جدل مصري مبكر.. ماذا تبقى في الذكرى الثامنة لثورة “25 يناير”؟!

بدأ الحديث عن الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير 2011م مبكراً في مصر، وسط تحذير رسمي من تكرار موجة جديدة لها في مطلع العام برز خلال هجوم حكومي شرس على مظاهرات حركة “السترات الصفراء” في فرنسا، في مواجهة تحفيز إعلامي مضاد للشعب من معسكر المعارضة ورفض النظام بالتحرك المضاد واستكمال الثورة رغم حظر المظاهرات والتعامل العنيف مع المعارضين، وفق تقارير حقوقية متواترة تنفيها السلطات المصرية عادة.

بين هذا وذاك، تأتي ذكرى الثورة تبحث عما تبقى منها ومصيرها، وهو ما طرحته “المجتمع” على رموز شابة وسياسية بارزة شاركت في الحراك الأول لثورة 25 يناير 2011م، ومازالت معنية بها في ظل ملاحقة رموزها رسمياً، حيث أكدت وجود أمل في غد أفضل للثورة حتى وإن لم يتبق منها إلا ذكريات في الذكرى الثامنة لها في مطلع العام 2019م.

ذكريات وشعارات

أدهم حسانين، كان أحد شباب ميدان التحرير عام 2011م، ولكنه الآن في المنفى، يرى أن وضعه يلخص ما حدث للثورة، بحسب حديث لـ”المجتمع”، مضيفاً أن ما تبقى من ثورة يناير يثير الشجون بعد 7 سنوات شعرنا فيها بالحرية لمدة عامين فقط، وبعدها مكثنا 5 سنوات عجاف، فلم يتبق إلا الشعارات والذكريات الجميلة، أما أهدافها فقد تم الانقلاب عليها من بعض أبنائها، أما أبناؤها المتمسكون بأهدافها ومبادئها فقد طالتهم آلة البطش في مصر، فهم ما بين شهيد ومعتقل ومطارد ومنفيّ خارج البلاد.

وأوضح أنه قد تكون أهداف الثورة ومبادئها حية في النفوس، ولكن ينقصها إرادة حقيقية ممن يسمون أنفسهم النخبة أو قادة الرأي، فإذا ما سألتهم: هل عملتم حقاً للثورة وإعادتها من المغتصبين؟ لن تجد رداً مقنعاً حقيقياً، إنما ترهات ومبررات لا ترقى إلى مستوى الأحداث، ولذلك حتى حين لن يبقى من الثورة سوى “جرافيتي” مرسوم على الحيطان، وصدى هتاف داخل الصدور مكتوم، وصورة شهيد مرفوعة على الجدران، أو صورة ساكن الزنزانة وصوت صراخه يصم الآذان، ومطارد محروم من الأهل والأحباب.

الناشط الشاب أحمد مولانا، يضيف في حديث خاص أن ما تبقى من الثورة وما واكبها من أحداث معانٍ جميلة ترسخت في الوعي، في مقدمتها أن الصراع يدور حول هوية الأمة، فضلاً عن الاستعداد للتضحية بما يشمله ذلك من إحياء مفاهيم الشهادة والمخاطرة بالدنيا، وزيادة تمييز الصف الداخلي.

وأوضح أنه رغم مرور 7 سنوات على ثورة يناير، ونجاح الثورة المضادة في الانقلاب عليها بشكل وحشي منذ عام 2013م، فإن الروح الواعية الإيجابية التي بثتها ثورة يناير لم تمت، فهي كانت إيذاناً بوصول الرفض المجتمعي لدولة يوليو العسكرية إلى ذروته.

وتوقع مولانا استكمال ثورة يناير ولو بعد حين، قائلاً: الانتكاسة التي حدثت للثورة أظنها انتكاسة مؤقتة، إذ إن دولة العسكر تمعن في الممارسات التي تستوجب زوالها، التي أسفرت عن جمود الحياة السياسية، والتدهور الاقتصادي الحاد، وسحق شرائح مجتمعية واسعة، ومؤشرات ذلك تظهر في تفرق أغلب مكونات الانقلاب بمرور الوقت.

الأمل ممتد

م. عمرو عادل، رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، الهيئة التي تشكل طليعة الداعين لاستكمال ثورة يناير، توقع في حديث لـ”المجتمع” أن هناك موجة ثورية قادمة لا محالة في مصر في ظل الظروف الراهنة، موضحاً أن ما تبقى من ثورة يناير حقائق تساعدنا على اجتياز الموجة المقبلة بنجاح كبير وفي مقدمة ذلك عدم الانخداع الجماهيري مرة ثانية سواء من العسكر أو من النخب المكتبية، بحسب وصفه.

وشدد عادل على أنه حان الوقت للتأكيد على أن الثورة المصرية لم تبدأ في يناير 2011م، ولم تنته كما يظن البعض بتوقف الأعمال الاحتجاجية بالشارع منذ ثلاث سنوات، مؤكداً أن الموجة الثورية في يناير 2011 ويوليو 2013م هما أكبر الموجات الثورية خلال العقد الأخير، حيث إن ثورة مصر لم تتوقف منذ الاحتلال الفرنسي لمصر، وقد نختلف حول البداية ولكن من الصعب الاختلاف حول استمراريتها، وإن الإصرار على عزل 25 يناير عن جذورها وامتداداتها التاريخية خطأ بالغ.

وأضاف أنه من الضروري أن تؤمن الجماهير وكتلتها الصلبة أن الفعل الثوري لا بد أن يكون مستمراً ودائماً ومتجدداً حتى تحقيق الهدف النهائي للثورة، ولا بد من الاستفادة الكبيرة من أحداث العقد الأخير بإيمان عميق أن ثورة مصر لن تتوقف بحكم التاريخ وبحكم الطبائع البشرية وبحكم الظلم الهائل.

معضلتان أساسيتان

من جانبه، يرى المهندس إيهاب شيحة، رئيس حزب الأصالة المصري، أن ثورة يناير بشرارتيها الشابين خالد سعيد، وسيد بلال اللذين ارتقيا على يد الشرطة المصرية قبيل الثورة، تواجه معضلتين أساسيتين، هما: الاصطفاف الوطني الجامع، والمشروع المستقبلي، وهما ما افتقدتهما الانطلاقة الأولى للثورة في 25 يناير، ولكن يعمل عليهما كثير من شرفاء مصر لبلورة درجة معتبرة من التنسيق بين التيارات المختلفة متخففين من قيود الأيديولوجيات وخلافاتها الوراثية من أجل صياغة مشروع رؤية متكاملة لشكل مصر المستقبل كدولة عدل وحريات اعتباراً من المصالحة المجتمعية وحتى بناء المستقبل مروراً بالعدالة الانتقالية والشكل السياسي للدولة وبلورة رؤية لكل مناحي الحياة.

وأوضح أن ما تبقى من ثورة يناير الآن جهود كبيرة مبذولة من أجلها، تحتاج من الجميع أن يتحمل كل مسؤوليته تجاه وطنه وتجاه شعبه، وأن يدرك الجميع أن الثنائية الوحيدة المقبولة في المرحلة الحالية هي ثنائية الثورة والثورة المضادة، خاصة أن الثورة انطلقت بتداعيات عفوية من شباب مصر المخلص دون أدلجة هي ثورة حقيقية على الظلم والفساد وعلى العمالة للأعداء والتبعية.

وأضاف أن ثورة شباب التحرير في مصر ثورة تغيير حقيقية تراجعت بسبب عفويتها وعدم اتضاح برنامج متكامل لما بعد نجاحها وعدم إدراك الأنقياء بحجم التحدي ومن هم كل الأعداء، ولكن هذا التراجع لإعادة التموضع والانطلاق بإدراك أكبر وآليات مختلفة وهذا هو موقف الثورة الآن، وقناعتي أن النظام يملك كل مقومات سقوطه، ولكن طرح البديل طبقاً للتصور السابق هو ما ينقص مصر والمصريين الآن.

تحذير حكومي

وفي المقابل، يرى الكاتب الصحفي ممدوح شعبان في مقال كتبه في جريدة “الأهرام” المملوكة للدولة في 12 ديسمبر الجاري، تحت عنوان “شباب 25 يناير والمؤامرات الخارجية”، أن ما جرى في 25 يناير 2011م جزء من تنفيذ “أجندات ممولة من أجهزة مخابرات دول خارجية لإسقاط مصر”، وحذر الشباب من الانسياق وراء دعوات من أسماهم “أعداء البلاد” الذين يستغلون الشباب ويسممون أفكارهم بأكاذيب عن اضطهاد الدولة وأجهزتها لهم.

Exit mobile version