“النهضة” التونسية: اتهامات كاذبة من أطراف سياسية بنيّة الإساءة للحزب

أعربت حركة النهضة التونسية عن استغرابها من نشر الصّفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية لاتهامات “كاذبة ومُختلقة وتهجمات باطلة”، صادرة عن أطراف سياسية بنيّة الإساءة للحزب، معتبرة أن ذلك يتعارض مع حياديّة المرفق الرسمي ودور الرئاسة الدستوري الذّي يمثّل رمز الوحدة الوطنية وهيبة الدولة.

جاء ذلك في بيان أصدرته الحركة، مساء الإثنين 26 نوفمبر 2018، عقب استقبال رئيس الجمهورية الباجي قايد السّبسي، وفداً عن هيئة الدفاع عن الشّهيدين شكري بلعيد، ومحمّد البراهمي، الذي جددت فيه الاتهامات للنهضة لامتلاكها جهازاً سرياً، له علاقة.

ضرب لاستقلالية القضاء

ونبهت الحركة إلى ما أسمته “خطورة إقحام مؤسسة الرئاسة بأساليب مُلتوية بنيّة ضرب استقلالية القضاء وإقحامه في التجاذبات السياسيّة من طرف المُتاجرين بدم الشهيدين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، ودعت مُختلف الأطراف إلى الاستفادة من انتهاء الأزمة السياسية التّي شهدتها البلاد في الأشهر الأخيرة بحصول الحكومة على تزكية البرلمان وأداء الوزراء القسم أمام رئيس الجمهورية، وعدم تسميم الأجواء من جديد خدمة “لأجندات سياسيّة ضيّقة” تتعارض مع المصلحة الوطنية للبلاد والمسار الديمقراطي والاستحقاق الانتخابي.

القضاء هو الفيصل

وجددت الحركة حرصها على الشراكة والتوافق مع مختلف القوى السياسية والاجتماعية بالبلاد وفي مقدمتها رئيس الجمهورية من أجل مُجابهة كلّ التّحديات وتجاوز كل الصعوبات التي تعرفها تونس، مؤكدة أن القضاء هو وحدهُ الفيصل في القضايا المثَارة بالبلاد خدمة للعدَالة المنشودة، وفق نص البيان.

وكان أعضاء الوفد عن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، وهم: رضا الباصي، ورضا الرداوي، وايمان غزارة، قد ذكروا في تصريحات بثتها رئاسة الجمهورية أنّهم تقدّموا لرئيس الدولة بطلب تعهّد مجلس الأمن القومي بالملف، وتكوين لجنة ظرفية برئاسة شخصية وطنية، للتدقيق في جملة المعطيات التي أثارتها الهيئة بخصوص العلاقة بين قضية بلعيد والبراهمي، والوثائق التي يقال: إنه تم حجزها سنة 2013 بحوزة مصطفى خذر الذي تنفي حركة النهضة كما جاء على لسان وزير الداخلية السابق علي العريض، كونه قيادياً فيها، أو أنه كان يرد على اتصالاته، وبريده الإلكتروني وغيره، بل لم يثبت انتماؤه لحركة النهضة أصلاً، فضلاً عن رئاسة فرية ما بات يعرف بـ”الجهاز السري لحركة النهضة”، كما أشاروا إلى وجود وثيقة هي ضمن الوثائق التي كانت بحوزة خذر وتمت سرقتها، حسب زعمهم، وتفيد بوجود مخطط سنة 2013 لاغتيال رئيس الجمهورية الحالي (لم يكن يشغل هذه الخطة آنذاك)، والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، وزعموا أن حركة النهضة وعلى رأسها راشد الغنوشي ضحت بمصطفى خذر لإخفاء هوية صهر راشد الغنوشي، وكذلك لإخفاء هوية رضا الباروني الذي كان يشغل خطة المسؤول الإداري والمالي في حركة النهضة آنذاك والمكلف حاليا بالتعبئة.

غرفة سوداء أم أرشيف

وكانت هيئة الدفاع في ملف اغتيال شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، قد أعلنت في ندوة صحفية عقدتها يوم 2 أكتوبر الماضي بفندق أفريكا، عن وجود ما أسمته بـ”الغرفة السوداء” بوزارة الداخلية، التي قالت: إنها تتضمن وثائق مسروقة من ملف قضائي عثر عليها بحوزة المتهم مصطفى خذر، وقد نفى وزير الداخلية وجود غرفة سوداء بوزارة الداخلية، مؤكداً وجود فضاء للأرشيف وحسب، وقد حجز قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب هذه الوثائق وتسلمها من قبل وزارة الداخلية للاطلاع عليها، بعد فتح تحقيق قضائي في المعطيات التي كانت قد قدمتها هيئة الدفاع عن بلعيد، والبراهمي.

حقيقة المعركة

لم يخفِ وفد هيئة الدفاع في قضية اغتيال شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، عنوان المعركة التي يخوضها ومن ورائه الجبهة الشعبية وبعض المتحالفين معها من أن المعركة ليست معركة اغتيالات حسب قول رضا الرادواي، وإنما معركة مستقبل تونس، ونحن سننحاز إلى مستقبل تونس الذي نريده والوجه الذي نريده الوجه المدني لتونس، الوجه الذي نرى فيه الناس الذين يدافعون عن مدنية الدولة في مواجهة مشروع آخر، مشروع وهابي، إخواني، مشروع لا علاقة لنا به.

وقالت إيمان غزارة: الملف تجاوز مسألة الاغتيالات السياسية، ويمس أمن تونس، وقد قدمنا لرئيس الجمهورية تقريراً موّثقاً بالمؤيدات قادماً من ملف قضائي، ونريد أن يتعهد مجلس الأمن القومي بهذا الملف، وتكوين لجنة ظرفية وفقاً للأمر المنظّم، وتكون برئاسة شخصية وطنية وتتوالى دراسة هذا الملف، الذي لم يعد هناك مجال للسكوت عنه، وتطرقت لحديث وزير العدل تحت قبة البرلمان عن التهديدات التي قد تطال حياة مصطفى خذر داخل السجن، يعني أن الجهاز السري دخل لأسوار ومؤسسات الدولة اليوم، ونريد من جميع مؤسسات الدولة تحمّل مسؤولياتها.

البحث عن إدانة

وفي رده على تخرصات هيئة الدفاع في قضية اغتيال بلعيد، والبراهمي، ذكر وزير الداخلية الأسبق علي العريض ثلاثة أهداف لها، أولاً تشويه حركة النهضة داخلياً وخارجياً، وثانياً: زيادة حدة التوتر والاحتقان داخل البلاد، وثالثاً: محاولة التأثير على القضاء من خلال الإعلام والاستقواء بالقوى المناهضة لحركة النهضة معنوياً.

ومن خلال التصريحات آنفة الذكر يقول مراقبون: إن هيئة الدفاع بطلبها التدقيق في الوثائق، تؤكد أن اتهاماتها لحركة النهضة لا تستند إلى ركن متين، بل ظن ملتبس يبحث عن يقين للإدانة التي يستبطنها، ولو أن الاتهامات التي تؤكد حركة النهضة أنها باطلة، كانت تحمل في طياتها بعض المصداقية، وكانت مترابطة وتقف على أرض صلبة لما احتجاج فريق الدفاع المسيس في القضية إلى طلب المساعدة من المجلس الوطني للأمن القومي، والاستخبارات التونسية، ورئاسة الجمهورية.

والقضية كما تقول المصادر تهدف لإقصاء خصم سياسي من حلبة التنافس السياسي للفوز بالانتخابات كما نقل عن زياد لخضر وقيادات جبهوية، وهي تأتي في إطار الصراع غير الشريف وغير النزيه الذي عبّر عنه أحدهم في جلسة خاصة توعد فيها رئيس حركة النهضة، بما يعف القلم عن ذكره.

Exit mobile version