الهند تحد من تدفق 3 أنهار لباكستان.. أتنذر بحرب مياه؟

يبدو أن التوترات التي شهدتها العلاقات بين باكستان والهند خلال الأسابيع القلائل الماضية بسبب هجوم لمسلحين في إقليم كشمير المتنازع عليه، قد تلاشت أخيرًا، لكن نيودلهي فتحت جبهة جديدة للخلاف، وهذه المرة تتعلق بالمياه.

وقالت الهند، الأحد الماضي: إنها أوقفت أكثر من نصف مليون فدان/ قدم من المياه (الفدان قدم الواحد يعادل 1233.5 متر مكعب) في ثلاثة أنهار شرقية من التدفق إلى باكستان، لكن يعتقد خبراء أنه من غير المرجح أن تؤثر هذه الخطوة على باكستان.

هذا التطور أعلن عنه أرجون ميغوال، وزير الدولة الهندي لشؤون الموارد المائية، الأحد الماضي، مشيرًا إلى أنه تم وقف تدفق مياه أنهار رافي، وبيس، وسوتليج.

وقال ميغوال للصحفيين في مسقط رأسه بلدة بيكانير: تم منع حوالي 0.53 مليون فدان/ قدم من المياه من التدفق إلى باكستان وتم تخزينها.

وأضاف: كلما احتاجت ولاية راجستان أو البنجاب إلى هذه المياه، فيمكن استخدامها لأغراض الشرب والري.

ويبلغ متوسط مياه الأنهار الشرقية الثلاثة -المخصصة للهند- 33 مليون فدان/ قدم.

وبهذا الخصوص، علّق سيد جامات علي شاه، مفوّض شؤون المياه السابق في باكستان، بالقول: هذا الأمر لا علاقة له بباكستان، لأن الهند لم توقف حصتنا.

وأضاف علي شاه لوكالة “الأناضول”: بدلاً من ذلك، أوقفت الهند المياه الإضافية التي تتدفق إلى باكستان بسبب زيادة المنسوب أو التسرب في السدود المقامة على الأنهار الشرقية الثلاثة.

وأشار إلى أنه بموجب معاهدة المياه لعام 1960 بين البلدين، ليس لباكستان أي حق بالمطالبة بمياه الأنهار الشرقية الثلاثة.

وقال: هذه في الحقيقة مياه الهند، ولم تدخل هذه المياه الإضافية في حسابنا أبداً.. إذا كانت متوافرة، فنحن نستخدمها، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فلا يتعين علينا أن نعبأ بها.

وتابع: باكستان لا يمكنها أن تعترض إلا إذا أوقفت الهند المياه من الأنهار الغربية الثلاثة، وهو ما لم تفعله، حسب قوله.

ويتقاسم الخصمان منذ فترة طويلة مياه ستة أنهار بموجب “معاهدة مياه نهر السند”، الخاصة بتقاسم المياه وتوسط فيها البنك الدولي عام 1960.

وبموجب المعاهدة، تم تخصيص مياه الأنهار الشرقية (سوتليج وبيس ورافي) للهند، في حين أن الأنهار الغربية الثلاثة (السند وجهيلوم وشيناب) تذهب إلى باكستان.

وتتهم باكستان الهند باستمرار بانتهاك المعاهدة من خلال بناء السدود على الأنهار الغربية، في حين تعتقد نيودلهي أن إسلام آباد تسيطر على كميات أكبر من المياه من نيودلهي نتيجة للمعاهدة.

وتخوض الهند أيضًا نزاعًا على المياه مع الصين حول إنشاء بكين لسدود على نهر براهمابوترا، الذي ينبع من التبت، ويوفر ثلث احتياجات الهند من الري.

وتفاقمت العلاقات المتوترة بالفعل بين إسلام آباد ونيودلهي بعد أن هدد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، أثناء تعليق المحادثات حول نزاع تقاسم المياه، بإلغاء المعاهدة بعد هجوم عام 2016 على قاعدة عسكرية أسفر عن مقتل 19 جنديًا هنديًا.

ودفع ذلك التهديد باكستان إلى التحذير من أن مثل هذه الخطوة ستعادل إعلان الحرب، إلا أن الجانبين استأنفا المحادثات المتوقفة في العام 2017.

حرب مياه

يعتقد محللون هنود وباكستانيون أن نيودلهي لن تكون قادرة على وقف تدفق المياه إلى باكستان دون بناء البنية التحتية المطلوبة.

ويقول هيمانشو ثاكار، خبير شؤون مياه الأنهار والسدود في باكستان: إن الهند لا تسدي إلينا أي خدمات عن طريق إطلاق المياه إلى باكستان.

ويضيف أنه وفقاً للمعاهدة، تم تخصيص الأنهار الشرقية للهند، ولم تستطع نيودلهي استخدام هذه المياه بالكامل بسبب عدم وجود بنية تحتية لتخزينها وتحويلها بشكل صحيح، لذلك كان من حقنا استخدام هذه المياه.

ويبدى سيد جامات علي شاه، مفوّض شؤون المياه السابق في باكستان، وجهة نظر مماثلة، قائلاً: رغم أن نيودلهي أبدت مرارًا وتكرارًا عزمها على فسخ معاهدة نهر السند للمياه، فإنها لا تزال غير قادرة على إيقاف مياه الأنهار الغربية.

ويقول: سيستغرق الأمر عقدًا من الزمان أو نحو ذلك إذا بدأت الهند في بناء السدود وخزانات المياه الأخرى على الأنهار الغربية، مشددًا على أن مثل هذه الخطوة ستكون بمثابة خوض حرب مائية ودعوة إلى رد فعل قوي من باكستان.

خطوة للاستهلاك المحلي

من جهته، يعتبر عبدالخالق علي، وهو محلل سياسي في كراتشي، أن الخطوة التي اتخذتها إدارة مودي بوقف تدفق كميات من المياه لباكستان، هي حيلة تهدف إلى كسب أصوات الناخبين في الانتخابات العامة المقبلة.

وقال علي: هذا القرار مخصص للاستهلاك المحلي، حيث إن الانتخابات أصبحت قاب قوسين أو أدنى.

ويضيف قائلاً: يمكنك توقع مثل هذه التحركات حتى يوم الانتخابات، مستشهداً بعدد من الاستطلاعات المحلية التي أظهرت ارتفاعًا في شعبية حزب بهارتيا جاناتا الحاكم بعد التصعيد مع باكستان.

وتصاعد التوتر بين الجارتين عقب تفجير انتحاري في الجزء الخاضع للهند من كشمير في فبراير، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 40 جنديًا هنديًا.

وأججت هذه التصعيدات حدة التوتر بين الجارتين النوويتين، حيث أسقطت إسلام آباد طائرتين هنديتين وأسرت أحد طياريهما وأطلقت سراحه في وقت لاحق من هذا الشهر.

وخاضت الدولتان ثلاث حروب في الأعوام 1948 و1965 و1971 -اثنتان منها حول كشمير- وذلك منذ تقسيمهما عام 1947.

Exit mobile version