“فيروز” تبيع فتات الخبز ولا تجد طعاماً لأطفالها

لا تملك الفلسطينية “فيروز” من اسمها نصيباً، فتفاصيل حياتها تزدحم بالهموم والفقر والمرض ولا يربطها بالسعادة إلا تلك اللحظة التي تتمكن فيها من بيع بضاعتها من فتات الخبز المجفف لمربي الطيور في سوق مدينتها، خانيونس، جنوبي قطاع غزة.

وبعد (45 عاماً) من عمرها لم تتجرع خلالها فيروز الأعرج إلا قسوة العيش، انتهى بها الحال بائعة “خبز مجفف” لا تكاد تجد ما تطعم به أطفالها أو تداوي به زوجها المريض أو حتى تأوي أسرتها من أيام شتاء باردة تطرق الأبواب بقسوة.

وتقطن فيروز وأسرتها الكبيرة المكونة من 9 أفراد (زوجها وأولادها السبعة وشقيق زوجها) في منزل متهالك يتكون من غرفتين يعود لأحد أقارب زوجها، سقفه مبني من ألواح الصفيح لا يقي بردا ولا حرا وجدرانه تغرقها الرطوبة والعفن.

فتات الخبز مصدر رزق

ويعاني زوج فيروز منذ سنوات من فشل كلوي ولا يستطيع ممارسة أي عمل، ما أجبرها على التوجه لجمع فتات الخبز من منازل الجيران والمدارس القريبة وأزقة مخيمها في خان يونس، وتجفيفه وبيعه.

وعلى مدار أيام الأسبوع تجمع الفلسطينية وأطفالها الخبز وتعرضه لأشعة الشمس حتى يجف تماما وفي الأيام الشتوية تعلقه على حبل غسيل حتى يتخلص من أي رطوبة به وإلا فإنه سيتعفن ولا يعود صالحاً للبيع.

وفي يوم الأربعاء من كل أسبوع، تجمع فيروز ما جففته من خبز في أكياس كبيرة وتذهب به إلى سوق الطيور وتبيع إنتاجها لمربي الطيور بسعر يتراوح ما بين 4-5 دولارات فقط في محاولة لسد رمق أطفالها.

ما تحصل عليه المرأة الفلسطينية لا يكفي إلا لتوفير طعام بسيط لأطفالها ليوم واحد فقط حتى أنها لا تتمكن من شراء الدواء لزوجها، فيما تعيش أسرتها بقية أيام الأسبوع على مساعدات غذائية ومالية من الجيران والأقارب، إضافة إلى مواد غذائية بقيمة 200 شيكل (54 دولارا) توفرها وزارة التنمية الاجتماعية للعائلة شهرياً.

أرجل الدجاج طعام للعائلة

في أفضل أيام عائلة فيروز فإن طبقهم الرئيسي يتكون من أجنحة الدجاج المجمدة ويكون نصيب الفرد منه جناحين إلى ثلاثة أجنحة فقط.

وفي كثير من الأحيان لا تتمكن العائلة الفلسطينية من شراء أي نوع من الطعام فتكتفي بالخبز والملح أو بأرجل الدجاج المسلوقة التي تحصل عليها من متاجر بيع الطيور بدون مقابل، كما تقول الأم الفلسطينية لمراسل الأناضول. ‎

حتى الماء الصالح للشرب لا يتوافر في منزل فيروز فتضطر إلى إرسال أطفالها إلى بيوت جيرانها للحصول على الماء.

والمياه التي تصل إلى بيوت الفلسطينيين في قطاع غزة عبر الشبكات التابعة للبلديات غير صالحة للشرب بسبب ملوحتها الشديدة.

وتضيف فيروز أنه بسبب عدم توفير الدواء مرتفع التكلفة لزوجها بشكل متواصل فإن حالته الصحية تزداد سوءا وتجعله طريح الفراش لا يقوى على بذل أي مجهود.

كما أن شقيق زوج المرأة الفلسطينية يعيش في منزلها ويعاني من مرض نفسي ما يزيد من أعباء العائلة الفقيرة.

وفي البيت المتهالك يضطر الأطفال وبينهم 4 فتيات إضافة لعمهم إلى النوم في فناء المنزل المسقوف بألواح الصفيح، على حصير منسوج من البلاستيك والتحاف أغطية رقيقة لا تمنحهم الدفء في ليالي الشتاء الباردة.

وتتمنى فيروز، التي تعاني هي أيضا من مرض الضغط، أن تجد فرصة عمل مهما كانت صعبة، لعلها تستطيع من خلالها سد رمق أطفالها وتلبية احتياجاتهم وتعليمهم وتوفير العلاج اللازم لزوجها.

وبحسب بيانات أممية نشرت العام الماضي، فإن قرابة 80 بالمائة من الفلسطينيين في القطاع يعيشون على المساعدات الإنسانية.

وارتفعت نسبة الفقر في قطاع غزة في الربع الأول من العام الجاري إلى 53%، فيما تخطت معدلات البطالة الـ80%، وفق بيانات المركز الفلسطيني للإحصاء (حكومي)، واللجنة الشعبية لرفع الحصار عن قطاع غزة (غير حكومية).

ووفق تقرير أصدره برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، في 19 ديسمبر الجاري، فإن ما يقرب من 70% من سكان قطاع غزة، “يعانون من انعدام الأمن الغذائي”.

Exit mobile version