في ذكراه الـ23.. لا يزال يحيى عياش أسطورة

يوافق اليوم الخامس من يناير الذكرى الـ23 لاستشهاد قائد مجموعات الاستشهاديين بـ”كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى عياش، إثر عملية اغتيال إسرائيلية نفذت شمال قطاع غزة.

قبل أيام كشف رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الرئيس السابق لجهاز المخابرات الإسرائيلي (شاباك) آفي ديختر، تفاصيل جديدة ودقيقة عن عملية اغتيال الشهيد المهندس يحيى عياش في تسعينيات القرن الماضي.

وجاء على لسان ديختر في مقابلة إذاعية، أنّ التخطيط لعملية الاغتيال استغرق 8 أشهر من العمل الاستخباري الشاق، وعلى مدار الساعة.

وفي التفاصيل، ذكر ديختر الذي شغل في ذلك الوقت منصب قائد “المنطقة الجنوبية” في “شاباك” وهو المسؤول المباشر عن عملية التصفية، أنه وقبيل التخطيط لتصفيته عبر جهاز الهاتف النقال، خطّطوا لتصفيته عبر جهاز فاكس يمكن أن يستخدمه خلال زياراته لشمالي قطاع غزة، وذلك في الوقت الذي تركز وجوده في منطقة خانيونس، بالنظر إلى وجود القائد العام لـ”كتائب القسام” محمد الضيف هناك.

في حين استبعدت العملية بالنظر إلى تعقيدها وعدم معرفة ساعة وجود عياش في المكان الذي سيدخل إليه جهاز الفاكس، لتطرح بعدها فكرة تصفيته بنفس الطريقة التي اشتهر بها عياش وهي هندسة المتفجرات، وجرى التواصل مع عميل قريب من أحد مساعدي عياش، وزوّدوه بجهاز هاتف نقال غير مفخخ ليتعود عليه.

وبحسب ديختر، استبدل الهاتف فيما بعد بهاتف آخر مفخخ بعد تمرير تبريرات وحجج حول استبداله أمام عياش، وبالفعل استعدوا للعملية عبر طائرة دون طيار وأجهزة تحكم عن بعد، وتبين لـ”الشاباك” من خلال متابعة الهاتف السابق أنه يتحدث مع عائلته في كل يوم جمعة.

وفي أحد أيام الجمع، بدأ عياش الاتصال مع عائلته، فحاول خبراء التقنية لدى “شاباك” إغلاق الدائرة والتسبب بانفجار العبوة الصغيرة المرفقة بالهاتف دون جدوى، فجرى تخفيض ارتفاع الطائرة المسؤولة عن العملية فوق الحي الذي فيه عياش لتحسين الإشارة دون فائدة، فصدم ضباط “شاباك”.

وواصل ديختر حديثه عن العملية قائلاً: إنهم استعادوا الهاتف النقال بطريقة ما وفحصوه من جديد ليتبين وجود خلل في بعض مكوناته ما تسبب بتعطيل التفجير، وجرى إصلاحه وإعادته إلى العميل القريب من أحد مساعدي عياش.

وفي نهاية المطاف، وخلال اتصال عياش مع والده في أحد أيام الجمعة، وفي الخامس من يناير 1996 فجّروا الشحنة المتفجرة داخل الهاتف النقال، واستشهد قائد “كتائب القسام” يحيى عياش، ولم يقتنع ضابط “شاباك” المسؤول عن تشغيل إشارة التفجير باستشهاد عياش بعد تشغيله للشحنة، واعتقد أن خللاً ما أصاب الجهاز لأنه لم يعد يسمع شيئاً.

ولفت ديختر إلى أنه وفي الوقت الذي نجحت فيه عملية تصفية عياش، كانت عملية موازية لتصفية محمد الضيف، ولكنها فشلت، وذلك بعد توافر فرصة لتصفيته بعد تصفية عياش بساعات.

حياة عياش

ولد يحيى عبداللطيف عياش (الملقب بالمهندس الأول) يوم 6 مارس 1966 ببلدة رافات غرب مدينة سلفيت بشمال الضفة الغربية.

تلقى تعليمه الابتدائي بمدارس بلدة سلفيت حتى الصف السادس، ثم انتقل إلى مدارس بلدة الزاوية القريبة ودرس المرحلة الإعدادية، وحصل على شهادة الثانوية العامة بتقدير ممتاز في مدرسة بديا.

ونظرًا لتقديره الممتاز في الثانوية العامة تأهل لدراسة الهندسة، فالتحق بجامعة بيرزيت قرب رام الله ودرس الهندسة الكهربائية، فعرف لاحقاً بلقب “المهندس”.

إضافة إلى الدراسة النظامية درس العلوم الشرعية في سن مبكرة، وحصل على سند في حفظ القرآن الكريم.

ونشط سياسيًّا أثناء دراسته في الجامعة من خلال الكتلة الإسلامية، التي كانت الذراع الطلابي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ثم التحق بالجناح العسكري للحركة (كتائب القسام).

وبرع في العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال عمليات نوعية، مكنته منها خبرته وقدرته العالية على تصنيع المتفجرات بإمكانيات متواضعة، ومن مواد متوفرة في السوق المحلية.

وبدأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تترصده وتطارده منذ 1992 بعد العثور على سيارة مفخخة في منطقة “تل أبيب”، اتهمته بالمسؤولية عنها، ثم اتهمته بالمسؤولية عن عدد من عمليات التفجير التي أدت إلى مقتل وجرح مئات الإسرائيليين.

كما اتُّهم بسلسلة تفجيرات استهدفت حافلات إسرائيلية، بعد مجزرة المسجد الإبراهيمي بالخليل التي حدثت في 15 فبراير 1994.

ومن أبرز العمليات التي اتُّهم بالوقوف وراءها عملية بسيارة مفخخة في مدينة العفولة داخل ما يسمى “الخط الأخضر” بتاريخ 6 أبريل 1994، نفذها الفلسطيني رائد زكارنة، رداً على مجزرة المسجد الإبراهيمي، أدت إلى مقتل ثمانية إسرائيليين.

كما اتهم بتخطيط عمليتين في مدينة الخضيرة داخل الأراضي المحتلة في 13 أبريل 1994، إحداها بتفجير نفذه عمار عمارنة، والأخرى بتفجير حقيبة في موقف للحافلات أدى إلى مقتل سبعة إسرائيليين وجرح العشرات، وعملية تفجير في شارع “ديزنغوف” في تل أبيب نفذها صالح نزال وقتلت 22 إسرائيلياً.

ونتيجة للملاحقة المكثفة بالضفة، نقل عياش مركز نشاطه إلى قطاع غزة أواخر عام 1994، كما أعد سلسلة عمليات من هناك نفذها استشهاديون وعمليات تفجير عن بعد.

وقد أعطته هذه العمليات شهرة كبيرة، جعلت بعض الفنانين يستلهمون سيرة حياته في أعمال فنية تروي تجربته، كما وُثِّقَتْ سيرته في كتب بعدة لغات.

Exit mobile version