ذوو الاحتياجات الخاصة بسورية.. معاناة تتفاقم بمخيمات النزوح

معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في سورية تستمر منذ اندلاع الحرب قبل 7 سنوات، ومأساتهم تكبر مع امتداد الأزمة لتفاقم من ندوب نفسية تضاف إلى وضع خاص ومتطلّب.

ففي مخيمات النازحين، يكابد هؤلاء الأشخاص لمواجهة حياة باتت أصعب، فمنهم من يعاني الإعاقة قبل الحرب، ومنهم من بتر القصف أجزاء من جسده، فأرداه عاجزاً عن الحركة كلياً أو جزئياً.

ومع أن تفاصيل المعاناة تختلف من شخص لآخر، إلا أنها تجتمع عند حقيقة أن هذه الفئة الهشة تعد الأكثر تعرضاً لارتدادات الواقع المر، وأكثرها تضرراً منه أيضاً.

وهناك، في المخيمات المنتشرة، ينتظر أصحاب الاحتياجات الخاصة دعماً قد يعيد لبعضهم القدرة على الحركة من جديد، من أجل استعادة نسق حياتهم الطبيعي، وإعالة أسرهم، وسط غياب كبير للمنظمات التي تعنى بشؤونهم.

ورغم عدم تتوفر أرقام دقيقة حول ذوي الاحتياجات الخاصة في سورية، فإن الثابت هو أن عددهم يرتفع بشكل مطّرد جراء استمرار قصف النظام للمناطق المأهولة بالسكان.

أم أحمد، وهي أم لخمسة أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، في مخيم “أطمة” بإدلب شمالي سورية، قالت: إن النظام اعتقل زوجها بشكل تعفسي، وعرضه للتعذيب الشديد، فساءت حالته، وأصيب بالمرض ولم يعد قادراً على رعاية الأسرة.

وتحدثت أم أحمد لـ”الأناضول” عن معاناة أسرتها وأطفالها في ظل شح الموارد، وتابعت: أعاني من انزلاق في فقرات العمود الفقري، وقد كان لديّ ابنة في العشرين من عمرها، لكنها كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة، وحين مرضت، عجزنا عن توفير الغذاء لها، فكان أن نزل وزنها بشكل حاد، ثم توفيت.

ومضت تقول: أحياناً، أحمّل نفسي المسؤولية عن وفاتها، ولهذا السبب أتطلع لتوفير العلاج لبقية أطفالي، ولكني عاجزة عن توفير ثمنه.

ولفتت أم أحمد إلى أن ابنها البالغ من العمر 16 عاماً، أصيب بشظايا قصف جوي للنظام السوري، ليصاب بإعاقة جسدية جراء ذلك، وبات بحاجة إلى عملية جراحية وإلا فإنه سيواجه خطر الإصابة بالجلطة.

وتابعت: زوجي مصاب بمرض القلب، وهو الآخر بحاجة لعملية جراحية، مؤكدة أنها جاهزة للعمل رغم سنها المتقدّم.

من جانبه، قال عبدالرزاق جمرك، وهو أيضاً من ذوي الاحتياجات الخاصة بالمخيم نفسه، إنه أصيب عام 2013، بقصف جوي للنظام في مدينة القصير بريف حمص.

وأوضح جمرك أنه أصيب بعدد من الشظايا في جسده، فقطعت يده وكسرت قدمه، فيما أصابت ثالثة عموده الفقري.

ومستعرضاً لـ”الأناضول” تفاصيل فترة قاتمة من حياته: حاول بعض أصحاب الخير إسعافي من خلال تهريبي إلى لبنان، في عملية استمرت 8 أيام، اختبأنا خلالها بين الأشجار، وبدأت قدماي بالتعفن، حتى وصلنا أخيراً وتلقيت العلاج بالبلد المذكور، وتحسنت لأعود بعد ذلك إلى إدلب.

وأعرب غمروك عن حزنه لعدم قدرته على تلبية احتياجات أبنائه، معتبراً أن حياته باتت “مأساة”، وأنه يشعر بحزن شديد عندما يطلب منه ابنه نقوداً ولا يستطيع أن يعطيه.

وأردف: لا حول ولا قوة لي، والحياة أتعبتني، لكني لا أريد أن يختبر أبنائي التعب نفسه والمعاناة ذاتها.

أما حكاية الشاب محمد طلفاح، فتنضح بدورها بكم الحزن والمعاناة نفسه، فهو شاب سوري حوله قصف جوي للنظام عام 2015، إلى شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وعاد طلفاح بذاكرته إلى ما حدث في ذلك اليوم: عندما اقترب الصاروخ سقطت على الأرض، وفقدت وعيي، وحين أفقت من غيبوبتي، أحسست بثقل في جسمي، فنظرت إلى الخلف لأرى قدميَّ مقطوعتين.

واستطرد: عندما أصبت، كانت أمي أول من فكرت فيها، لكني شكرت الله مع ذلك، وكان شعوراً غريباً في الثواني الأولى.

وأشار طلفاح إلى أنه حصل على الشهادة الثانوية قبل إصابته، وكان يقضي وقته بين الحقل والمدرسة، لكن الدراسة في المنطقة توقفت بعد ذلك، وأصيب في قدميه ما قلب حياته رأساً على عقب.

وأعرب الشاب عن رغبته في استكمال دراسته في الجامعة، لكن ذلك غير ممكن في حال لم تتوافر له أقدام اصطناعية، متمنياً الحصول عليها ليعود إلى حياته الطبيعية ويتغلب على الإعاقة.

وأكد طلفاح أن الشيء الأهم بالنسبة له هو متابعة دراسته، مشدداً على أن الإعاقة الحقيقية هي إعاقة النفس والروح، وأن الإعاقة الجسدية لا تعني توقف الحياة أو العجز، وما على الإنسان إلا أن يضع هدفاً ويسير باتجاهه.

Exit mobile version