المسنون بمخيمات الشتات: لا تفريط بحق العودة

يحتفي العالم في هذا اليوم من كل عام بالمسنين بطرق شتى، بينما يحتفل به اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الشتات بطريقتهم الخاصة، فحلم العودة إلى قراهم وأراضيهم لم يفارق مخيلاتهم رغم طردهم منها قبل سبعين عاما وأكثر.

في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، أينما أدرت وجهك هناك قصة فلسطينية مميزة لكبار السن، فشقاء الأيام وقسوتها ظاهر في وجوههم المحروقة وتجاعيد أياديهم المنهكة وانحناءات ظهورهم.

على باب بقالته التي أسماها “العودة”، يجلس الحاج البدوي الثمانيني أبو خالد موسى الترابين، متمسكا بكامل تراثه وعاداته وتقاليده التي نشأ عليها في بلدته البدوية “بئر السبع”، فالقهوة السادة وفناجينها وهيلها لا تفارق مجلسه.

لا يتحدث مع أبنائه وأحفاده السبعين إلا بلهجته البدوية، هدفه من ذلك “أن يتعلم الصغار والكبار أن لهم وطنا وتاريخا وحضارة، وألا يذوبوا في مخيمات اللاجئين، فتندثر عاداتهم وتقاليدهم وينحرف لسانهم عن لهجتهم”.

نبرة حنين

يتحدث عن ماضيه بنبرة الحنين، ففي فلسطين كان والدي جمّالا (صاحب إبل) ومهنته نقل البضائع في صحراء السبع من جنوب الخليل إلى النقب وسيناء ووادي عربة، حتى قرى قبيلة بلي في شمال السعودية، فلم يكن هناك حدود تمنعنا التواصل مع القبائل الأخرى كما هي الحال الآن.

لا يخشى أبو خالد على قضيته من قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب ومن حل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وإلغاء صفة اللاجئ التي عاش معها سبعين عاما.

فدولة ترمب -وفق أبو خالد- “إلى زوال وتفكك، فكما زالت بريطانيا عندما منحت اليهود حق وطن في فلسطين، وكانت في حينها الشمس لا تغيب عن أراضيها، مع ذلك زالت وعادت إلى جزرها، وكذلك ترمب وأميركا”.

ولا يعول أبو خالد على قرارات عربية ودولية في الانتصار لحقه بالعودة، إنما على “أجيال الأطفال والشباب المتمسكين بحقهم في العودة. فغزة يحسب لها العالم ألف حساب، وكذلك شباب المخيمات عندما تفتح لهم فرصة للتحرير سترى منهم ما يسر البال ويرد الحقوق”.

الحاجة الثمانينية رشيدة حسن -أم عادل الجابري- لا تكلّ من الحديث إلى أحفادها عن حقها بأرضها في فلسطين، وتعيد ذلك مرارا وتكرارا، حتى “يحفظ الجيل الجديد حقه بالعودة إلى أرض أجداده”.

يداعبها أحد أحفادها الـ103 بأن حق العودة قد “انشطب”، ولا تعويض للاجئين، والأونروا ستلغى ويتم توطين اللاجئين في أماكن سكناهم، فترد عليه “لا يضيع حق وراءه مطالب، وطالما لدينا أجيال تعرف فلسطين فسنعود إليها”.

دواء كل داء

وتقول أم عادل إن غولدمائير قالت قديما “يموت الكبار وينسى الصغار”، بينما نحن نقول “يموت الكبار ويتمسك بحقهم الصغار”، فالعودة لفلسطين حق لنا لا يمكن لترمب أو أي زعيم عربي التخلي عنه. 

وفي عيادة الأونروا، يجلس الحاج الثمانيني صبري إسماعيل متكئا على عصاه التي باتت رفيقته بعدما رحلت عن الدنيا زوجتاه، منتظرا حصته الشهرية من الأدوية لأمراض أصابته في الهجرة واللجوء.

ويستحضر الحاج إسماعيل الذكريات قائلا “تنقلت في أربعة مخيمات منذ هاجرنا بلادنا في قرى يافا. سكنا في الخيام تحت المطر والثلج، وفي بيوت من الصفيح والكرتون، وعانينا الأمرين في حياتنا، وفقدت عددا من الأولاد نتيجة الأمراض في مخيمات اللجوء”.

ولما علم أن أميركا تسعى لإغلاق الأونروا بقطع المساعدات المالية عنها، قال “أنا مع إغلاق الأونروا وحلها، لكن بشرط أن يعيدونا إلى بلادنا التي أخرجونا منها، ففلسطين هي دواء كل داء”.

 

Exit mobile version