جزائريون لوزيرة التربية: امنعوا “الرقص” وليس “الصلاة”

– كيف يمنع من أداء الشعيرة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر وفيها جماع التربية والأخلاق السامية؟!

– “الروتاري” شكر الوزيرة رغم أنه يعرّف نفسه بأنه مؤسسة خيرية عالمية لا تتدخل بالدين أو السياسة!

– في الوقت الذي كشفت فيه بن غبريت عن موقفها من الصلاة داخل المدارس لم تجد مانعاً في الرقص داخلها!

 

تسببت وزيرة التربية الجزائرية، نورية بن غبريت، في إثارة ضجة كبيرة بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، عندما أعلنت صراحة -خلال ندوة صحفية أقامتها بإحدى المحافظات الشرقية- أن الصلاة مكانها في المنزل، وليس في المؤسسات التعليمية التي أوجدت للعلم والتعلم، وذلك في ردها حول قضية التلميذة التي تزاول تعليمها في مدرسة الجزائر الدولية بباريس، التي حُرمت من الدراسة لمدة أسبوع كامل بسبب أدائها لشعيرة الصلاة في ساحة المدرسة!

انتهز نادي “الروتاري” (الماسوني) في الجزائر هذا التصريح، ليكشف عن موقفه الذي لا يخفي على أحد من هذه القضية، حيث وجه من خلال صفحته على “فيسبوك” شكره وتقديره لوزيرة التربية لقرارها منع الصلاة في المدارس الجزائرية، مع أنه يعرّف نفسه بأنه “مؤسسة خيرية عالمية لا تتدخل في الشؤون الدينية والسياسية لأي دولة”.

ولم يكن هذا الموقف ليمر دون أن يلتقطه نشطاء التواصل الاجتماعي، ويصوبوا نحوه سهام نقدهم للوزيرة والروتاري على حد سواء، حيث قال لخضر القايد: حين نظموا يوماً كاملاً بمؤسسة تربوية للتبرك بـ”بوغنجة” و”أنزار” الوثن الذي لقبوه بـ”رب الماء” وحولوا تلك المؤسسة لمعبد وثني؛ لم تتدخل نورية لتصرح أن المدرسة مكان للتعلم وليست ساحة لتلك الممارسات، وقد نظمت هذه النشاطات بداخل إحدى المدارس بمناسبة العيد الأمازيغي (يناير)، وتابع القايد: وحينما أدت تلميذة واجبها تجاه ربها (الصلاة) حصرت دور مدرستها في تلقي مناهجها المنحرفة!

وتساءل هشام عن سبب عدم تطبيق المادة (21) من القرار (778) المؤرخ في عام 1991م المتعـلق بنـظام الجماعة التربوية في المؤسسات التربوية والتكوينية الذي ينص على “تخصيص قاعة للصلاة في كل مؤسسة”، مضيفاً وهو يوجه كلامه للوزيرة: عليكِ بتطبيق القانون وليس الدوس عليه.

وقال عبدالرحيم عقاب متحسراً: وأي خير في قوم يمنعون الصلاة في ديار المسلمين؟! بل أي قانون يمنع الصلاة داخل المؤسسات؟! كيف يمنع من أداء الشعيرة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر التي فيها جماع التربية والأخلاق السامية؟! وأضاف موجهاً تعليقه لنادي الروتاري: إن ثناءكم على هذا القرار ينزلكم منزلة من قرره، فتوبوا إلى الله واستغفروه.

وبأسلوب ساخر، قال ناشط آخر، أشار إلى نفسه باسم “راف”: يمنع منعاً باتاً الواجبات المنزلية؛ لأن المنزل ليس مدرسة! يُمنع الأكل في المدرسة، وعليه يجب إغلاق المطاعم لأن المدرسة ليست مطعماً، ومن رغب في الأكل عليه أن يذهب إلى بيته أو إلى المطعم! يمنع منعاً باتاً إقامة الحفلات مهما كانت؛ لأن المدرسة للدراسة وليست للرقص أو الغناء، يمنع ممارسة الرياضة في المدرسة؛ لأن المدرسة للعلم وليست للعب، ومن يرغب في الرياضة عليه أن يذهب إلى الملاعب، يمنع منعاً باتاً تعطيل الدراسة من أجل تحويل المدارس إلى مراكز للانتخابات السياسية؛ لأن الانتخابات مكانها في البلديات!

وتفاعل عدد كبير من الرواد مع هذا التعليق، وأعربوا عن ضرورة التزام المدارس بدورها في التعليم فقط دون ممارسة نشاطات أخرى غير محسوبة عليها، وإلا السماح بأداء الصلاة في وقتها داخل المدارس.

وعلق فارس البيداء على منشور نادي الروتاري الذي يهنئ وزيرة التربية الجزائرية بهذا القرار قائلاً: نادي الروتاري الماسوني يبارك للوزيرة وكل أتباعها والمتعاطفين معها وكل من ساندوا قرارها وأيدوه، مبروك عليكم منع الصلاة، وسنرى إن كان نزع البسملة من الكتب، ومنع الصلاة، وتشجيع الغناء والرقص سيوصلكم إلى الفضاء، أو سيمكنكم من إتقان العلوم والتكنولوجيا، لأن الإسلام وشعائره في نظركم سبب التخلف وحجر عثرة أمام التقدم، قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {8} هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ {9}﴾ (الصف).

قرار غير مفاجئ

ورغم أن هذا القرار أثار ضجة كبيرة بين الجزائريين، فإنه لم يفاجئهم؛ لأنهم تعودوا من بن غبريت اتخاذ قرارات مماثلة لا تخدم الجانب الديني، بل تحاول في كل مرة أن تغلق عليه المنافذ حتى لا ينتشر بين الطلاب والتلاميذ، رغم ما تسوقه من مبررات بعيدة عن معاداة الدين أو محاربته، وهكذا كان الشأن مع قرارها الأخير بمنع فتح مصليات جديدة في المؤسسات التعليمية إلا بترخيص من مديريات التربية التابعة للمحافظات، مبررة ذلك بأن المصليات لا تدخل ضمن المرافق التربوية، وعليه يجب أن تُستغل في التدريس أو تخصص لنشاطات أخرى بدل الاشتكاء من الاكتظاظ!

ولا يزال المعارضون لسياسة وزيرة التربية الجزائرية يتذكرون ما جرى قبل نحو سنتين، عندما قررت حذف “البسملة” من مقدمات الكتب المدرسية، باستثناء كتاب التربية الإسلامية، وهو الأمر الذي أثار موجة من السخط والاستياء بين الجزائريين الذين اتهموا الوزيرة بمحاولة طمس الهوية الإسلامية للطلبة والتلاميذ، والاعتداء على عقول الأطفال وهوية الشعب الجزائري تحت ذريعة الإصلاحات، وهو موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.

وفي الوقت الذي كشفت فيه بن غبريت عن موقفها من الصلاة داخل المدارس، معتبرة أن الأمر لا يمت بصلة إلى المؤسسة التربوية الموجهة للعلم والتعلم، لم تجد أي مانع في أن يرقص تلاميذ إحدى الابتدائيات على موسيقى “الواي واي” حيث قالت: إن هذا الأمر يدخل في إطار الإبداع، ولا بد من الاعتماد عليه للقضاء على العنف في المدارس! مطالبة في الوقت نفسه مدير الابتدائية بمتابعة الأشخاص الذين سربوا الفيديو ونشروه على “يوتيوب”.

ويدرك الجزائريون أن هذه المواقف الجريئة والمثيرة للجدل للوزيرة لن يكون لها آخر ما دامت على رأس الوزارة؛ فيواجهونها بكثير من الانتقاد والاعتراض، وتباغتهم لتصدر قرارات أخرى أكثر جرأة باسم الإصلاحات وترقية المدرسة الجزائرية.

Exit mobile version