أطلقنا سراح 10 آلاف موقوف وساعدنا أسر 4 آلاف سجين

 

أكد د. مساعد مندني، رئيس جمعية التكافل لرعاية السجناء وأسرهم، أن الجمعية أصبحت صرحاً شامخاً يمد يده لمساعدة المحتاجين من السجناء وأسرهم، من خلال الاتصال المباشر والوثيق مع وزارات العدل والشؤون الاجتماعية والعمل والداخلية.

وعن فلسفة عملهم في تسوية قضايا المدينين، ذكر أن دور الجمعية توفير 30% من الديون المستحقة، وأن يقوم المدين بتوفير 50%، ومن ثم يتم التواصل مع الدائن وإقناعه بالتنازل عن النسبة المتبقية وهي 20%.

وأشار د. مندني، في حوار مع «المجتمع»، إلى أن جل اهتمامهم منصبٌّ على المرأة الكويتية؛ لأن 75% منهن بسبب قضايا من أهلهن سواء الزوج أو الأب أو الأخ، داعياً في هذا السياق المرأة إلى عدم عمل توكيل لأحد أقاربها إلا إذا وثقت في رشده وأمانته.

بداية، نريد نبذة تعريفية عن جمعية التكافل.  

– جمعية التكافل فكرة بدأت عام 1998م، وكان محورها هل يمكن القيام بعمل خيري داخل السجون أم لا؟

وقد تطورت الفكرة إلى أن أصبحت “جمعية التكافل لرعاية المسجونين وأسرهم”، وعمرها الآن 20 سنة تقريباً، وبحمد الله أصبحت صرحاً شامخاً يمد يده لمساعدة المحتاجين من السجناء وأسرهم، ونحمد الله أن هذه الفكرة تم ترجمتها عملياً على أرض الواقع في صورة هذا الصرح العظيم، وأنها لم تظل حبيسة في الرؤوس أو الأدراج.

هل يوجد تعاون بينكم وبين أجهزة الدولة المختلفة؟

– لا يُكتب النجاح لأي مؤسسة تقوم على خدمة شريحة في المجتمع دون أن يكون لها اتصالات مكثفة ومتواصلة بأجهزة الدولة، خصوصاً الأجهزة ذات الصلة المباشرة مع هذه المؤسسة، فأنا أعتبر جمعية التكافل لرعاية السجناء الجمعية الأولى في مد يد المساعدة المشتركة بين الحكومة والعمل الخيري؛ فنحن كجمعية اتصالنا المباشر والوثيق مع ثلاث جهات مهمة: وزارة العدل، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وزارة الداخلية.

تلك الوزارات جميعها لها علاقة مباشرة بأمر السجين، أو أسر السجناء، فهذه الوزارات الثلاث لا تستطيع أن تقوم بخدمة هؤلاء السجناء إلا عن طريق الجمعيات الخيرية، وكذلك الجمعيات الخيرية لا تستطيع أن يتم تنفيذ عملها وإنجازه بالكامل في خدمة هؤلاء السجناء وأسرهم إلا عن طريق هذه الوزارات، لذا أصبحت الجمعية تقوم بخدمة الدولة، حيث رفعت ملفات في وزارة العدل بما يزيد على عشرة آلاف ملف سجين وسجينة، أو ضبط وإحضار، ولو لم يكن للجمعية اتصال مع هذه الجهات الرسمية ما استطعنا إنجاز ذلك، ولظل أصحاب هذه الملفات في حالة يرثى لها.

وهناك مجموعة من الأحداث الذين لا تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، تم سجنهم بسجن الأحداث في الشؤون، قامت الجمعية بدفع الغرامات المترتبة عليهم، وتم الإفراج عنهم حتى يستمروا في دراستهم وترتيب مستقبلهم.

وهناك –أيضاً- أكثر من أربعة آلاف أسرة سجين، استطعنا بفضل الله ترتيب أمورهم، وعندما قمنا بمثل هذه المشاريع قدمنا خدمة لهذه الوزارات خصوصاً وزارة الشؤون التي يقع عليها مسؤولية العناية بأسر المسجونين، مع العلم أن وزارة الشؤون تخدم الكويتيين فقط، ونحن نخدم الكويتيين وغير الكويتيين سواء “البدون” أو غيرهم من الجنسيات الأخرى، فهناك أسر من غير الكويتيين معيلهم مسجون.

ما عدد المسجونين الذين قدمتم المساعدة لهم؟

– عدد المسجونين الذين تم مساعدتهم أو رفع أمر الضبط والإحضار بحقهم تجاوز 10 آلاف سجين وسجينة وموقوف وموقفة وعليهم أمر الضبط والإحضار، منذ إعلان إشهارنا في 1 سبتمبر 2005م، هذا غير ما قمنا به عندما كنا لجنة في جمعية الإصلاح الاجتماعي.

ما الإجراءات التي تتبعونها لإخراج سجين من السجن أو رفع الضبط والإحضار في حقه؟

– اليوم أصبحت العملية سهلة بالنسبة لنا نتيجة الخبرة الطويلة التي اكتسبناها في هذا الأمر والحمد لله، فالإجراء الأساسي المطلوب أن يكون هناك حكم على الموقوف، سواء أدخله هذا الحكم السجن، أو أصبح مطلوباً لدخول السجن (ضبط وإحضار)، وهذا الحكم -في حد ذاته- المفتاح للدخول في مثل هذه القضية، مع العلم أنه يوجد الآلاف من المدينين في الكويت، ولكن لا نلتفت إليهم لأنهم ليس عليهم حكم؛ فالكثير من الناس عليهم ديون، ولكنها لم تتطور وتتبلور في صورة قضية صدر فيها حكم؛ ولو فتحنا باب الديون لوجدنا المدينين يملؤون الشوارع، وما استطعنا حل قضيتهم، فنحن جل اهتمامنا أن يكون على المدين قضية تطورت إلى حكم بالسجن أو الضبط والإحضار؛ وبالتالي تنطبق عليه الشروط التي على أساسها نقوم بالعمل وتقديم المساعدة.

 فإذا جاءنا مدين وعليه ضبط وإحضار نقوم بالإجراءات التي من خلالها تخليصه من هذه القضية برفعها عنه، ولدينا عدة إجراءات مهمة؛ بحيث يخدم المدين نفسه أولاً، فمثلاً أن يكون عليه مبلغ 10 آلاف دينار، فنطلب منه أن يقوم بتوفير 50% من المبلغ حتى نستطيع مساعدته، وعندما يتم توفير نصف المبلغ، نطلب من الدائن أن يخصم لنا جزءاً من المبلغ المطلوب الذي على المدين، والحمد لله الكثير من الدائنين يخصمون جزءاً من المبلغ المطلوب لهم، خصوصاً إذا أيقنوا أن المدين عنده النية للسداد، فيقوم الدائن بخصم 20% من الدين، فيتبقى 30% فقط، وهذه النسبة هي التي نقوم نحن بسدادها، فإذا استطعنا أن نرفع الحكم تماماً بواسطة توفير 80% من المبلغ بالإضافة إلى تنازل الدائن عن الجزء الباقي، وبالتالي يقوم القاضي برفع الضبط والإحضار في حق المدين.

وإذا رفض الدائن التنازل عن أي جزء من حقه، نطلب من القاضي تقسيط المبلغ المتبقي من الدين. 

في هذه الحالة، يتم رفع الضبط والإحضار، والدائن يستلم أكثر من 70% من حقه، والمبلغ المتبقي يتم تقسيطه حسب رؤية القاضي (50 أو 100 دينار في الشهر)؛ وبالتالي يكون المدين طليقاً ويرجع إلى عمله وتستقر أموره، ونكون قد استطعنا حل هذه القضية.

إذا كان المدين لا يملك أي قدر من المبلغ الذي عليه، فكيف يكون تصرفكم في هذه الحالة؟ 

– نحن بالنسبة لنا كجمعية نختلف عن الجمعيات الأخرى، فالجمعيات الأخرى عندما يأتي إليها المحتاج طالباً المساعدة، ويقدمون له 50 ديناراً فقط يشكر لهم معروفهم ومساعدتهم، عرفاناً بهذا العمل الكبير، أما نحن فلو قدمنا له 250 ديناراً فهي بالنسبة لنا نقطة في فنجان، فالقضايا المالية ضخمة؛ والجمعية منذ أن تأسست إلى يومنا هذا أنفقت في حل المشكلات المالية أكثر من عشرة ملايين دينار؛ لأن الكثير من الحالات التي نتعامل معها غير طبيعية؛ فالديون تبلغ الآلاف، ووضع الجمعية صعب جداً، ونحن بالنسبة لنا إذا لم يستطع المدين أن يسعف نفسه في قضيته وفي الدين الذي عليه فنحن كجمعية نكون أعجز.

حدثنا عن مشاريعكم التي كانت لها صدى لدى الناس، خاصة ما تقومون به من جهد في رفع الضبط والإحضار بحق الكويتيات اللاتي عليهن أحكام خاصة بالدين؟

– نحن نضع في قمة أولوياتنا النساء الكويتيات، فنحن لا نؤخر قضاياهن ولا نساوم عليها، فمن الممكن أن نؤجل قضايا الرجال، أما قضايا المرأة فلا يمكن تأجيلها، والسبب أن أكثر من 75% من السجينات الكويتيات بسبب قضايا عليهن تم رفعها من أهلهن، ومن هم أقرب الناس لهن، فقد يكون هذا القريب أباها، أو أخاها، أو زوجها، ويكون ذلك من خلال عمل توكيل، وبالتالي يتم التلاعب بهذا التوكيل باسم هذه المرأة، أو عن طريق عمل كفالة في شركة أو مشرع معين، ثم يخسر هذا المشروع، ومن ثم تترتب هذه المديونية بالكامل على الكافل الذي هو المرأة، فيترتب على ذلك رفع قضايا وبالتالي يتم إيداع المرأة في السجن.

فالقليل جداً من الكويتيات من تسببن بأنفسهن في الوقوع بقضايا أودت بهن إلى السجن، والغالبية الكاسحة كانت بسبب أقرب الناس إليهن.

ما نصيحتك للنساء في هذا الموضوع؟

– نصيحتي للنساء سلاح ذو حدين، فإذا خاطبت أمهاتي وأخواتي وبناتي بالقول: لا تساعدن أبناءكن أو آباءكن أو أزواجكن، فلا تعطوهم توكيلاً أو كفالة، في هذه اللحظة قد أكون أنا المتسبب في فتنة كبيرة بالأسرة بسبب هذه النصيحة؛ وبالتالي أساهم في تقطيع أواصر القربى والتعاون والتراحم، وربما تكون هذه النصيحة طوق نجاة لإنقاذ المرأة من هلاك حقيقي، هذا الهلاك يتمثل في «جرجرة» المرأة بالمحاكم، ثم بعد ذلك يتم إيداعها السجن.

لذا، فالمرأة هي الميزان الحقيقي لقياس هذه الأمور، فهي إن وجدت من أخيها أو أبيها أو زوجها أو ولدها الرشد والصراحة ثم الاكتفاء المالي وأيقنت أن هذا الأمر الذي تفعله لا يودي بها إلى الهلاك، فلا مانع حينها من عمل توكيل أو كفالة، أما إذا وجدت العكس تماماً بأن يكون طالب التوكيل أو الكفالة ليس صاحب رشد وليس من الأسوياء في مثل هذه الأمور المالية، فمن باب أولى أن تحافظ على بيتها وعيالها ونفسها، فيكفي أن زوجها أو أباها أو ولدها في حالة تدهور وضياع، فعليها أن تحفظ نفسها وأولادها من حالة الضياع والشتات.

هذه هي نصيحتي، فأنا لا أقول: “لا”، ولكن على المرأة أن تضع الأمور في نصابها الصحيح.

Exit mobile version