الغنوشي في منتدى روما للحوارات المتوسطية: تونس تقاوم غلاة اليمين واليسار

– تونس بصدد بناء الكتلة التاريخية للعبور نحو الاستقرار وتحقيق استحقاقات الثورة

– أطراف سياسية لا تزال تصرّ على عدم تبادل الاعتراف بالنهضة وعلى التعامل معها

– الحركة ستكون مفتوحة أمام كل الصيغ الممكنة للعمل المشترك مادامت تصبّ في خدمة المصلحة الوطنية

أكد رئيس حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي أهمية الحريات السياسية والقبول بالآخر المختلف سواء داخل الأوطان، أو خارجها، وأشار الغنوشي في محاضرة ألقاها في “منتدى روما للحوارات المتوسطية” بعنوان “الهوية الإسلامية الجديدة: السياسة والعلوم والثقافة في عالم متعدّد” إلى المتغيّرات التي يشهدها العالم بأكمله والعالم العربي خصوصاً، مشدداً على أهميّة قيم الحرية والانفتاح، في البلاد العربية والعالم قاطبة.

وجاءت مشاركة الغنوشي بدعوة من وزارة الخارجية الإيطالية ومركز الدراسات للسياسات الدولية بإيطاليا، وتحدث بالمناسبة عن التجربة التونسية، التي تستعد لإحياء الذكرى الثامنة لثورتها وما حقّقته من منجز ينظر له العالم باهتمام.

المرجعية والتفاعل

وأشار الغنوشي في محاضرته إلى أنّ حركة النهضة مشروعها ثابت في مرجعيته، منفتح على حاصل التجربة الإنسانية ومكاسبها، متفاعل مع بيئته ومع أهمّ الفاعلين فيها على قاعدة الاعتراف المتبادل والتعايش من أجل المصالح العامة للوطن والمواطن، مؤمنة بتعزيز حقوق المرأة وحماية مكاسبها وحماية حقوق الأقليات.

وأشاد الغنوشي بالدستور التونسي الجديد وقال: إنه مثّل أساساً لبناء نظام سياسي جديد يقوم على مبادئ الديمقراطية منها التعددية والحرية والحقوق العامة والخاصة والمساواة في المواطنة، معتبراً أن نجاح التجربة التونسية واستقرارها بشكل دائم رهين رسوخ الثقافة الديمقراطية، ومنها بالأساس التعايش بين المختلفين من خلال الاعتراف المتبادل وحسن إدارة الاختلاف بينهم.

بناء الكتلة التاريخية

وأبرز رئيس حركة النهضة التونسية في محاضرته أن تونس تقدّمت أشواطاً مهمة في مسار تحقيق الديمقراطية وبصدد بناء الكتلة التاريخية الضرورية للعبور نحو الاستقرار وتحقيق استحقاقات الثورة، مضيفاً أن الكتلة التاريخية، كما عبّر عنها أنطونيو غرامشي، (مفكر إيطالي) تكون بطبيعتها متعدّدة الأطراف والخلفيّات، تجمع العائلات الفكرية والسياسية والقوى الاجتماعية الكبرى، كما تكون متوافقة رغم تعدّدها على أساليب ديمقراطية لإدارة الاختلاف والتداول السلمي على السلطة بحسب نتائج الصندوق، متخفّفة من الأيديولوجيا واستقطاباتها، وتتنافس في خدمة الوطن والمواطن من أجل استكمال البناء الديمقراطي الراسخ.

غلاة اليمين واليسار

وأشار الغنوشي إلى أن التجربة التونسية لا تزال تقاوم من أجل محاصرة دعوات تأتيها من غلاة اليمين واليسار بالإقصاء والتهميش وبتأجيج الاحتقان الاجتماعي لتوفير مناخ لكراهية المخالف وشيطنته والتفكير في إقصائه بكل الوسائل، مشيراً إلى بعض الأطراف السياسية التي لا تزال تصرّ على عدم تبادل الاعتراف بالنهضة وعلى التعامل معها باعتبارها ملفاً أمنياً وليست حزباً سياسياً وعمقاً اجتماعياً وثقافياً وفاعلاً وازناً في المشهد السياسي قاوم الاستبداد قبل الثورة ويساهم بعدها في بناء الجمهورية الثانية والدفاع عن الدولة من مواقع متقدّمة بشرعية انتخابية وشعبية واسعة راسخة ومتجددة وفي قيادة قاطرة المصالحة مع العائلة الدستورية التي تقبل بشرعية الثورة ودستورها ونظامها السياسي.

وأكّد الغنوشي أن حركة النهضة ستبقى منحازة لتونس ومصالحها الكبرى وستواصل خدمة شعبها وتتعاون في ذلك مع غيرها من أجل بناء مشروع وطني جامع لا يقصي أحداً تلتئم على أرضيته كل المصالحات المطلوبة، مضيفاً أن علاقات الحركة ستكون مفتوحة أمام كل الصيغ الممكنة للعمل المشترك مادامت تصبّ في خدمة المصلحة الوطنية وتساعد على بناء حالة وطنية مستقرة بعيداً عن عقلية الغالب والمغلوب أو الأغلبية والأقلية لأنّه لا أحد يخسر إذا نجحت تونس.

إعجاب إيطالي

وكان الغنوشي التقى رئيس البرلمان الإيطالي روبارت فيكو خلال زيارة له أداها إلى إيطاليا، وخلال اللقاء أكد رئيس البرلمان الإيطالي إعجابه بعملية الانتقال الديمقراطي في تونس، وشدد على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والثقافية، كما دعا إلى تقوية العلاقات بين المؤسستين التشريعيتين الإيطالية والتونسية، كما كان لرئيس حركة النهضة خلال هذه الزيارة للعاصمة الإيطالية روما لقاء بفابيو ماسيمو كاستالدو، نائب رئيس البرلمان الأوروبي، الذي يشغل منصب عضو في لجنة الشؤون الخارجيّة والدستوريّة، وبعثة العلاقات مع البلدان المغاربية، والجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط وعضو اللّجنة البرلمانية المختلطة الاتحاد الأوروبي وتونس، إلى جانب خطط أخرى.

لقاءات متنوعة

وعبر الغنوشي عن تقديره لموقف الاتحاد الأوروبي الداعم للتجربة التونسية ودعا لمزيد الدعم وتوسيع الشراكة التونسية الأوروبية.

كما التقى الغنوشي عضو مجلس الشيوخ الإيطالي السيناتور بيار فيرديناندو كاسيني، وتناول اللقاء العلاقات بين البلدين والتأكيد على ضرورة العمل المشترك لتحقيق الاستقرار السياسي المطلوب في البحر الأبيض المتوسط، والتقى رئيس حركة النهضة أيضاً خلال زيارته إلى العاصمة الإيطالية روما مارتا غراندي، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيطالي ورئيسة مجموعة الصداقة الإيطالية التونسية.

وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات التونسية الإيطالية في مختلف المجالات، ودعا الغنوشي إلى توسيع عمل مجموعة الصداقة التونسية الإيطالية وتطوير العمل البرلماني المشترك، وقد أشادت غراندي بنجاح تجربة الانتقال الديمقراطي التي أنجزتها تونس خلال السنوات الماضية ودعت إلى تثمين ذلك دولياً.

كما زار الغنوشي مقر بلدية روما حيث التقى والوفد المرافق له بعمدة البلدية السيدة فرجينيا راجي.

ودار الحديث حول أهمية توطيد العلاقات بين البلديات التونسية والإيطالية خاصة بلديتي العاصمتين تونس وروما وسبل تعزيز هذه العلاقات في المجالات المختلفة.

Exit mobile version