البطالة والاقتصاد.. محاور أساسية في الانتخابات الهندية المقبلة

من المقرر إجراء الانتخابات العامة المنتظرة في الهند، بحلول أيار/ مايو المقبل، وستتولى حكومة جديدة السلطة بحلول أوائل يونيو/ حزيران.

ويسعى حزب “بهاراتيا جاناتا” اليميني الحاكم، بزعامة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي إلى الحصول على ولاية ثانية في الوقت الذي تخوض فيه أحزاب المعارضة معركة موحدة “للإطاحة” بما يسمونه “نظام متكبر”.

وبهدف تسليط الضوء على ما يحدث في الفترة التي تسبق الانتخابات، أجرت الأناضول مقابلة مع الباحث الأمريكي المتخصص بشؤون آسيا، مايكل كوجلمان، الذي يشغل منصب نائب مدير برنامج آسيا وكبير مساعدي جنوب آسيا في مركز “ويلسون” للأبحاث، مقره واشنطن.

و”كوجلمان” خبير وأستاذ مشارك في مركز “وودرو” ويلسون للباحثين، وله العديد من الكتابات حول التنمية والأمن الدوليين والسياسة الخارجية الأمريكية وأفغانستان.

عند سؤاله هل ترى أن حزب “بهاراتيا جاناتا” اليميني الحاكم، بزعامة رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي سوف يستقطب الناخبين، مرة أخرى، ويكون الفائز في انتخابات 2019؟.

أجاب كوجلمان: من الصعب التنبؤ بنتائج الانتخابات الهندية.. يبقى حزب مودي هو المرشح الأول، رغم أن كلا من مودي و حزب “بهاراتيا جاناتا” قد أصبحا أكثر ضعفا في الأشهر الأخيرة.. إن ظهور بعض النتائج المخيبة للآمال لحزب “بهاراتيا جاناتا” في الانتخابات المحلية الأخيرة، واستمرار تراجع الأداء الاقتصادي وتكثيف عمل حزب المؤتمر الوطني المعارض.. كلها مؤشرات تدل على أنه حتى في حال فوز “بهاراتيا جاناتا” بهذه الانتخابات، فإنه سيحتاج إلى العمل بجد من أجل إثبات نفسه من جديد.

وعندما سألناه: بما أن معظم وعود “مودي” الانتخابية لم تتحقق، بما في ذلك خلق 200 مليون وظيفة وإيداع 15 ألف روبية (21 ألف و150 دولارا) في الحساب المصرفي لكل مواطن، فهل سيظل هو المفضل؟.

قال كوجلمان: صحيح أن الاقتصاد، الذي كان ينظر إليه في الماضي على أنه نقطة قوة لمودي، أصبح مطلب الجميع.. إلا أن مودي لا يزال شخصية ذات شعبية، والناخبون يدعمون سياساته الخارجية بشكل عام، ولا سيما موقفه المتشدد تجاه باكستان.

وقد دخل حزبه في السلطة في عام 2014 وسط آمال كبيرة توقعت بأنه سيجري إصلاحا اقتصاديا كانت البلاد في أمس الحاجة إليه.. أجمع الشعب الهندي على أن حزب “بهاراتيا جاناتا” لم ينجح في تحقيق الإصلاح الاقتصادي.. لذلك في حال خسر في انتخابات 2019، فإن الاقتصاد سيكون وراء ذلك.

وعن العوامل الرئيسية التي ستحسم نتيجة الانتخابات العامة في الهند يرى كوجلمان أن الأمر كله يتعلق بتوفير الوظائف.. فلم يكن الأداء الاقتصادي هو نقطة الضعف الوحيدة بالنسبة لمودي، بل في الحقيقة، استمرت أرقام البطالة في الارتفاع طوال فترة ولايته.. وإن حقيقة أن الحكومة ربما سعت في الآونة الأخيرة إلى منع إصدار تقرير جديد يشير إلى ارتفاع معدلات البطالة، ستجعل مسألة الوظائف تشكل تحديا أكبر أمام حزب “بهاراتيا جاناتا”، وسيتعين عليه التغلب على ذلك.

وبالنسبة لتوقعاته عن أي تغيير في سياسة الهند الخارجية فيما يتعلق بباكستان بعد الانتخابات قال كوجلمان: أعتقد أن الحكومة الهندية المقبلة، سواء كانت تتبع حزب “بهاراتيا جاناتا” مرة أخرى أو حزب المؤتمر، سوف تتخذ موقفا أكثر نعومة تجاه باكستان، أو على الأقل في البداية ستقوم بتجربة موقفا أكثر ليونة وترى كيف تسير الأمور.

مضيفا، “لقد سعت حكومة مودي إلى الانخراط مع إسلام أباد بعد توليها السلطة مباشرة، لكنها خلصت إلى أن الموقف التصالحي لم يذهب بها إلى أي مكان، وقررت منذ ذلك الحين ألا تختار الحوار. وفي الهند، من الخطر السياسي التقرب من باكستان مع اقتراب الانتخابات.. لذا فإن أي موقف أكثر ليونة من نيودلهي تجاه إسلام أباد سيتم تأجيله لما بعد الانتخابات.

وعن رؤيته لدور بريانكا غاندي، للمرة الأولى رسميا، في السياسة الهندية أوضح كوجلمان أن وصول بريانكا غاندي إلى الساحة ينطوي على تغيير محتمل في اللعبة، فهي تتمتع بشخصية تحظى بشعبية، وربما أكثر شعبية من أخيها راهول، وهذا يمكن أن يمنح دفعة للأمام لحزب المؤتمر في وقت يتمتع فيه بالفعل بزخم جديد بعد فوزه بالانتخابات في العديد من الولايات.

وتابع “لكن حزب المؤتمر يتحمل مخاطرة كبيرة مع بريانكا غاندي، حيث تترشح في ولاية أوتار براديش.. وفي الواقع، يقوم الحزب باستخدام أحد أقوى أصوله وركائزه في بيئة انتخابية صعبة للغاية.. وتعتبر أوتار براديش واحدة من أكبر الجوائز الانتخابية في الهند باعتبارها الولاية الأكثر سكانا والأعظم أهمية في المشهد الانتخابي الكبير”.

وأردف “إذا تمكنت غاندي من استثمار تأثيرها وترجمته إلى المزيد من الزخم وحشد المزيد من الناس للتصويت لحزب المؤتمر، فإنها قد تكون حينئذ عاملا انتخابيا كبيرا”.

سألناه: إلى جانب استقطاب الناخبين، شهدنا ظهور أخبار مزيفة وصحافة صفراء لصالح الأحزاب السياسية في البلاد.. ما هو تأثير ذلك؟

فأجاب خبير وأستاذ مشارك في مركز “وودرو” ويلسون للباحثين قائلا: “لسوء الحظ ، نحن نعيش عصرا يمكن أن تكون فيه الأخبار المزيفة – خاصة عندما يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي- ذات تأثير بشكل كبير في العديد من الأماكن، ولا ينطبق هذا الأمر على الهند فقط”.

وأضاف “لا شك في أن حزب بهاراتيا جاناتا استفاد بالتأكيد من وجود وسائل التواصل الاجتماعي القوية خلال انتخابات عام 2014 التي ساعدته على الفوز”.

وأوضح أن حزب المؤتمر واجه صعوبات في أن يواكب حضور حزب “بهاراتيا جاناتا” القوي وتأثيره على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن إحدى الطرق التي قد يحاول الدفع بها، هي جذب الانتباه إلى استخدام حزب “بهاراتيا جاناتا” لحسابات مزيفة وأساليب ملتوية أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي.

وعن رؤيته لكيفية تراجع شعبية حزب بهاراتيا جاناتا قال كوجلمان “كان الحزب يتمتع بفترة شهر عسل طويلة قبل أن يبدأ الحزب في الضعف، وخاصة عندما رأى الجمهور الهندي أن وعود الحزب بالإصلاح الاقتصادي لم تتحقق”.

مضيفا “ما زلت أعتقد أن حزب بهاراتيا جاناتا في موقف أقوى الآن من حزب المؤتمر خلال انتخابات عام 2014، وأتصور أن حزب بهاراتيا جاناتا سيعاد انتخابه.. لكن ذلك لن يكون سهلا، بسبب قوة المنافسة من جانب حزب المؤتمر”.

سألناه: هل صحيح أن الأحزاب القومية الهندية تستخدم قضية باكستان وكشمير لجمع الأصوات؟

فأجاب كوجلمان: “صحيح أنه في الهند، يُترجم أي موقف ضد باكستان أثناء الحملة الانتخابية إلى أمور جيدة في السياسة.. وقد فعل حزب بهاراتيا جاناتا هذا من قبل، وسوف يفعله مرة أخرى. إن كشمير قضية حساسة جدا ومثيرة للانقسام، لذا لن نسمع الكثير عن ذلك، وخاصة من حزب بهاراتيا جاناتا الذي كافح لإدارة الغضب المتزايد والاضطرابات في تلك المنطقة”.

Exit mobile version