واقع المياه بالقطاع وصل لمرحلة الكارثة

قال نائب رئيس سلطة المياه الفلسطينية بغزة مازن البنا: إن واقع المياه بغزة وصل لمرحلة الكارثة في ظل ارتفاع نسب العجز بالمياه، وقد انعكس ذلك على المياه وجودتها التي باتت الملوحة فيها مرتفعة بـ10 أضعاف النسبة المسموح بها من منظمة الصحة العالمية، لافتاً إلى أن الاحتلال هو السبب الأساس في واقع المياه المرير بقطاع غزة، ودعا في الوقت ذاته إلى الضغط على الاحتلال للسماح للجهات المانحة بتمويل مشاريع تحلية المياه، وإعادة تكرير مياه الصرف الصحي.

وقد حاورت «المجتمع» مازن البنا حول واقع المياه في قطاع غزة، وارتفاع الملوحة والتلوث، ومخاطر ذلك على الصحة العامة، والحلول المقترحة للخروج من هذه الأزمة.

حدّثنا عن مصادر المياه الأساسية في قطاع غزة.

– مصادر المياه الأساسية في قطاع غزة الخزان الجوفي، وهو يلبي احتياجاتنا من المياه بنسبة 95%، وهذا الخزان الساحلي مشترك مع الاحتلال، حيث يمتد من مدينة الكرمل في فلسطين المحتلة شمالاً حتى مدينة العريش المصرية جنوباً.

والطاقة المتجددة سنوياً لهذا الخزان الجوفي لا تزيد على 60 مليون متر مكعب؛ فهو يعتمد بشكل أساس على مياه الأمطار، ويتم استخراج 200 مليون متر مكعب سنوياً بعجز مائي يزيد على 140 مليون متر مكعب، وهذا يؤثر على نوعية المياه، حيث أصبحت ملوثة ومالحة.

هل تسبب انخفاض مستوى الخزان الجوفي في تداخل مياه البحر معه؟ وما أثر ذلك على ملوحة المياه؟ 

– نعم هناك تداخل حدث بين الخزان الجوفي ومياه البحر المالحة بسبب الاستنزاف الكبير للمياه، فمن الجهة الغربية من الخزان توجد مياه البحر وعندما نستخرج من الخزان فوق طاقته الإنتاجية تدخل مياه البحر على مياهه؛ لذلك نجد في كل مياه غزة ارتفاعاً حاداً في الملوحة التي باتت لا تُطاق، وتحتاج لعلاج سريع، وأصبحت غير صالحة للاستهلاك، ولها آثار صحية خطيرة على حياة الإنسان.

ما العوامل الأخرى الملوثة لمياه القطاع؟

– هناك مشكلة تتعلق بتلوث الخزان الجوفي بمياه الصرف الصحي، فكل المناطق المأهولة بالسكان تعتمد على تجميع مياه الصرف الصحي، ولا يتم التعامل معها بالشكل السليم، وهناك الحُفر الامتصاصية الخاصة بالصرف الصحي، وبالتالي يتسرب جزء من المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي للخزان الجوفي؛ لهذا تتلوث المياه، والتربة الرملية تساعد على ذلك.

هل هذا يعني أن مياه القطاع ملوثة ولا تصلح للاستخدام وفق معايير منظمة الصحة العالمية؟

– هناك ارتفاع في نسب النيترات في مياه القطاع بشكل مخيف، على سبيل المثال؛ في قياسات منظمة الصحة العالمية ألا تزيد نسبة النيترات في المياه عن 50 مليجراماً في اللتر الواحد، بينما تصل في مياه القطاع إلى 600 مليجرام، فهي أكثر من 10 أضعاف النسبة المسموح بها عالمياً، وتعد مدينة خان يونس جنوبي القطاع أكبرها نسبة في التلوث بالنيترات؛ لأنها منذ فترة طويلة تعتمد على الحفر الامتصاصية.

هل للكثافة السكانية في القطاع دور في أزمة المياه الحادة؟

– قطاع غزة صغير (364 كيلومتراً مربعاً)، ويعيش عليه أكثر من مليوني نسمة، بكثافة سكانية هائلة (5000 نسمة للكيلومتر المربع، وفي بعض المناطق تصل إلى 15 ألف نسمة)، وهذا يتسبب بزيادة الاستهلاك في المياه، ونضوب الخزان الجوفي الذي تم استنزافه بشكل كبير؛ فالكتلة البشرية الهائلة في القطاع زادت بعد نكبة عام 1948م بفعل التهجير، وهناك نحو مليون وربع مليون لاجئ يحتاجون لكميات مياه مضاعفة، وبتنا غير قادرين على توفير المياه الصالحة للسكان.

باعتقادك، ما الحلول المقترحة لمشكلات المياه الخطيرة في غزة؟

– الحل يتمثل بتوفير مصادر مياه جديدة بعيداً عن مصادر المياه المحدودة في الخزان الجوفي، نحن كسلطة مياه وضعنا خطة كاملة لإدارة الخزان الجوفي، هذه الخطة تمتد من عام 2000 حتى 2020م، يجب أن يتم بناء منشآت جديدة توفر لنا مياهاً بجانب المياه الجوفية، مثل محطات تحلية مياه البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، ولكن للأسف تلك المشاريع لم يتم إنجازها بسبب الواقع السياسي والحصار الإسرائيلي المتواصل منذ 12 عاماً، من خلال مماطلة ومنع الاحتلال دخول الأجهزة الخاصة بالتحلية، ولذلك تأخر إنجازها، وهناك مشاريع قيد التنفيذ كان من المفترض أن تُنجز خلال السنوات العشر الماضية.

هناك مشاريع إسعافية لتحلية المياه ما زالت قيد التنفيذ في القطاع.. حدثنا عنا.

– هناك محطة في شمال القطاع تم إنجازها على مرحلتين شرق جباليا، وأنشئت بهدف ترشيح ومعالجة مياه الصرف الصحي بتمويل من قبل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، ومشروع في الوسط يتم تمويله لتحليه مياه البحر بتمويل من ألمانيا.

ما مشاريع دولة الكويت في تحلية ومعالجة مياه الصرف الصحي في غزة؟

– دولة الكويت الشقيقة بالشراكة مع اليابان تنفذان مشروع إنشاء محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي في شرق مدينة خان يونس بمنطقة صوفا، بمنحة مشتركة بقيمة 50 مليون دولار، وهذا المشروع الكويتي الياباني سيكون له أثر كبير في معالجة مياه الصرف الصحي في جنوب القطاع.

ما خطتكم في المستقبل كسلطة مياه فلسطينية لتجاوز هذه الأزمة؟

– مشروع تحلية المياه هو هدفنا، هناك حالياً مشروع ممول من البنك الإسلامي للتنمية ينفذ في بيت لاهيا شمال غزة، وهدفه تزويد القطاع بالمياه بقدرة إنتاجية تقدر بـ10 آلاف لتر مكعب يومياً، بتكلفة 15 مليون دولار، وهذه المشاريع الدولية جاءت لإنقاذ مياه الشرب في غزة من الواقع الخطير الذي وصلت إليه، وهناك مشروع التحدي الأكبر بقيمة 500 مليون دولار نطمح للوصول إليه في المستقبل بقدرة إنتاجية في المرحلة الأولى تبلغ 55 مليون متر مكعب سنوياً، ونتوقع في عام 2030م أن يتم رفع الإنتاج لـ110 ملايين لتر مكعب سنوياً، لكن هذا المشروع يصطدم بالاحتلال وعملية التمويل، وأقول: هذا هو الحلم لحل مشكلة المياه المستعصية في قطاع غزة، وواقع المياه وصل لمرحلة خطيرة للغاية تتطلب أن يتحرك المجتمع الدولي لحلها.

Exit mobile version