مصر: اتهامات بإغلاق “متأخر” و”مسيس” لقضية تمويل المجتمع المدني

أحد الناشطين المصريين العاملين في منظمات المجتمع المدني خلال محاكمتهم عام 2012 (أرشيف)

اتهامات بمغازلة الغرب والتأخر في تنفيذ العدالة طالت الحكم الصادر، الخميس الماضي، ببراءة جميع المتهمين الذين أعيدت محاكمتهم في قضية “التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني” (شق المنظمات الأجنبية) التي تعود وقائعها إلى عام 2011م، فيما ينفي عادة النظام المصري التدخل في أعمال السلطة القضائية أو التفريط في سيادة الدولة المصرية.

اعتبارات سياسية

المحلل السياسي أحمد سراج الدين، قال في تصريح لـ”المجتمع”: إن الحكم الذي جاء بعد 7 سنوات، في توقيت يحتاجه النظام المصري بعد تورط أحد عناصره الشرطية في مقتل مسيحيين في جنوب مصر بدم بارد، واستمر الغليان القبطي؛ ما استدعى ظهور قرارات ترضي الهوى الغربي، ومنها إغلاق قضية التمويل الأجنبي التي أثارت في مهدها فضيحة كبرى بعدما سمح للمتهمين الأمريكيين بالسفر، وتنحي قاضي التحقيقات عن الدعوى للتدخل فيها.

وأضاف أن القضية برمتها جاءت في إطار مسيس للضغط على المجتمع الغربي، وانتهت في إطار مسيس لإرضاء ذات الطرف، خاصة مع قرب المراجعة الدورية لملف حقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان بجنيف في مارس المقبل، كرسالة مبكرة لخطب ود الغرب وتسوية المواقف العالقة بين الطرفين مبكراً، وفق ما يرى، وتنفيه تكراراً الحكومة المصرية.

وقال المحامي اليساري والمرشح الرئاسي السابق خالد علي في تدوينة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: بعد سنوات من الخداع والكذب والاغتيال المعنوي، الجنايات تقضي ببراءة كل المتهمين فيما يسمى بقضية المجتمع المدني والتمويلات الأجنبية، وقدم التهنئة لكل من اتهم ظلماً في القضية، بحسب وصفه.

وعلق الحقوقي والمحامي الليبرالي البارز نجاد البرعي على الحكم بقوله تعالى: “ويشف صدور قوم مؤمنين”، مضيفاً أن المحكمة حكمت ببراءة الجميع من حضر ومن لم يحضر من طعن ومن لم يطعن! ووصف الحكم بأنه جاء منصفاً لـ43 بريئاً تعرضوا لعملية منظمة من التشهير والظلم، مضيفاً: أراد الله أن يرد لهم بعضاً من حقهم.. الحمد لله.

وأكد أن الحكم إعلان واضح ضد كل الاتهامات التي كالتها الصحف للمنظمات والعاملين فيها باطلة، داعياً لإغلاق الجدل حول المنظمات الأجنبية في مصر وحقها في العمل وحريتها فيه، وأن ينعكس إيجاباً على المنظمات والجمعيات المصرية، وأن يتم السماح لها بالعمل بحرية واستقلال.

وأكد الحقوقي المصري رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد أن القضية كانت قضية نظام ضد مجتمع مدني، وليس ضد التمويل الأجنبي، قائلاً في تدوينات على حسابه الرسمي على التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: لأن الدولة والنظام لا مشكلة لديهم مع التمويل الأجنبي، عندهم مشكلة مع المجتمع المدني، الذي يعمل كمجتمع مدني لا خدام.

7 سنوات معاناة

وقضت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمحكمة عابدين، الخميس الماضي، برئاسة المستشار محمد علي الفقي ببراءة 40 متهمًا في قضية منظمات المجتمع المدني المعروف إعلامياً بالتمويل الأجنبي، وذلك في إعادة محاكمتهم، وصدر حضورياً لصالح 38 متهمًا ومتهمين اثنين غيابيًا، كما قبلت المحكمة تظلم متهم على قرار منعه من السفر.

وكانت محكمة النقض قضت بإلغاء الأحكام الصادرة بحق المتهمين التي تراوحت ما بين الحبس ما بين سنة وسنتين مع الشغل والغرامة المالية، وإعادة محاكمتهم من جديد في قضية التمويل الأجنبي غير المشروع لخمس منظمات أجنبية كانت تعمل في مصر.

وكانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار مكرم عواد أصدرت في يونيو 2013م أحكاماً بالإدانة تراوحت ما بين السجن 5 سنوات غيابياً بحق 27 متهماً، ومعاقبة 5 متهمين بالحبس لمدة عامين مع الشغل وغرامة ألف جنيه لكل منهم، ومعاقبة 11 متهماً بالحبس لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ وغرامة مالية قدرها ألف جنيه لكل منهم، والقضاء بحل فروع منظمات المعهد الجمهوري، والمعهد الديمقراطي، ومنظمة فريدوم هاوس، والمركز الدولي الأمريكي للصحفيين، ومؤسسة كونراد الألمانية، وإغلاق مقارهم بمصر ومصادرة الأموال المضبوطة والأمتعة وكافة الأوراق وجميع الأدوات وما تم ضبطه بتلك المقار.

وكانت التحقيقات القضائية كشفت النقاب عن أن المتهمين في القضية هم 19 أمريكياً و16 مصرياً والباقون يتوزعون على الجنسيات الألمانية والصربية والنرويجية والفلسطينية والأردنية، حيث أسند إليهم اتهامات تتعلق بتأسيس وإدارة فروع لمنظمات دولية بدون ترخيص من الحكومة المصرية، وتسلم وقبول تمويل أجنبي من الخارج بغرض إدارة فروع هذه المنظمات الدولية بما يخل بسيادة الدولة المصرية.

وأظهرت التحقيقات مسؤولية المتهمين عن تأسيس وإدارة 5 منظمات أجنبية، منها 4 منظمات أمريكية وواحدة ألمانية، حيث تبين من التحقيقات حصول تلك المنظمات على أموال من الخارج بالمخالفة للقانون على النحو التالي: المعهد الجمهوري 22 مليون دولار أمريكي، والمعهد الديمقراطي 18 مليون دولار أمريكي، ومنظمة فريدوم هاوس 4 ملايين و400 ألف دولار أمريكي، والمركز الدولي الأمريكي للصحفيين 3 ملايين دولار، ومؤسسة كونراد الألمانية مليون و600 ألف يورو.

Exit mobile version