وقفة مع آية

وقفة مع قوله تعالى: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {8} وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ {9}) (النحل).

أشار القرآن الكريم إلى الطرق السليمة الموصلة إلى الحق، ومثل لذلك بمسيرة الإبل وغيرها مما يستعمل في النقل والمسير الطويل في مختلف أنواع الطرق التي منها سبل ميسرة، وأخرى شاقة مرهقة، فكذلك سبل الهداية، منها الميسر لمن يسر له الله ومهد الطريق له، لسبب من الأسباب (وعلى الله قصد السبيل)، ومن بين تلك الأسباب إقبال المرء على الله؛ “إذا تقرب العبد إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعاً، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة”.

كما أشار سبحانه وتعالى إلى وجود طرق لا توصل إلى الحق (ومنها جائر)، حائد عنه، يغلب على سالكيها الجور والبهتان على أهل الحق، وافترائهم الأكاذيب لتبرير حيدتهم عن السبيل القويم وإرضاء انفسهم لما هم فيه من غواية وضلال.

وهو أمر مشهود اليوم، وفي كل زمان، قال أبو جهل مبرراً كفره بمنافسة بني مخزوم لبني هاشم في شأن خدمة الحجيج: “سقوا فسقينا وكسوا فكسينا، ثم قالوا منا نبي، فمن أين نأتي بنبي؟”.

وقال اليهودي حيي بن أخطب عن النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى المدينة، قال بعد أن التقاه: “والله ما عدا ما جاء به موسى”؛ أي إنه كمثل نبينا موسى، فلما قيل له: فما نفعل؟ قال: عداوته حتى نموت، علام جئنا إلى يثرب؟ يشير إلى هجرتهم إلى يثرب طلباً أن يكون نبي آخر الزمان منهم.

وهذا حال الحائد عن الحق والحاقد على أهله، يفتري الأكاذيب جوراً، ويبهت البهتان كله في حق من يمشي على الصراط القويم، بلا كلل، وليس وراء ذلك إلا الكبر، حفظنا الله وإياكم منه، فقد جاء في الحديث القدسي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار”.

والله تعالى أبر وأرحم.

Exit mobile version