قمة موسكو.. وفرص السلام في أفغانستان

وافقت حركة “طالبان” على المشاركة وبشكل علني وعلى طاولة واحدة مع الحكومة الأفغانية في قمة موسكو المزمعة في التاسع من نوفمبر الجاري.

وكانت الحكومة الروسية قد أعلنت بعد قرارها تنظيم قمة دولية حول أفغانستان عن أنها نجحت في إقناع جميع الأطراف المعنية بالصراع في أفغانستان وعلى رأسها الحكومة الأفغانية بقيادة الرئيس أشرف غني، وحركة “طالبان” بقيادة مولانا هبة الله أخونزاده للجلوس على طاولة واحدة في قمة ستنظمها روسيا غداً بعد جهود طويلة بذلتها لإنجاحها.

وتقول موسكو: إنها حاولت عقد هذه القمة التي يجلس فيها الفرقاء وجهاً لوجه في شهر يناير2018، لكنها فشلت بعد رفض “طالبان” المشاركة فيها بسبب مطالب بعدم تقديمها أي شروط مسبقة من جهة وعدم الإفراج عن معتقلين تابعين لها.

وأعلنت الحكومة الروسية أن القمة المرتقبة ستشارك فيها كل من الصين وإيران وباكستان والهند وجمهوريات آسيا الوسطى الذين سيحضرون القمة وسيسعون إلى إنجاحها بما يملكونه من نفوذ على الأطراف المتصارعة وهي الحكومة الأفغانية وحركة “طالبان”، واستثنت روسيا الإدارة الأمريكية من حضور القمة، وتقول تقارير إعلامية: إن روسيا وجهت إليها الدعوة لكن الإدارة الأمريكية رفضت حضورها.

حضور “طالبان” سيساعد في حل الأزمة

وكانت “طالبان” مترددة في حضور القمة، حيث سارعت بعد إعلان روسيا عن تاريخ القمة حول أفغانستان بالقول: إنها لم تتلق طلباً رسمياً من روسيا حتى تعلن عن مشاركتها في القمة التي لن يبقى عليها سوى بضعة أيام، ثم سارعت فيما بعد على تجاهل القمة لأنها ستتجاهل مطالبها لكنها عادت ووافقت على الدعوة بعد أن أعلنت روسيا عدم تقديمها أي شروط أمام حضور “طالبان” القمة الدولية، وأنها تستطيع الحديث عن مطالبها وشروطها ورؤيتها في إنهاء الحرب في أفغانستان.

ويقول الخبراء الأفغان أنفسهم: إن فشل القمم السابقة حول أفغانستان كان بسبب تجاهل “طالبان” ورفض حضورها وإصرار الأمريكيين على عدم تمثيل الحركة فيها والاستماع إلى وجهة نظر حكومة أشرف غني لا غير.

وتقول “طالبان”: إنها كانت تنتظر دعوتها في الاجتماعات الأخيرة التي أشرفت عليها أمريكا لكنها لم تتلقَّ دعوة رسمية إلى المشاركة، وظل الأمريكيون يتمسكون بشروطهم حتى يسمحوا للحركة بالحضور في هذه الاجتماعات، وهو الأمر الذي منع طالبان من حضورها وأسفر عن انهيار اللقاءات السابقة وإخفاقها.

وما يظهر جدية الحل في أفغانستان وشعور الأمريكيين أنهم تورطوا في هذه الأزمة التي جاوزت 18 عاماً دون أن تشهد انفراجة أو حلاً مع ما كلفتهم من مليارات الدولارات هو شروع الأمريكيين منذ أغسطس الماضي في الاتصال بمكتب “طالبان” بالدوحة والبحث عن إحلال السلام وتحقيق المصالحة في أفغانستان وإعلانهم الاستعداد في الاجتماع مع “طالبان” بعد أن  كانوا يرفضون في الماضي الحوار المباشر معها ويعتبرون الحوار أفغانياً داخلياً لا علاقة لهم به.

وعقد المسؤولون الأمريكيون سلسلة من الاجتماعات مع مكتب “طالبان” في قطر، ونظمت الإدارة الأمريكية اجتماعين في العاصمة القطرية الدوحة مع مسؤولي “طالبان”؛ الأول كان في أغسطس والثاني في سبتمبر الماضيين.

وكان قادة “طالبان” في مكتب الدوحة قد عقدوا سلسلة من الاجتماعات مع دول الجوار في الفترة التي تحرك فيها الأمريكيون، كانت مع المسؤولين الروس بموسكو لمرتين واحدة في شهر أغسطس الماضي، واللقاء الآخر في سبتمبر الماضي واستهدف تقريب وجهات النظر مع الحكومة الأفغانية، واللقاءات الأخرى عقدتها الحركة مع مسؤولين صينيين في إسلام آباد في سبتمبر وفي بكين في أغسطس الماضيين.

واستهدف الصينيون خلال الاجتماع تقريب العلاقات بين الحركة والحكومة في أفغانستان وطي الخلافات، واستقبلت الحركة في أكتوبر الماضي زلماي خليل زاده، المبعوث الأمريكي الخاص إلى أفغانستان، وعقد لقاءين مع قادة “طالبان”، واحداً في الدوحة، والثاني في باكستان جرى تنظيمها في أكتوبر الماضي.

جهود السلام السابقة فشلت بعد استبعادها “طالبان”

ولم تتوقف جهود السلام في أفغانستان منذ انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، ودعمت الإدارة الأمريكية مؤتمرات حول السلام في أفغانستان، لكن الملاحظة التي دعت إليها إلى أنها كانت لا تتجاوز ما يرغب فيه الأمريكيون وليس ما يطالب به قادة “طالبان”، وكانت ترفض حضور وفد “طالبان” بشكل رسمي على الأقل وبشكل علني وهو ما أفشل جهود السلام السابقة في أفغانستان.

– قمة باكستان: جرى تنظيم قمة حول أفغانستان في باكستان في فبراير 2016 وتناولت البحث في حل الأزمة وشارك فيها وزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان.

وشاركت فيه الدول المعنية وممثلون عن الحكومة الأفغانية وبتغييب وفد “طالبان” رسمياً على الأقل.

– قمة الهند: كما جرى تنظيم قمة “قلب آسيا” في محطتها الثانية بالهند في ديسمبر 2016، وتناولت بدورها البحث في حل الأزمة وشارك فيها وزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان ومسؤول أمريكي رفيع المستوى، وحضرها أيضاً وزراء خارجية إيران وتركيا وأوزبكستان وروسيا، وغابت عنها حركة “طالبان”.

– قمة كابول: شهدت العاصمة أفغانية كابول اجتماعاً لقمة ما يسمى “قلب آسيا” في يوليو 2017، وتناولت البحث في حل الأزمة، وشارك فيها وزراء خارجية الصين وأفغانستان وباكستان ووزير الخارجية الأمريكي، ومنعت حركة “طالبان” من المشاركة فيه.

– قمة في عُمان: شهدت العاصمة العُمانية مسقط يوم الإثنين 16 أكتوبر 2017 قمة دولية حول أفغانستان، وشاركت فيها الرباعية المعنية بحل الأزمة؛ وهي أفغانستان وباكستان والصين وأمريكا، وحضرت أيضاً فيها دول الجوار لأفغانستان والمرتبطة بها بعلاقات بشكل أو بآخر، وأبرزها إيران والهند وجمهوريات آسيا الوسطى وروسيا وتركيا والسعودية وغيرها، وذلك على مستوى المندوبين، وغابت عنه “طالبان” أيضاً بسبب عدم السماح لها بالمشاركة في القمة.

– قمة “قلب آسيا” في الصين: وشهدت العاصمة الصينية اجتماعاً لقمة “قلب آسيا” جرى تنظيمه في 26 ديسمبر 2017، وتناولت البحث في حل الأزمة وشارك فيها وزراء خارجية أفغانستان وباكستان ووزير الخارجية الأمريكي، وغابت “طالبان” عن القمة.

– قمة جاكرتا: وجرى تنظيم مؤتمر إسلامي يوم الجمعة 11 مايو 2018 في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، وخصص الموضوع للبحث في النزاع في أفغانستان والبحث عن مخرج له، وباءت بالفشل بدورها بسبب تجاهل “طالبان” ورفض حضورها.

– قمة جدة: نظمها السعوديون حول أفغانستان في نهاية يونيو 2018 وهدفت بدورها إلى دعوة علماء الدين الأفغان والباكستانيين وغيرهم للبحث في إنهاء الحرب في أفغانستان والضغط على الأطراف المختلفة بالإسراع في تحقيق السلام.

شروط حركة “طالبان” للمصالحة الوطنية:

وحول المصالحة الوطنية ونجاحها في أفغانستان، فيقول قادة “طالبان”: إنهم مستعدون للتعاون مع أي طرف دولي لإنهاء الصراع ووقف إطلاق النار، وتتمثل شروطهم فيما يلي:

1- احترام تضحيات حركة “طالبان”.

2- أحقيتها في أن تحكم أفغانستان.

3- التعامل معها كقوة سياسية وعسكرية نداً للحكومة.

4- عدم ضمها إلى أي قائمة دولية للإرهاب أو اعتبارها منظمة خارجة عن القانون والإعلان رسمياً أنها حركة مشروعة وقانونية.

5- رفع الحظر على قادة الحركة والمؤثرين فيها ووقف تجميد ممتلكاتهم وعقاراتهم.

6- السماح لها بفتح مكاتب تمثيلية لها في الدول التي ترغب في أن تتواجد فيها خارج أفغانستان.

7- الإفراج الفوري عن المئات من أفرادها وعناصرها المعتقلين.

8- إنهاء المعاهدة الأمنية الموقعة بين الرئيس حامد كارزاي والقوات الأمريكية في أفغانستان.

9- سحب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان من دون شروط

10- تشكيل حكومة انتقالية لمدة عام أو عامين تضم قيادات غير مسيسة ولها شهرتها بين الأفغان.

وكان مسؤول عن “طالبان” أكد أن الحركة وافقت على إرسال رئيس مكتبها في الدوحة الملا شير محمد عباس ستانكزي مع 5 من مسؤولي المكتب ليشاركوا في القمة القادمة في روسيا، وستحضره طالبان بصفتها وفداً رسمياً وليس وفداً مراقباً أو ثانوياً؛ وهو ما سيساهم في عملية السلام في أفغانستان.

Exit mobile version