مفوضية حقوق الإنسان والنظام المصري.. بداية اشتباك أم قرصة أذن؟!

ثمن حقوقيون مصريون بارزون ما وصفوه بالتحرك الجاد والمميز من المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف التابعة للأمم المتحدة، بعد تولي المفوضة السامية الجديدة لحقوق الإنسان ميشيل باليشيت مهامها، عبر العديد المواقف الإيجابية والبيانات الحادة التي اعتبروها ضمن اشتباك مستمر بين النظام والمنظمة الدولية، لكن لا يتعدى قرصة الأذن ويطالبون بالمزيد، بينما تعتبر السلطات المصرية بيانات المنظمة تدخلاً في السيادة المصرية رافضة اتخاذ توقيعها على الاتفاقات الدولية ذريعة للتعليق السلبي على الشأن الداخلي، بحسب رأيها.

خطوة مطلوبة

المحامي والحقوقي رئيس مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي، يرى في حديث لـ”المجتمع” أن البيانات الصادرة من المفوضة السامية بخصوص أحكام الإعدام الصادرة يوم 8 سبتمبر وما تلاها من قرار 5 خبراء بمجلس حقوق الإنسان بشأن الاستهداف الممنهج للحقوقيين في مصر وانتهاكات حقوق الإنسان يعبر ويدل على أن المنظمات الدولية على دراية تامة بكل الانتهاكات التي تحدث في مصر وترفضها وترفض التمادي فيها.

بيومي يقدر هذه الخطوة في الفترة الحالية بشرط أن تسعى المفوضية السامية لحقوق الإنسان لإصدار قرارات أكثر حسماً وحزماً للأمور، تمثل ردعاً للنظام ورجاله، مؤكداً أن القرارات الصادرة هي نوع من أنواع الفضح والضغط على النظام المصري، وهو أمر جيد ومطلوب في هذه المرحلة.

شرط التفعيل

النائب بـ”البرلمان المصري بالخارج”، ووكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشوري في عام 2012 عز الدين الكومي، ثمن تحرك المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ووصفها لمحاكمة قادة اعتصام رابعة العدوية في مجزرة الفض بأنها محاكمة “غير عادلة”، مشيراً إلى أن ما قالته يمثل شهادة قانونية حقوقية دولية تدين النظام المصري، خاصة أنها قالت بوضوح وشجاعة ومصداقية قانونية: إن هذه العقوبات لو تم تنفيذها فإنها ستمثل إجهاضاً كبيراً للعدالة لا يمكن الرجوع فيه، حيث تم منع المتهمين من حقهم في الحصول على محامين شخصيين، وتقديم أدلة براءتهم، بينما لم يقدم الادعاء دليلاً كافياً لإثبات الاتهامات الموجهة لكل متهم.

وأضاف الكومي في تصريح خاص أن رد “الخارجية” على البيان عكس حالة الإحراج التي شعر بها، فقال المتحدث باسم الخارجية: إن مصر ترفض أي اتهامات تشكك في نزاهة القضاء المصري، وأن رئيسة المفوضية تولت هذا المنصب منذ فترة قصيرة، لذلك تعاملت مع الأحكام بسطحية.

وهي أقوال سطحية لأن ما صدر عن المفوضة السامية صدر عن مؤسسة لم يتوقف عملها ولا توثيقها ولا رصدها، وهو ما يشين النظام المصري جملة وتفصيلاً.

مواقف جادة

الحقوقي علاء عبدالمنصف، رئيس منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان، من جانبه، يؤكد أن الاشتباك مستمر وقائم بين نظام عبدالفتاح السيسي ومنظمات حقوق الإنسان في مصر والخارج سواء مصرية أو دولية، بسبب الانتهاكات الممنهجة والمتعمدة التي يرتكبها النظام في مصر ضد معارضيه وعموم المواطنين.

وأضاف أن الصراع لن يتوقف بين النظام المصري والمفوضية السامية لحقوق الإنسان طالما استمر ملف حقوق الإنسان هو الأسوأ خلال عقود في تاريخ مصر، عبر انتهاكات لم يسبق لها مثيل، منها محاكمات جائرة، وقتل خارج إطار القانون، والإخفاء القسري، والمذابح، وإهدار الحقوق الاقتصادية والسياسية، وهو ما يعجز النظام الغربي عن إخفائه رغم دعمه للنظام المصري الحالي.

وثمن عبدالمنصف ما وصفه بالمواقف الجادة من المفوضية السامية بخبرائها ومقرريها ولجانها، مؤكدة أن عملها ينصف في الفترة الماضية حتى تاريخه في مسار ملاحقة الانتهاكات في مصر للحيلولة دون تمادي النظام في ارتكابها، بحيث يكون هناك رادع دولي على الأقل في ظل هذه الظروف الحالية.

صرخة المفوضية

وأدان خبراء الأمم المتحدة المعنيون بحقوق الإنسان نهاية الشهر الماضي قيام السلطات المصرية بالاستهداف المنظم للمدافعين عن حقوق الإنسان، وطالبوها بضمان منح جميع الحقوقيين المحتجزين كل الحق في المحاكمة العادلة والنزيهة والعلنية وفقاً لالتزامات مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، بعد بيان للفريق المعني بالإخفاء القسري في الأمم المتحدة اتهم النظام المصري باعتماد سياسة الإخفاء كجريمة ممنهجة ومتعمدة في اتهام هو الأشد من نوعه حقوقياً، بحسب مراقبين.

وجاء ذلك بعد بيان من المفوضية السامية لحقوق الإنسان ميشيل باليشيت رفضت فيه أحكام قضية فض اعتصام رابعة العدوية، واتهمت النظام المصري بتغييب العدالة وعدم منح المتهمين فرصاً عادلة للدفاع عن أنفسهم، فضلاً عن تحصين المتورطين في الانتهاكات، وهو ما رفضته وزارة الخارجية المصرية في حينه.

وشهدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان في فترة المفوض السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين التي انتهت في يوليو الماضي العديد من المواقف والبيانات والنداءات العاجلة والتقارير الحقوقية التي تدين النظام المصري منذ العام 2013، كان أبرزها اعتبار فض اعتصامي رابعة العدوية مذبحة، واتهام النظام بتغييب المعارضين في السجون، والتعليق السلبي على ما جرى في انتخابات الرئاسة الأخيرة.

Exit mobile version