مخيم دير بلوط بسوريا.. النكبة المستمرة والمعاناة المنسية!

عندما ترى المعاناة والصور لا يخطر ببالك إلا الهجرة والنكبة التي حدثت للفلسطينيين عام 1948، إلا أنّك عندما تتعمق في التفاصيل تدرك أنّ ثمة نكبة لا زالت مستمرة حتى يومنا هذا، بل بأسوأ أشكالها، وسط صمت عربي ودولي وعالمي وتهميش رسمي وشعبي فلسطيني.

دير بلوط

مخيم دير بلوط من أكثر من المخيمات الفلسطينية التي تعيش المأساة على أشدها كما حال الكثير، يسكن المخيم الواقع في ناحية جنديرس بريف عفرين شمالي سوريا، حوالي 850 عائلة منها ما يزيد عن 350 عائلة فلسطينية بواقع 1500 فلسطيني من مهجري جنوب دمشق معظمهم من أهالي مخيم اليرموك للاجئين.

ويفيد مدير مركز الشام للإعلام والصحافة عمار البيلوني، أنّ المخيم يعاني منذ إنشائه قبل ستة شهور تقريبًا من نقص حادٍ في الخدمات الأساسية المتمثلة بالطعام والشراب واللباس والسكن.

وأوضح أنّ الأهالي يقيمون في خيام وفرتها منظمة أفاد التركية بالتعاون مع الهلال الخيري التركي، لافتاً إلى أنّ هذه الجهات لا تقدم شيئا للأهالي سوى اليسير الذي لا يكاد يذكر.

ويضيف: “يعاني المخيم من تدني مستوى الخدمات فيه؛ حيث يعاني الأهالي من نقص كبير في المياه وخاصة المياه الصالحة للشرب، إضافة إلى تواجد دورات مياه عامة تسبب إشكالا كبيرا للأهالي”.

فقر وبطالة

ويكشف البيلوني أن المخيم لا يوجد به أي مشافٍ أو عيادات سوى نقطة طبية وحيدة لا تستطيع تغطية احتياجات المخيم من العلاج والدواء، لافتًا إلى أنّ الأهالي يضطرون لنقل مرضاهم إلى المشافي الموجودة في المناطق المحيطة بواسطة الدراجات النارية في معظم الأحيان.

ويوضح المتحدث أنّ الأهالي في المخيم يعيشون أوضاعا مادية غاية في السوء، حيث تنتشر البطالة بشكل كبير جدًا في المخيم بسبب بُعد المخيم عن المناطق المدنية التي من الممكن أن توفر أعمالًا لأبناء المخيم، “ما يؤدي بطبيعة الأحوال إلى عدم قدرة الأهالي على تأمين احتياجاتهم اليومية بالحد الأدنى على الأقل”.

الأطفال الأكثر تضرراً

ويؤكّد البيلوني أنّ شريحة الأطفال الأكثر تضررا من الحالة السيئة للمخيم، حيث تتمثل المأساة الأكبر بانقطاع الأطفال عن التعليم والذي كان على مدار السنين السابقة السلاح الأقوى للاجئ الفلسطيني في سوريا.

ويفيد أنّ الجانب التعليمي في المخيم يتم في خيمة بسيطة حولها بعض المتطوعين داخل المخيم إلى ما يشبه قاعة صفية تعطى فيها بعض الدروس التعليمية، والتي لا تحقق الحد الأدنى المطلوب للطفل، فلا مقاعد ولا ألواح ولا مستلزمات للدراسة، مما دفع الأهالي إلى عدم إرسال أبنائهم، إليها لعدم تحقيق الغاية المرجوة منها.

مأساة الشتاء

ومع دخول فصل الشتاء تحل كارثة جديدة على أهالي مخيم دير بلوط، إذ إن أرضية المخيم هي من التراب الأبيض الذي لا يصمد أمام الأمطار، ويتحول إلى برك طينية كبيرة تزيد من متاعب الأهالي.

ويشير البيلوني إلى أنّ انعدام مواد التدفئة في المخيم ينذر بكارثة كبيرة تلوح في الأفق إن لم يتدخل المعنيون لإنقاذ الأهالي من مصير مأساوي يهدد حياتهم وحياة أطفالهم في منطقة تعرف بقساوة شتائها وشدة حر صيفها.

غياب السلطة و”الأونروا”

ويتساءل الأهالي عن غياب الأونروا التي من المفروض أنها معنية بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في الشتات.

ويشكو الأهالي ومناطق الشمال السوري – بحسب البيلوني- ومنها مخيم دير بلوط من الغياب التام للوكالة وعدم تقديمها أيا من خدماتها المقدمة في مناطق سيطرة النظام السوري، لافتاً إلى أنّ عدد العائلات الفلسطينية في كل مناطق الشمال السوري بلغ ما يزيد عن 1500 عائلة من مخيمات سوريا كافة.

كما يستهجن الأهالي الغياب التام لمؤسسات السلطة الفلسطينية، وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية والتي لم تعمل أي من مؤسساتها على إغاثة أهالي المخيم من الحال المزري الذي يعانون منه.

وأوضح أنّه تغيب عن المخيم أيضا جميع المنظمات والمؤسسات الإغاثية والخيرية العاملة في الشمال السوري باستثناء هيئة فلسطينيي سوريا للإغاثة والتنمية، التي تحاول جهدها تقديم ما يمكن لمساعدة الأهالي في ظل تراجع الدعم المقدم لها حسب ما يصرح مسؤولوها.

وأشار إلى أنّ الهيئة تقدم من فترة لأخرى كميات بسيطة من السلات الغذائية لا تسد حاجة الأهالي في المخيم، والتي تحتاج لتضافر الجهود من الجهات والمؤسسات في سبيل إغاثة المخيم وأهله.

مناشدة عاجلة

بدورها؛ دعت “الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين” “الأونروا” للتدخل الفوري من أجل توفير كل الاحتياجات الإنسانية لحوالي 1500 لاجئ فلسطيني من النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، أجبرتهم الأحداث في سوريا للنزوح من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، ومن مخيمات جنوب دمشق قبل 6 أشهر إلى مخيم دير بلوط شمال سوريا.

وأفادت الهيئة في بيانٍ صحفي  أن المخيم يقع في منطقة اسمها وادي الأفاعي، وسمّيت كذلك لكثرة وجود الأفاعي فيها، وتهدد حياة اللاجئين الذين يقيمون في خيامٍ لا تحميهم من حرارة الشمس في الصيف أو من البرد في الشتاء، ويضطر الأهالي لمناوبة الحراسة الليلية حتى لا تدخل الأفاعي أو الحيوانات المفترسة إلى الخيام.

ووصف البيان الأوضاع الإنسانية للاجئين في المخيم بالكارثية، مؤكّدة أنّ مطالب اللاجئين المعتصمين منذ ثلاثة أسابيع هي مطالب مشروعة ومحقة من “الأونروا” بتوفير كل احتياجات التعليم والاستشفاء والإغاثة والإيواء والكساء والدعم النفسي وجميع الخدمات.

وأعربت “الهيئة 302” عن استيائها لعدم زيارة المخيم من أي موظف من “الأونروا” حتى تاريخه، وشددت في بيانها على أنّ مسؤولية توفير الحماية والمساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في مخيم دير بلوط الذي يقع داخل الأراضي السورية، وهي منطقة من مناطق عمليات “الأونروا” الخمسة، ملقىً بشكل رئيس على عاتق الوكالة، أما المساعدات الأخرى التي تُقدّم على أهميتها فهي مكمّلة وليست الأساس.

وحذرت من خطورة ما ذكره اللاجئون المقيمون في المخيم وخشيتهم من إرسال أطفالهم منفردين إلى المراحيض التي تبعد عن الخيام، وضرورة مرافقتهم في الليل والنهار، وبأن المخيم يفتقر إلى وجود مستشفى أو مدرسة أو روضة للأطفال أو عيادة طبية.

وقالت: إنّ “أقرب مستشفى يبعد حوالي نصف ساعة، ويضطر الأهالي إلى نقل مرضاهم إلى المستشفى عبر الدراجات النارية، ولو كانت الحالة تتعلق بولادة امرأة حامل، وهو ما حدث فعلاً، فإنه لا يوجد سيارة إسعاف أو وسائل نقل أخرى”.

 المركز الفلسطيني للإعلام

Exit mobile version