طارق رمضان عالم مسلم مسجون في فرنسا بأدلة واهية

 

بقلم: د. شاندرا مظفر (*)

لا شك أن الاحتجاز غير العادل للدكتور طارق رمضان، أستاذ الدراسات الإسلامية المعاصرة بجامعة أكسفورد، يفضح النظام القانوني الفرنسي ويهينه.

فقد تم اعتقال البروفيسور طارق رمضان في زنزانة انفرادية في الجناح شديد الحراسة في سجن فلوري-ميروجيس في باريس منذ 2 فبراير 2018 بزعم أنه اغتصب امرأتين في ليون وباريس في عامي 2009 و2012 على التوالي، ويجري تحقيق جنائي لبناء قضية ضد رمضان، وليس لدى البروفيسور طارق رمضان، بسبب السجن المشدد، إمكانية الوصول إلى عائلته ولا يُسمح له بالتواصل معهم حتى عبر الهاتف.

وطارق رمضان هو الذي ذهب طواعية إلى الشرطة بباريس في 31 يناير- وينبغي التأكيد على ذلك – للرد على المزاعم المثارة ضده، وقد تعاون بشكل كامل مع سلطات التحقيق، ومع ذلك فقد عومل بأقصى درجات القسوة.

والطريقة التي عومل ويعامل بها كان يجب أن تتناسب مع المزاعم التي وجهت له.

ففي حادثة ليون، تزعم المدعية أنها تعرضت للاغتصاب في فندق بعد ظهر يوم 9 أكتوبر 2009م، وقد قدم محامي طارق للنيابة العامة أدلة تشير إلى أن رحلة طارق رمضان من لندن إلى ليون لم تصل حتى الساعة 6.35 مساءً، وقد كان في قاعة محاضرات الساعة 8.30 مساء لإلقاء محاضرة حضرها المئات، والشرطة الفرنسية التي أكدت الحصول على هذه الأدلة لاحقًا زعمت أنها “غير موجودة” بملف القضية لأنها “فقدت”، وهذا بحد ذاته انتهاك صارخ للعدالة.

وما يجعل الأمر أكثر إثارة للريبة هو اللقاء الذي تم بين المتهم وقاضٍ فرنسي رفيع المستوى هو ميشيل ديباك، في عام 2009م، الذي صرح له بوجود نية واضحة لرفع دعوى ضده، بمساعدة من كارهة الإسلام سيئة السمعة كارولين فورست، وأنطوان صفير، وهذا يقدم دليلاً على تواطؤ ديباك غير الأخلاقي مع فورست، وكريستيلي (المدعي) ضد البروفيسور رمضان قبل تسع سنوات، ولم يكشف ديباك الذي يعمل الآن في محكمة النقض الفرنسية عن مشاركته السابقة في قضية كريستيلي أو القضية الحالية، وهو أمر غير قانوني وفقًا للقانون الفرنسي.

وحادثة باريس التي زعموا أنها وقعت في أبريل 2012م تقوض بشكل أكبر صحة المزاعم التي أدلى بها متهمو البروفيسور طارق رمضان.

ففي هذه الحادثة، أرسلت هندرا العياري، وهي من المدعين، ما لا يقل عن 280 رسالة عبر البريد الإلكتروني في شهر رمضان ما بين يونيو وأغسطس 2014م بعد مرور أكثر من عامين على الاغتصاب المزعوم، التي تكشف أن العياري اعترفت مؤخراً لوسائل الإعلام الفرنسية بأنها أرسلت هذه الرسائل من خلال حساب آخر على “فيسبوك” قامت بإنشائه – بعد أن قام البروفيسور رمضان بحجب حسابها الأول لأنها كانت تضايقه- على أمل أن تغويه وتوقع به، وقد تكون هذه الاكتشافات الأخيرة السبب في عدم ظهور العياري عندما استدعتها الشرطة الفرنسية الأسبوع الماضي.

وعلى الرغم من أن ادعاءات كلا المرأتين لا أساس لها من الصحة، فإن النيابة تواصل احتجاز طارق بهدف جره إلى المحكمة، والإعلام الفرنسي السائد كان ومازال متواطئاً، ولا يقتصر الأمر على تقديم مزاعم مضحكة وكأنها حقائق، بل إن الإعلام يذهب إلى أبعد من ذلك، ويكرر أكاذيب متكررة عن طارق تهدف إلى تشويه سمعته.

وهذا مجرد مثال، فقد ذكرت وسائل إعلام عديدة أن لدى الأستاذ رمضان جواز سفر مصرياً، وقد يحاول استخدامه للهروب إلى مصر، وهو لا يمتلك جواز سفر مصرياً، لأنه مواطن سويسري فقط.

ويعكس تشويه وسائل الإعلام الفرنسية لطريقة طارق رمضان والموقف المنحرف للنظام القانوني الفرنسي مشكلة أكبر، وهذه المشكلة تتمثل في أن المجتمع الفرنسي المهيمن لا يتقبل أولئك الذين يملكون الشجاعة لانتقاد تحيزهم ضد الإسلام وأتباع الإسلام، وهذا كل ما كان يفعله طارق منذ فترة طويلة، فقد كان رمضان صريحاً في انتقاد تمييز الدولة والمجتمع الفرنسيين ضد المسلمين، فالخوف من الإسلام في أوروبا ككل والتهميش المتزايد للفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة في القارة كانت أيضاً من شواغل الرجل، وقد كان ينتقد أيضاً الدوجماتية التي يتسم بها المسلمون المحافظون المتطرفون وسلطوية الأنظمة في الدول الإسلامية.

وبعبارة أخرى، هناك مجموعات مختلفة تريد أن تصلب البروفيسور طارق رمضان، هذا هو السبب في أن اضطهاده في فرنسا لا يقتصر فقط على المعادين للإسلام والمسلمين، والعزم على خنق الأصوات العقلانية التي تسعى إلى فضح التحيز والتعصب الفرنسيين، كما أنه يكشف عن النفاق الذي يحيط بالمثالية الفرنسية والأوروبية، مثالية الحق في الاختلاف، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا أساسية معينة.

وقد تكون محنة طارق مرتبطة بشكل غير مباشر بالسلطوية المسلمة وقدرتها على الوصول إلى ما هو أبعد من شواطئها؟

وبالنظر إلى كل هذه القوى التي تعمل ضد البروفيسور طارق رمضان، كيف نتوقع محاكمة عادلة ومنصفة؟

ومن هنا نلح على طلب حملة لتحرير رمضان ونطلب ضغطاً من جماعات المجتمع المدني والأفراد من أجل إطلاق سراحه الفوري وغير المشروط.

* الدكتور شاندرا مظفر هو رئيس الحركة الدولية لعالم عادل (JUST).

 لقراءة المقال باللغة الانجليزية انقر هـنـــا

Exit mobile version