الصلابة النفسية

(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ {24}) (السجدة).

الإمامة أو القدوة هي امتلاك مقومات نفسية عالية وصلبة في الالتزام ومواجهة التحديات وحل المشاكل وضبط النفس والتحكم والسيطرة عليها تحت الضغوط والتكيف في كل الأوضاع والظروف، ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أمثلة يحتذى بها نورد درراً فريدة منها ترفع الهمم وترتقي للقمم.

أولاً: نموذج أبو الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام بالالتزام بإيفاء العهود والمواثيق.. يقول الإمام ابن عاشور في “التحرير والتنوير” عند قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ) (البقرة124): وإنما الغرض ببيان فضل إبراهيم ببيان ظهور عزمه وامتثاله بتكاليف قليلة العدد وكثيرة الكلفة بذبح ولده، وترك زوجه وولده بواد غير ذي زرع فأتمهن على الفور دون تلكؤ وذلك من شدة عزمه؛ (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى {37}) (النجم).

ثانياً: نموذج يوسف الصديق في التحكم والسيطرة على المشاعر النفسية الدافعة للانتقام من مركز القوة.. عند اعتراف إخوته بجناية إلقائه في الجب؛ (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ) (يوسف: 92)، وكذلك موقف خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم في فتح مكة بتساميه على إيذاء قومه له؛ “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.

ثالثاً: نموذج مواجهة التحديات وقوة الشكيمة في تحمل الظروف الصعبة بإيجابية عالية ويقين راسخ.. بموقف الصحابة الكرام بعد الإصابات والجروح التي لحقت بهم إثر الهزيمة في “أحد”؛ (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ {173}) (آل عمران)، يقول ابن عاشور في تفسيره: “فزادهم إيماناً؛ أي العزم على النصر والجهاد”، وهو قبول التحدي بملاقاة كفار قريش والانتصار عليهم.

Exit mobile version