زوجة الداعية صفوت حجازي لـ”المجتمع”: استهداف القضاء لزوجي متعمد بسبب مشاركته في “ثورة يناير”

– تلقيت قرار الإحالة للمفتي بصبر فالأعمار بيد الله ولا تبديل

– قدرنا وأسرة د. محمد البلتاجي واحد والمعاناة واحدة

– الانتهاكات بحق الشيخ مستمرة وحقوقه مهدرة وأولها العلاج

– أتمني حلاً سياسياً وسطياً كي تستقر مصر لكني لست صاحبة القرار

– أدعو القضاء لعدم التدخل في الأزمة التي تعيشها البلاد منذ 5 سنوات

– رزقت بزوج محب وأب واعٍ حنون واعتقاله “غيّر حياتنا”

 

نشأتْ في بيت أزهري يضع للقيم والمبادئ قدرها، وتزوجت بالعالم الداعية د. صفوت حجازي، أمين عام رابطة علماء أهل السُّنة والقيادي الميداني الأبرز في ثورة 25 يناير بمصر، عن حب نما من تقدير منذ الصغر فهي ابنة خالته، وتشاركا في محطات الحياة معه سواء في الرخاء حيث نجمه وحياته العامة وفي الضراء وهو في سجنه وكربه المتواصل الذي وصل إلى محطة صعبة بإحالة أوراق قضيته المعروفة إعلامياً بفض اعتصام رابعة العدوية إلى مفتي الديار المصرية تمهيداً لصدور حكم بالإعدام بعد حصوله على ما يقرب من 200 سنة أحكاماً مجمعة طوال 5 سنوات في العديد من القضايا التي يتحدث مراقبون أنها مرتبطة بالأزمة السياسية، فيما تنفى السلطات ذلك.

السيدة إيناس محمد السقا -أم البراء ورفيدة ومريم وجويرة- فتحت عقلها وقلبها لـ”المجتمع” التي ثمنت دورها في التوعية الإسلامية في حوار للمرة الأولى منذ إعلان القرار ومنذ أكثر من 3 سنوات فضلت فيها الابتعاد عن الإعلام بعد ظروف صحية انشغلت فيها بعدد من الجراحات.

كيف كان وقع قرار إحالة د. صفوت حجازي إلى مفتي الديار المصرية تمهيداً لإصدار حكم بالإعدام؟

– كنت متضايقة، وفي صدمة في بداية الأمر، أفكر ماذا أفعل، كنت أقف أمام السجن وسط أسر أخرى منها أسر بسيطة منهارة من صدور قرار مماثل لأبنائها، فقررت أن أتماسك فأنا زوجة عالم وقدوة لهم، وقررت أن أكون أقوى، وتذكرت أن الموت بيد الله وحده، ولو كان مكتوباً له الموت بالإعدام سيموت ولا أستطيع فعل شيء له، فلن أزيده ولن أنقصه، فصمدت وهدأت الناس، وقلت لهم: إن الأعمار بيد الله، وليس لنا إلا الدعاء.

د. صفوت حجازي صدر ضده ما يقرب من 200 سنة أحكام، وأحيل للمفتي، لماذا برأيك هو مستهدف قضائياً هكذا؟

– الصراحة عندما أتذكر عدد هذه السنين أضحك، وأتندر قائلة: “لو قدروا يعيشوا الشيخ 198 سنة أنا موافقة جداً على أحكامهم”، ولكنها مهزلة بكل المقاييس نعيش فيها من 5 سنوات ويزيد، وهو استهداف متعمد بسبب مشاركته في ثورة يناير، فأنا لا أعتقد أنهم ينتقمون منه بسبب اعتصام رابعة العدوية أو د. مرسي، لا، فهناك في القضاء جزء يكره الإخوان ومن وقفوا معهم، فهو يصنفونه في هذا الإطار وبالتالي يدفع الضريبة، فأيام مبارك غير أيام الإخوان بالطبع، ومهما تختلف مع الإخوان، وأنا بالمناسبة لست من الإخوان، ولكن من الإنصاف أن نقول: إنهم ليسوا مبارك، وبالتالي فالعداء متجذر بين هذه الدوائر والشيخ دون داعٍ، طبقاً للتصنيف مع وجود دوائر بعينها هي التي تتولى كل القضايا، وقد ظهر هذا على لسان بعض القضاة وتحديداً في حوارات صحفية تتحدث بطريق سيئة عن الإخوان، وبالتالي فالأحكام مسبقة في يقين هؤلاء القضاة، وإن كنت أتمنى أن القضاء يتوقف عن التدخل في الأزمة التي تعيشها مصر.

د. صفوت حجازي دائماً في قائمة اتهامات وأحكام واحدة مع د. محمد البلتاجي، هل هناك تقارب أيضاً بين الأسرتين؟

– نعم، وهو تقارب بعد الثورة وبعد اعتصام رابعة العدوية، وقد قالت لي الأستاذة سناء عبدالجواد والدة الشهيدة أسماء: نحن سنصبح قدراً واحداً، وقد كان؛ فالشيخ صفوت ود. البلتاجي معاً في الضراء منذ أن دخلا السجن، وفي المحاكم، وتشاركت الأسرتان الحر والرصيف والمعاناة منذ بدء الأزمة والاعتقالات.

بذكر المعاناة، ما أبرز مظاهرها التي تعرضتم لها في دور المحاكم؟

– تعرضنا لمعاناة لا توصف، وكانت تستهدف إذلالنا والتضييق علينا والضغط على الشيخ صفوت ومن معه عبر منعنا من كافة الحقوق القانونية، وقد رأينا الهموم كلها في المقرات العسكرية والشرطية التي تقام فيها الجلسات، وإن كانت المقرات العسكرية أفضل السيئين، فقد كنت بعد رفاهية أجلس في الشارع على الرصيف في انتظار طويل بالساعات، وفي عز الحر أو قسوة الشتاء والأمطار، مع رفض الجنود لاصطحابنا المأكولات والمشروبات كما حدث في معسكر الهايكستب العسكري، وفي معهد أمناء الشرطة هناك الطامة أكبر، فهناك تحرش بنا تحت مسمى التفتيش، وقد رفضته أنا وبناتي مراراً، فضلاً عن ذل الانتظار في القاعات والانتظار تحت رحمة آخر من أجل زيارة من خلف زجاج أو سلك لبعض دقائق تحت حراسة مشددة بلا خصوصية وتحت توتر شديد خشية أي شيء يتم تسريبه حتى “البنبوني” ممنوع!

باختصار الوضع صعب جداً، وهناك إنهاك ممنهج للأهالي وإذلال، ولك أن تتخيل أن والدة د. محمد البلتاجي التي تقترب من التسعين عاماً وهي تمشي محمولة مسافات طويلة تساوَم على زيارة ابنها وتماطَل في مقابلته وأحياناً يرفضون السماح لها دون مراعاة لأي مشاعر إنسانية.

ننتقل إلى السجن، ود. صفوت حجازي في أشد سجون مصر بحسب وصف الحقوقيين وهو سجن العقرب، كيف مضت أوقاتكم وأوقاته في السنوات الماضية؟

– “تنهدت بحسرة”، ثم أضافت: رحلة صعبة وصادمة في حياتنا، غيّرت كل حاجة في حياتنا، من مشاعرنا ودوائر علاقتنا وتفكيرنا ومسؤولياتنا، فيها إيجابيات كثيرة على المستوى الشخصي ولكن هناك أشياء مريرة لا تنسى بسهولة وحملتني أعباء ما كنت أتخيل يوماً أن أتحملها، ولكن الشيخ دائماً كان ينبهني أنها لله عز وجل والأجرة من الله، وهو ما يصبرني.

رأيت فيها أناساً أفاضل من جماعة الإخوان وتعرفت إلى أسر جديدة، واقتربت من أسر رقيقة الحال تكافح من أجل يوم زيارة أولادها في السجون، ولكن تلاقى العنت والظلم، وتصور أنني لا أنسى مشهد السيدة بائعة “المش”-نوع من أنواع الجبن المصرية- التي عملت لمدة أسبوع حتى تأتي لابنها بزيارة بسيطة جداً من طعام رخيص، ولكن الضابط رفض دخولها الزيارة وألقى بالطعام في الأرض، فكادت تموت كمداً لولا ستر الله.

المأساة كبيرة، وستر الله كبير أيضاً، لكن أحياناً كثيرة كنت أرجع من الزيارة وأنا أكره الدنيا مما أعاني من إجراءات غريبة وقهر وإذلال ومنع من الزيارة، فقد تعرضنا كما تعرض غيرنا الكثير إلى منع الزيارة، ومنذ وصول الشيخ صفوت إلى سجن العقرب منعنا العام 2016 بأكمله، ولم نزر في العام 2017 إلا 4 مرات تقريباً في السنة، ومنذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة أغلقت الزيارات في سجن العقرب.

ولا أريد أن أحدثك عن تفاصيل المعاناة لنا في سجن العقرب من إذلال في الانتظار وتفتيش غير لائق لنا أو للطعام ودخول متأخر بعد معاناة، فالشيخ صفوت له حق أكبر، فقد تعرض منذ دخوله للسجن لإهمال طبي كبير ومنع من الزيارة بل ودخل قسم التأديب وما أدراك ما قسم التأديب في سجن العقرب! في إجراء غير مسبوق بحقه، وكان معه كذلك د. محمد البلتاجي، فضلاً عن رداءة الطعام الميري ومنع الطعام الخاص ومنعه من التريض في أحيان كثيرة ومنعه من الخروج من الزنزانة أحياناً كثيرة، وهي أمور تحتاج إلى التوقف عنها فوراً.

بين مرحلتين، عاشتها أم البراء مع الشيخ صفوت حجازي، مرحلة الحضور في الإعلام الرسمي المصري والدعوة من منابر كل الطبقات الراقية في المجتمع المصري، ومرحلة الثورة والحراك السياسي والملاحقة على إثرها للشيخ الذي تصدر مشهد الثورة.

– أنا شخصياً اعترضت لدى الشيخ على الجمع بين الاثنين، وكنت أراه في الأولى سيحقق منافع كثيرة للناس، ولكن أنا أقدر قراراته وأحترمها، رغم أن المعادلة صعبة عليَّ للغاية، ولكن أيضاً أرى آثاراً طيبة في حياتي تركتها آثار الشيخ الطيبة في الناس، ونحن في منزلنا نقدر التنوع كثيراً ونراه ضرورة حياة.

إذن؛ هل ترين في الأفق حلاً سياسياً قد يمنع تردي الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن؟!

– المعادلة صعبة والمشهد ضبابي، والمعني بالحل هم أصحاب القرار سواء داخل السجن أو خارجه، وما يعنيني أنا هو أن يكون هناك حل وسط للأزمة المصرية يرضي كل الأطراف ولا يكون فيها دم، نستطيع به العبور من النفق المظلم.

في الختام، كيف ترين الشيخ صفوت حجازي الزوج والأب؟ وما رسالتكم له؟

– دمعت عينها، ثم تحدثت بحروف يخنقها التأثر وقالت: سؤال يهز قلبي، فالشيخ صفوت نعم الزوج المحب، تزوجنا عن حب وعشنا في حب، ولم أر منه مكروهاً أو أذى، وفراقنا طوال سنوات مضت أليم ولكنه أمدني بقوة صبر وأنا أرى آثاره الطيبة تحوطنا أنا وأولاده، وهو أب كذلك لا يوصف يحاول تريبة أولاده طريقة إسلامية صحيحة معتدلة فيها معرفة الحلال والحرام مع رفض التقليد الأعمى في وجود المرح والفسح والعلاقات الاجتماعية الراقية، والمتابعة والإرشاد والنصح، وتعرفنا مكة وفرنسا وتركيا من كثرة سفرياتنا سوياً لها.

ورسالتي لزوجي الحبيب الشيخ صفوت، آية من كتاب الله، لها عندي وعنده مدلول وهي: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً”.

Exit mobile version