مصر.. زيادات الأجور لم ترفق بعد في الموازنة وتوقعات بموجة غلاء

كشفت مصادر مطلعة عن أن زيادات الأجور التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للموظفين وأصحاب المعاشات لم ترفق بعد في موازنة العام المالي الجديد 2018-2019، كما تتطلب عدة تعديلات تشريعية، بالتزامن مع مخاوف شعبية من موجة غلاء مرتقبة.

مخاوف اقتصادية

وأكد الخبير الاقتصادي مصطفى عبدالسلام أن الزيادات لم ترفق حتى تاريخه في مشروع الموازنة الجديدة الجاري إعداده، ولكنه رجح أنه من الممكن إضافتها على أن تصرف مع مرتب يوليو القادم.

وأوضح في تصريحات لـ”المجتمع” أن هناك عدة قرارات ستدفع التضخم والأسعار للارتفاع في الشهور المقبلة خاصة في يوليو المقبل مع تطبيق الموازنة الجديدة لعام 2019-2020، من بين تأثيرات زيادة الأجور والمعاشات التي أقرها السيسي والبدء في تحرير أسعار الوقود على أن تكون البداية ببنزين 97 المقرر تحريره بداية أبريل وزيادة أسعار الكهرباء والرسوم والمياه والنقل العام، إضافة إلى زيادة الطلب على السلع خلال شهر رمضان.

وأضاف أن توقعات زيادة أسعار النفط عالمياً في العام الجاري يمكن أن تدفع نحو زيادة التضخم خاصة وأن الموازنة الجديدة تقدر سعر البرميل بأقل من 70 دولاراً، ما سيمثل ضغطاً على التضخم وربما على سوق الصرف الأجنبي وسعر الدولار، وهو ما قد يدفع البنك المركزي إلى تأجيل قرار خفض سعر الفائدة على الودائع واللجوء لخيار التثبيت حتى يحدث توازناً بين التضخم ومعدلات الفائدة في البنوك ويحد من حدوث زيادة في الطلب على الدولار، علماً بأن البنك المركزي يسعى منذ فترة لخفض أسعار الفائدة لعدة أهداف منها خفض أعباء الدين العام الحكومي وتشجيع الاستثمار وخفض تكلفة الأموال في المجتمع.

وتوقع الخبير الاقتصادي أنه في حال زيادة سعر الوقود، فإن كل أسعار السلع والخدمات مرشحة للزيادة، وأولها أسعار السلع الغذائية والمواصلات العامة وتذاكر المترو ونقل السلع بين المحافظات وتكلفة الإنتاج في المصانع وغيرها.

وبحسب مصادر قانونية، فإن القرارات التي أعلنها الرئيس المصري تتطلب تعديلاً تشريعياً من مجلس النواب الحالي خاصة قانوني “الخدمة المدنية”، و”الحد الأقصى للأجور”، يمكن تمريرها عن طريق موافقة البرلمان بأغلبية ثلثي أعضائه، بجانب إصدار قوانين جديدة تخص العلاوة الاستثنائية والدورية.

المعارضة تشكك

واعتبر المجلس الثوري المصري المعارض أن الزيادات خدعة حكومية جديدة، موضحاً في تدوينة شاركها على صحفته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي أن الزيادة تحددت في 30 يونيو المقبل بعد أن يكون النظام وفر 50 ملياراً تقريباً من إلغاء الدعم نهائياً على المحروقات، وبالتالي فلن يضره مع الزيادة المتوقعة أن يعطي 10 مليارات للمواطنين، فضلاً عن أن العلاوة الدورية للموظفين هي حق أصيل لهم وتصرف بطريقة دورية سنوية، متوقعاً موجة من الغلاء.

رواد موقع التواصل الاجتماعي، انقسموا وسط حملة كثيفة من السلطات المصرية للترويج لإيجابيات القرار الذي تواتر وصفه بالتاريخي في المنصات الإعلامية المملوكة للدولة والموالية للسلطة، فبعضهم اعتبر القرار إنجازاً جديداً، فيما وصفه البعض الآخر بأنه مقدمة لرفع الأسعار كما اعتاد المصريون عقب كل زيادة طفيفة في الأجور.

وقال سمير عماد سمير في تدوينة له على “فيسبوك”، القرار محاولة للتنفيس عن الاحتقان المتزايد وبوتيرة متسارعة قبل الانفجار المتوقع، فيما ذهب أحمد سعيد إلى أنه “رشوة انتخابية” قبل الاستفتاء المرتقب على الدستور ومقدمة لزيادات متوحشة جديدة في الأسعار، لكن محمد ثابت يرى أن القرار رد على تفاعل المصريين مع حملة “اطمن أنت مش وحدك”.

احتفاء رسمي

من جانبه، استغل السيسي كلمته باحتفالية المجلس القومي للمرأة لتكريم المرأة المصرية والأم المثالية السبت 30 مارس، معلناً منح جميع العاملين بالدولة العلاوة الدورية السنوية، بنسبة 7% من الأجر الوظيفي وبحد أدنى 75 للمخاطبين بقانون الخدمة المدنية، و10% من الأجر الأساسي بحد أدنى 75 جنيهاً لغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية.

كما أعلن السيسي منح علاوة إضافة استثنائية لجميع العاملين بالدولة بمبلغ 150 جنيهاً للعمل على معالجة الآثار التضخمية على مستويات الأجور وتحريك الحد الأدنى لكافة الدرجات الوظيفية بالدولة من المخاطبين وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدينة، بما يعكس تحسين أجور العاملين بالدولة، وبحيث يكون الحد الأدنى للسادسة 2000 جنيه بدلًا من 1200 جنيه، والثالثة الوظيفية 2600 جنيه، والدرجة الممتازة 7 آلاف جنيه بدلاً من 4600 جنيه، وإطلاق أكبر حركة ترقيات للعاملين بالدولة لكل من استوفى المدة البينية اللازمة للترقية حتى 30 يونيو 2019، ومنح أصحاب المعاشات زيادة بنسبة 15% وبحد أدنى 150 جنيهاً، لقيمة الزيادة مع رفع الحد الأدنى للمعاش إلى 900 جنيه.

يأتي قرار السيسي مخالفاً لرفضه نفس الإجراء في مايو 2017، حيث طالب النائب المصري أبو المعاطي مصطفى الرئيس بزيادة الحد الأدنى للأجور لـ3 آلاف جنيه مراعاةً للمواطنين محدودي الدخل، وهو ما رفضه “السيسي” بحدة وقتها.

وقال: ردا على النائب خلال افتتاحه لعدد من المشروعات بمحافظة دمياط قبل عامين: “أنت مين؟”، وعندما رد أبو المعاطي مصطفى بأنه عضو مجلس نواب فقال الرئيس مستنكرًا: “نواب إيه!”، مضيفًا بلغة عامية مصرية حادة: “أنت دارس الموضوع اللي بتكلم فيه ده؟ أنت دارسه؟ إيه ده؟ أنتو دارسين الكلام اللي بتقوله ده؟”.

من جانبها ثمنت وزارة المالية المصرية القرار وسط احتفاء رسمي واسع مؤكدة في بيان رسمي اطلع عليه “المجتمع” أن حزمة الإجراءات الاجتماعية التي أعلن عنها السيسي تدشن لعقد اجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع المصري، فيما وصفها البرلمان المصري بأنها “ثورة تصحيح”!

Exit mobile version