تضامن لافت مع شيخ الأزهر في مواجهة دعوات “علمنة” مصر

تضامن لافت مع شيخ الأزهر الإمام الأكبر د. أحمد الطيب في مواجهة السلطات المصرية التي تتبنى في الفترات الماضية دعوات لعلمنة مصر، وما زالت تداعيات المواجهة مستمرة بعدما تطورت ميدانياً في الساعات الأخيرة، بالتزامن مع تضامن له دلالات سياسية بحسب المراقبين، لكن التزمت الحكومة المصرية الصمت حيال اتهامات تتكرر حول استهدافها لمشيخة الأزهر.

وفي حديث لـ”المجتمع”، قال الكاتب المصري المتخصص في شؤون الأزهر والصوفية محمد علي الصوفي: يبدو في الأفق مواجهة تصعد وتهبط، باستهداف الأزهر الشريف وشيخه الحالي، منذ أن قال له الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي: “تعبتني يا مولانا” قبل عامين، ولكن هذه المرة التحرك يشيء بكواليس من المؤكد أنها ستظهر في الفترات المقبلة خاصة مع تحرك الناس للتظاهر وحديث نواب للبرلمان وتصريحات رئيس نادي القضاة المتكررة وحتى تضامن علاء، نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وأوضح الصوفي أن عجز السيسي عن الإطاحة بالطيب خلال الفترة الماضية دفع علماء السلطة بتمييع الدين من خلال وزير الأوقاف، بل وصل الأمر إلى أن أعلن وزير التعليم طارق شوقي تزامناً مع ذكرى مولد رسول الله بدمج كتاب مادة التربية الدينية للتلاميذ المسلمين والمسيحيين.

وأضاف أن التوجه العلماني يرى الفرصة الآن سانحة في مصر للانقضاض على ثوابت مستقرة في الدين، عبر بوابة التجديد الديني، وهو ما سماه شيخ الأزهر في خطاباته الأخيرة “تبديد الخطاب الديني”، وبالتالي فإن المواجهة هذه المرة قد تكون خشنة، وأتوقع أن يستمر التصعيد ضد مشيخة الأزهر لكن أمر الإطاحة به أو إجباره على الاستقالة كما حدث مع آخرين في الفترات الماضية قد يكون صعباً ولكنه ليس مستحيلاً، فوزير الدفاع السابق الفريق صدقي صبحي كان من الرائج صعوبة الإطاحة به، ولكن جرى إقالته وتقديم مبررات حول ذلك.

ووفق وسائل إعلامية محلية، احتشد آلاف من أبناء محافظات الجنوب المصري وبالتحديد الأقصر وقنا وأسوان، بعد صلاة الجمعة 23 نوفمبر بمسجد وساحة الشيخ الطيب، بمدينة القرنة، مسقط رأس شيخ الأزهر، استجابة لدعوة ائتلاف القبائل ومنظمة خريجي الأزهر، بهدف إعلان دعم المؤسسة الأزهرية وشيخها.

لكن وسائل أخرى محسوبة على النظام المصري، نقلت عن محمد الطيب، شيخ الطريقة الخلوتية الصوفية، وهو الشقيق الأكبر لشيخ الأزهر، رفضه لدعوات القبائل لتنظيم مظاهرة داعمة للمؤسسة الأزهرية، ولم يتسنَّ لنا التأكد من صحة التصريح، ولكن جرى ترويجه على نطاق واسع في وسائل الإعلام الحكومية دون نفي.

وفي هذا السياق، دعت 3 هيئات حزبية وشعبية وهي اللجنة الشعبية لدعم ومناصرة القضايا الوطنية، وحزب الشعب الجمهوري، واللجنة العامة لحزب الوفد بمحافظة الأقصر، دعت لعقد اجتماع مشترك للأحزاب والقبائل، ومختلف القوى الشعبية والوطنية، لبحث تداعيات الهجوم على شيخ الأزهر وسبل الرد عليه، ووصفته بأنه هجوم “ممنهج”.

محمد يس، وأحمد إدريس، عضوا مجلس النواب عن الأقصر، أعلنا في تصريحات صحفية أن البرلمان لن يقبل بأي هجوم على مؤسسة الأزهر ورموزه، مؤكدين أن هناك تحركاً سيتم تحت قبة البرلمان لوقف تلك الحملة الشرسة، بحسب وصفهما.

المستشار محمد عبدالمحسن منصور، رئيس نادي قضاة مصر، ونائب رئيس محكمة النقض، ثمن في تدوينة على حسابه الرسمي على “فيسبوك” خطاب شيخ الأزهر وخطواته للحفاظ على “وسطية الإسلام دون إفراط أو تفريط”، مؤكداً أن مصر ستظل إن شاء الله بأزهرها الشريف منارة الإسلام الوسطى المعتدل، وأبرزتها صحيفة “الأهرام” الرسمية.

وعقب نشر شيخ الأزهر لمقال نشر الخميس 22 نوفمبر في صحيفة “صوت الأزهر”، وجريدة “الأهرام” الحكومية تحت عنوان “نعم للتجديد لا للتبديد”، جدد رئيس نادي قضاة مصر التحية لشيخ الأزهر، مؤكداً أن ما جاء بتلك الوثيقة يجسد المفاهيم الواعية للدين الإسلامي، ودعا إلى تكاتف علماء الأمة وكافة مؤسسات الدولة لوضعها موضع التنفيذ.

وأوضح أحمد الطيب في مقاله أهمية “التجديد” وضرورته للمسلمين في كل زمان ومكان، ولكنه وضع ضوابط للاجتهاد والتجديد ورفض الخطابات الشمولية التي لا تعرف تعدد الآراء ووجهات النظر، وحذر من “الصراع” ونفي الآخر، واحتكار الحقيقة في مذهب، ومصادرتها عن مذهب آخر مماثل.

Exit mobile version