2019 ليس عاماً عادياً في مصر.. لهذه الأسباب

ما بين المخاوف والأماني، تقف السُّنة الجديدة في مصر محوطة بترقب واسع لما قد يحدث في ظل الحديث عن تعديل دستوري وشيك لصالح بقاء قد يطول للرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي واقتراب موجة غلاء متوقعة مع رفع جديد للدعم عن الوقود جرى تأكيده بشكل متواتر بالتزامن مع وضع اقتصادي صعب واحتقان سياسي واسع ووضع حقوقي متردٍّ، بحسب وصف المراقبين، وهو ما تنفيه السلطات المصرية عادة.

“المجتمع” بحثت عن صورة المشهد في العام الجديد لدى قيادات بارزة في المشهد العام سواء بأبعاده الحقوقية والقضائية والسياسية والثورية، فأكدوا أن 2019م ليس عاماً عادياً لعدة أسباب، نتوقف عندها.

التغيير أو مقدمة له

ويرى النائب طارق مرسي، عضو البرلمان المصري بالخارج، في حديث خاص لـ”المجتمع”، أن مصر إزاء مسارين مختلفين في هذا العام، فالحديث عن تعديل الدستور يظل حديثاً نخبوياً، خاصة وأن الدستور غير ناتج من إرادة شعبية، كما يصفه، موضحاً أن النخبة الواعية ليست معنية بتعديل الدستور بل ينبغي أن تكون معنية بإزالة النظام الحالي وكل آثاره، ومنها هذا الدستور.

أما المسار الآخر، بحسب مرسي، هو الارتفاع المتوقع للأسعار؛ سواء تحت لافتة الوقود وغيره، فهذا يعني مزيداً من الاحتقان وحالة الغضب والغليان التي يغص بها الشعب الآن، مضيفاً أنه يجب ألا ننسى أن عام 2018م لم ينقضِ حتى سمعنا صوت الشعوب وحراك الجماهير سواء في الأردن أو السودان أوالمغرب وحتى فرنسا البعيدة، لذا أعتقد أن على النخب أن تعلن رفضها بوضوح للنظام الحالي، كما عليها أن تراهن على الشعوب وتحاول أن تستثمر حالة الغضب والغليان التي يموج بها الشعب.

عام 2019م ليس عادياً لدى النائب طارق مرسى، بل قد يكون عاماً للتغيير أو مقدمة ضرورية لذلك، ولكنه يرجح لحدوث ذلك أن تنتج النخب خطاباً جاداً يتناول هموم الشعب ويقود الجماهير للعصيان المدني أولاً ثم الثورة الشاملة ثانياً، مؤكداً أن الظروف مواتية تماماً والبيئة المحلية والإقليمية والدولية تهتف بسرعة حركة النخبة التي إن قامت بواجبها حينها سنتطلع جميعاً أن يكون عام 2019 عام للتغيير أو مقدمة ضرورية لذلك.

الرفض أو القمع

من جانبه، يتوقع المستشار محمد سليمان، أحد قضاة تيار الاستقلال القضائي في مصر، أن العام الجديد في مصر سيكون عاماً مريراً على المصريين إن لم تواجه ممارسات النظام برفض شعبي ملموس على الأرض.

وأرجع ذلك في تصريح خاص إلى أن استعداد النظام في مطلع العام الجديد لتعديلات دستورية تسمح للسيسي بالبقاء رئيساً مدى الحياة مع تعديلات أخرى تزيد من إحكام قبضته على القضاء، وهو ما عبر عنه صراحة العديد من الإعلاميين والصحفيين أبواق النظام.

وأضاف المستشار سليمان أن اعتقال المستشار أحمد سليمان، وزير العدل في حكومة د. محمد مرسي، جاء تمهيداً لإجراء تلك التعديلات مع ضمان إسكات أي صوت من داخل مصر على الأقل يعارضها أو يفضح القائمين عليها ونواياهم.

واتفق المستشار سليمان مع الرأي القائل بأن هذه السنة ليست عادية كذلك، بسبب قدوم طفرة رهيبة متوقعة في الأسعار بعد زيادة مرتقبة لأسعار الوقود والكهرباء والمواصلات العامة تم الإعلان عنها صراحة مع توقع ازدياد القمع وكبت الحريات.

أكثر شراسة

ويرى الحقوقي علاء عبدالمنصف، مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، أن هذا العام سيكون أكثر شراسة، ستقوى فيه العصا الغليظة بشكل حاد وعنيف جداً لتعزيز “جمهورية الخوف”، بجانب إنتاج مشاهد خطيرة تستدعي تمرير التعديلات الدستورية المزعومة والقرارات الاقتصادية الخطيرة، والحديث مجدداً عن حاجة الوطن لوجود رأس النظام الحالي لأطول فترة ممكنة سواء عبر بقاء أبدي أو مؤقت.

وأعرب عبدالمنصف عن قلقه من استمرار وأد حقوق الإنسان في عام 2019م بشكل أعنف، في ظل إرهاصات بدأت تتحدث عن الوضع غير المستقر وعودة أعمال العنف والإرهاب بشكل مفاجئ بعد الحديث عن القضاء عليهما بجانب وجود تصفيات جسدية خارج إطار القانون، بالتزامن مع إطلاق أفكار عن مجلس أعلى لحماية الدولة يتولاه رأس النظام الحالي، وهي أفكار خارج إطار القانون والدستور، بحسب نصوص القانون المصري.

ورغم ذلك، فالأمر ليس محبطاً، كما يرى مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، فالعام سيشهد خارجياً جولة لتقييم ملف مصر في مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وداخلياً هناك فرصة ثمينة للتضامن مع الشعب في رفض التعديلات الدستورية وموجة الإفقار المتعمد عبر تحرك عريض يستهدف التصحيح والإنقاذ.

الفرصة سانحة

ويرى ياسر صديق، المتحدث الرسمي باسم مجلس أمناء ثورة 25 يناير، أن هذا العام هو عام الفرصة السانحة، وهو ما يتطلب استعادة مكانة ثورة 25 يناير من جديد، والعمل الجاد على استكمالها مع طمأنة أطراف المعادلة التي يحاول النظام استقطابها بإثارة مخاوف من انتقام يخشاه هو بمفرده ويحاول وضع الجميع تحته من أجل البقاء أكثر رغم الكوارث التي حلت بمصر.

هذا العام قد يقدم جديداً بشرط الاصطفاف، بحسب صديق، ولكن قد يمر إذا لم تتوافق المعارضة وقوى رفض النظام الحالي على خارطة مستقبل ووثيقة واضحة تضمن انتقالاً آمناً للوطن من مرحلة القمع الحالي إلى مرحلة الإنصاف والبناء، بجانب مد جسور التواصل مع كل المحبين للوطن في الداخل والخارج لإسدال الستار على المرحلة الماضية، خاصة أن النظام الحالي قدم أسباب زواله بنفسه هدية على طبق للمعارضين والرافضين بإجراءاته المتوقعة سواء بتعديل الدستور المعدل أو برفع الدعم وزيادة الأعباء الاقتصادية على الشعب المكلوم مع زيادة وتيرة الدماء والتصفيات خارج إطار القانون.

ويرى المتحدث الرسمي باسم مجلس أمناء ثورة 25 يناير أن ارتباط رأس النظام الحالي بالكيان الصهيوني بشكل غير مسبوق بما يشكل خيانة للثوابت المصرية التي دفع فيها دماء غالية في حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر، تقول: إن القادم أسوأ إذا لم نتدارك اللحظة الفارقة، بحسب وصفه.

Exit mobile version