التقوى

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي نقى عباده المخلصين من الشرك والمعاصي، وهداهم إلى سبيل الخير والتراضي، وأصلي وأسلم على النبي المنتقى، والرسول المجتبى، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فاعلَم أيها الداعية إلى الله أنّ من أسرار نجاح الدعوة وانتشارها في ربوع الأرض، هو: تقوى الله عز وجل، فالتقوى سلاح عجيب يفتح الأقفال، وينفذ من المعضلات، ويجلب الأرزاق، قال الله تعالى عن التقوى (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)، (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا) (سورة الطلاق آيات 2-3-4-5)

هذه هي بعض ثمار التقوى فاحرص على قطفيها، واعلم معناها ومرامها حيث قال عنها الإمام علي -رضي الله عنه-: التقوى: هي الخوفُ من الجَليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

وعندما سأل رجلٌ أبا هريرةَ -رضي الله عنه- عن التقوى فقال: “أرأيت لو أنك في طريق ذات شوك ما كنت تفعل؟! فأجابه: أتجنّب هذا الشوك، وأحذر من الوقوع فيه.

قال أبو هريرة: كذلك التقوى، أن تجتنب المنكرات والشبهات، وتحذر من الوقوع فيها”.

وأصل التقوى أنْ تكون في القلب، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: التقوى ها هنا، ويُشيرُ إلى صدره ثلاث مرات”.([1])

 

فاحرص يا من حملت على عاتقك همّ الدعوة وتبليغها أن تحمل بقلبك هم التقوى وتحصيلها، وتذكّر قول الشاعر الحكيم:

تَزَوَّد من التَّقْوى فإنَّك لا تَدْري           إذا جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر

فكم من عروس زيَّنوها لزوجها           وقد نُسِجَت أكفانُها وهي لا تدري

وكم من صغارٍ يُرْتَجى طول عمرهم      وقد أدخلت أكفانهم ظلمةَ القبر

وكم من صحيح مات من غير عِلَّةٍ       وكم من سقيم عاشَ حِينًا من الدهر

وفي الختام:-

نسأل الله أن يجعلنا من عباده المتقين، لأن الله سبحانه لا يتقبل العمل إلا إذا كان من عبدٍ متَّقٍ مُخْلِصٍ، قال الله سبحانه (إنَّما يَتقَّبلُ الله مِنَ المُتّقين) (سورة المائدة آية 27)

                          والحمد لله رب العالمين.

 

 الهامش:

([1]رواه مسلم (رقم/ 4650)

Exit mobile version