ويسألونك عن الخوف

ويسألونك عن الخوف فقل لهم: هو سبب الكثير من العقد والاضطرابات النفسية والتردد وضعف الثقة في تكوين شخصيات الناس في واقعنا!

إذا كان الإنسان يخاف الخطأ في أبسط القرارات لأن ضريبته باهظة التكلفة في واقعنا.

وإذا كان يخاف في المدرسة والجامعة أن يعترض ويناقش.

وإذا كان يخاف من التعبير عن ذاته في الرأي السياسي وتسلب حريته بسبب ذلك.

وإذا كان يخاف أن يعبر في البيت عما في نفسه لأن ذلك ليس من بر الوالدين!

وإذا كان يخاف مع أصدقائه ومجتمعه أن يفصح عما في داخله -عما هو مشروع- لأنه تحت الرقابة والمحاسبة وسيف المجاملة وإرضاء الآخرين.

وإذا كان يخاف أن يصادر سمعته أتفه الناس ويصدقه الناس دون مبرر جراء سلوك اختاره له وجه من المشروعية.

حتى يخاف التعبير عن حبه لزوجته لأن في ذلك استعمالاً لتعبير خادش للمروءة!

كل ما حوله يخيفه ويكبته ويخلق منه إنسانا آخر يعاني من تشوهات النفس وعدم سوية السلوك.

إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون”، فالخطّاء والتوّاب صيغة مبالغة أي يكثر من الخطأ والتوبة.

وإذا كان الله يغفر الذنوب صغيرها وكبيرها وأمر بسترها، فمن الذي جعل البشر قضاة يصدرون الأحكام والعقوبة لإنسان لم يضرهم ولم يتعرض لهم؟!

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يمازحه الصغير والكبير.

ويقول له شاب ائذن لي بالزنا.

ويستشير أصحابه ويستنطقهم.

ويناقشونه في شؤون الدنيا.

ويستفهمونه في شؤون الدين.

وتكلمه أزواجه دون حرج.

ويعبر عن حبه لعائشة رضي الله عنها أمام الناس دون حرج.

إن التعبير عن الذات بحرية دون رقابة ولا خوف ضرورة عقلية وعاطفية ونفسية وليست مجرد حاجة عابرة أو شيئاً كمالياً وتحسينياً يمكن الاستغناء عنه، فالتعبير مَثَلُه مثل النَفَس الداخل والخارج حيث يُكوّن الإنسان تصوراته عبر المدخلات ويخرجها على شكل تعبير وإفصاح.

إن أبرز خصيصة للإنسان وهي الحرية والاختيار المشروع إذا قتلت فهل ننتظر مجتمعاً سوياً أو شخصية سوية أو سلاماً نفسياً أو خلواً من العقد أو شخصاً شجاعاً حكيماً!

إذا أردت الدليل راقب نفسك ومن حولك كم تقول ويقولون في اليوم بلسانك أو في نفسك كلمة “أخاف”.

أراد الله للإنسان أن يكون حراً ولا يخاف إلا منه سبحانه ويطلق طاقاته، ويؤكد ذاته فأبى الإنسان أن يخاف الذين من دونه.

اقرأ معي: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ {36}) (الزمر).

Exit mobile version