوية المبنى بالركام.

دقائق معدودة انقضت، فقصفت طائرات الاستطلاع الاسرائيلية المبنى بصاروخين على الأقل، ثم تبعهما صاروخين من الطائرات الحربية من نوع (F16)، ليصبح المبنى كومة من الركام والرماد”.

الحسرة والألم اجتاحت تقاسيم وجه الغزالي والعائلات الخمس التي أصبحت مشرّدة بعد قصف المبنى، فيردد “لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل”، داعياً الضمائر الحية لتأمين سكن بشكل سريع يأويه وعائلته، خاصة في ظل تردي وضعه الاقتصادي.

 

عمه رجب الغزالي هو الآخر الذي يشاطره القهر والحسرة، سيّما أنه مالك المبنى، الذي بالكاد يتمالك أعصابه ويحبس دموعه كلما نظر إلى بيته المكون من خمسة طوابق، وهو كومة رمال.

لم يقدر الستيني الغزالي وهو أب لأسرة مكونة من ثمانية أفراد على الحديث سوى أنه ينظر إلى ركام منزله وكأنما يعيش كابوساً سيلاحقه طيلة حياته.
يُشير بإصبعه نحو المنزل فيقول “قصفوا منزلنا وزوجتي مريضة بالسرطان، ولم تستطع جلب أدويتها الخاصة بها نظراً لضيق الوقت الذي غادرنا فيه المنزل”.
ثم يردد متسائلاً “ماذا فعلنا للاحتلال حتى يقصف بيوتنا ويعتدي على حرماتنا، فأين سنذهب الآن؟”.

 

حسرة وألم
كأس الألم والحسرة لم يقتصر على هاتين العائلتين فقط، فأم هاني الحويطي التي انقلب فرحها إلى قهر، حيث كانت على موعد لزفاف ابنتها يوم الجمعة من نفس الأسبوع الذي تحول فيه منزلها إلى ركام.

تقول أم هاني “كنا على موعد مع الفرح لزفاف ابنتي، لكنا لم تكتمل، فكل شيء أصبح تحت ركام وجدران المنزل المدمرة”.
وتروي أنها لم تتمكن من أخذ أي شيء من أغراض المنزل، ولا من “جهاز” ابنتها العروس، “بالكاد تمكنا من الخروج بأنفسنا”، وفق حديثها.

وتضيف “لم يبق شيء وإلا وفعله الاحتلال, اعتقل وذبح إخوتي, لم يبق لنا شيء في الحياة، لقد دمر وقتل كل ذكرى جميلة لنا”.

كما قصفت قوات الاحتلال بناية تعود لعائلة حسونة مكونة من 4 طوابق تضم 8 شقق سكنية وأسفلها مخازن مستأجرة من الأمن الداخلي التابع لوزارة الداخلية في غزة، حيث قصفت البناية بـ 8 صواريخ متتالية بعد الاتصال بأحد السكان وإبلاغه بإخلائها، ودمرت بالكامل ولحقت أضراراً واسعة بالمباني المجاورة، حيث تشرد بفعل القصف والدمار9 عائلات قوامها 41 فردا منهم 25 طفلا 9 نساء.

 

تجدر الإشارة إلى أن جيش الاحتلال قصف عدة أهداف في مختلف محافظات القطاع خلال التصعيد الأخير في الخامس والعشرين من مارس الماضي، مما أدى إلى وقوع أضرار جسيمة في بعض المباني والممتلكات المدنية.

Exit mobile version