“وقف الأمة”: هدفنا أن نصنع الفارق لأهلنا في القدس

– أول مشروع ملكته وقف الأمة كان من دولة الكويت

– أولويات العمل لدينا ترتكز على 3 محاور أساسية هي المرأة والطفل والتعليم

– إستراتيجيتنا أن نحقق عوائد وقفية كبيرة جداً تستطيع أن تصنع الفارق لتثبيت أهلنا في القدس

– اليوم الذي لا نستطيع فيه تثبيت مقدسي ونضع فيه حجراً داخل القدس نفقد حجراً آخر نتيجة تهويد هذه المدينة

 

وقف الأمة إحدى المؤسسات التنموية الرائدة في خدمة القدس والمسجد الأقصى عبر حزمة من البرامج والمشاريع التي تساهم في المحافظة على قدسية المسجد وتثبيت المقدسيين، وتسعى إلى تحقيق عوائد وقفية عالية تصنع الفارق في تثبيت أهل القدس.

“المجتمع” كان لها هذا الحوار مع نائب المدير العام لمؤسسة وقف الأمة د. عيسى أحمد للوقوف على عمل هذه المؤسسة وما تقدمه لصالح القدس والمسجد الأقصى.

بداية، ما “وقف الأمة”؟

– وقف الأمة مؤسسة تركية تنموية مستقلة، تخدم القدس والمسجد الأقصى فقط، فقد كتب الله لها التأسيس في منتصف نوفمبر 2013م، وكان الهدف من هذا الوقف السعي لتكثيف الجهود من أجل زيادة الموارد المالية، لفتح استثمارات مختلفة، للوصول إلى الديمومة في دعم مشاريع مدينة القدس، وحتى يكون هذا الوقف المؤسسة الكفيلة بتعزيز صمود المقدسيين وتثبيتهم في مدينتهم المقدسة.

كيف كانت بدايات العمل؟

– على مدار خمسين سنة من التهويد والاحتلال للقدس، تعمد الاحتلال إلى خلخلة جميع مناحي الحياة، ابتداء من قطاع التعليم، مما خلق لدينا احتياجاً أكثر من 2500 فصل دراسي، ولدينا أكثر من 10 آلاف طالب وطالبة بلا مظلة تعليمية، كذلك هناك إشكاليات في المنهاج، وحيث سعى الاحتلال لمسخ عملية المنهاج الفلسطيني، إلى منهاج “إسرائيلي”، و”أسرلة” هذا المنهاج، كذلك توجد عملية تسرب في المدارس وصلت إلى 50%، هذا هو ما خلّفه الاحتلال فقط في المنظومة التعليمية.

ولو تحدثنا عن القطاع الاقتصادي، سنجد أن هناك إشكالية كبيرة جداً، حيث ارتفعت تكاليف الحياة، من أجل تفريغ المدينة من سكانها، حتى يكتمل له ما يصبو إليه وهو بناء الهيكل المزعوم، حتى وصل خط الفقر إلى أقل من 1500 دولار.

والأمر الآخر أن مستوى نسبة الفقر في مدينة القدس ارتفع إلى ما يزيد على 80%، وهذا مسجل ضمن الإحصائيات على الحالة المقدسية.

وفي القطاع الاجتماعي، بكل تأكيد سبب لنا إشكالية في عملية التوسع الطبيعي، لأهلنا في مدينة القدس، سواء بالحد من الزواج خارج مدينة القدس.

وعلى مستوى البناء داخل مدينة القدس، لم يتم استخراج رخص البناء للمقدسيين من بلدية الاحتلال، إلا أقل من أصابع اليد الواحدة، على النقيض من غربي مدينة القدس، لذلك تلك النقاط التي ذكرتها من احتياج كان لا بد أن يكون هناك مشاريع فيها ديمومة.

ما أبرز المشاريع التي حققتموها منذ التأسيس؟

– عقدنا مجموعة من الشراكات حتى نستطيع تحقيق الفارق لأن هدفنا في وقف الأمة أن نحقق الفارق لأهلنا في القدس حتى يشعروا أن خلفهم ملياراً وسبعمائة مليون مسلم، لأن القضية مهمة جداً، وهي لا تعنى لا بالعرب ولا بالفلسطينيين وحدهم، بل تعنى بالشعوب الإسلامية ككل، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمّ 124 ألف نبي، هذا دليل واضح أن هذا إرث لكل من يحب مسرى محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك بداية التأسيس كانت في عام 2013، والانطلاقة كانت عام 2014، وعندما نتحدث عن الاستثمارات والمشاريع، فنستطيع القول: إن مشاريعنا بلغت 15 ألف متر مربع، وأكثر من 200 وحدة سكنية وتجارية، لديها شقان من الاستثمار، إما استثمار في المجال التجاري، أو استثمار في مجال السياحي، من شقق مفروشة وفندقية، ومنتجعات وسكنات طلابية ومكاتب تجارية، هذه هي الاستثمارات التي لدينا.

هل هناك مشاريع لها أولوية خاصة؟

– أنا تحدثت عن شق الاستثمار الذي سيعود نفعه وريعه بإذن الله على أهالي القدس، ومشاريع مستمرة لها ديمومة داخل المدينة المقدسة ونابعة من الاحتياج الضروري لأهلها، وهناك نقطة مهمة جداً وهي: ما أولويات العمل داخل مدينة القدس من ريع هذه الأوقاف؟

أولويات العمل في ثلاث نقاط مهمة وهي من محاور العمل الأساسية: المرأة والطفل والتعليم، لأننا إذا قمنا بالاهتمام بالثلاثة قطاعات هذه، فسيكون بكل تأكيد أثرها واضح على الحجر والشجر داخل المسجد الأقصى خصوصاً وعلى مدينة القدس عموماً، وهم مهم جداً بالنسبة لنا.

ما تم إنجازه وهي النقطة المهمة التي تنسج قصة نجاح وقف الأمة، فقد أنجزنا بفضل الله تعالى أكثر من 45% من حجم هذه الأوقاف وهي الآن تحت التشغيل، وهناك أكثر من 55% تحت الإنشاء، وقد ساهم هذا العمل في مردود مالي بنسبة لا تقل في دورة وقفية ونصف دورة وقفية، عن نسبة 7.4%، من رأس المال المستثمر، وتعتبر هذه بالنسبة لنا قيمة مهمة جداً نوصلها بإذن الله إلى مدينة القدس حتى تصنع الفارق لأهلنا في تلك المدينة المقدسة.

ما قدّمه وقف الأمة في هذا العمل كبير جداً، وحجم المستفيدين منه كبير جداً، حيث يقدر عدد المستفيدين فعلياً بما يربو على مائة ألف مواطن فلسطيني، وهو رقم بإذن الله على مدار السنوات القادمة سيصنع عملية رد فعل إيجابي تساهم في تثبيت أهلنا في القدس.

كذلك نضع ضمن أولوياتنا دعم التجار المقدسيين المعسرين، فهم ركيزة اقتصادية مهمة تصب في صالح تثبيت أهالي المدينة وصمودهم، كذلك نضع ضمن أولوياتنا ما يتعلق بالطالب وهو جزء مهم في العملية التعليمية، ونتحدث عن المدارس ونتحدث عن العائلات المستفيدة من هذا الدعم، ونتحدث أيضاً عن كم امرأة مقدسية استفادت من هذا المشروع المبارك.

هل عملكم قاصر على منطقة القدس والبلدة القديمة، أم لديكم خطة للتوسع الآني والمستقبلي؟

– سنتحدث بالأرقام لنثبت كم حجم الإنتاج الذي حققه وقف الأمة، داخل مدينة القدس، في المجالات التي ذكرتها، سواء ما يتعلق الأطفال والتعليم، والاقتصاد وفرص العمل، وما يتعلق بالمرأة.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما إستراتيجية العمل خلال الفترة القادمة خاصة في مدينة القدس، وهو من المحاور المهمة لدينا في عملنا؟

إستراتجية العمل أن ننقل مفهوم الرباط من المسجد الأقصى المبارك إلى حاضرة الأقصى المبارك، وهي كيلومتر مربع واحد، الذي يكون في داخلها 144 ألف متر مربع، وهي مساحة المسجد الأقصى المبارك، وهو شيء مهم جداً.

النقطة الثانية: البلدة القديمة تحتوي بما لا يقل عن 5000 عقار، كذلك تحتوي بما لا يقل عن 35 ألف إنسان مقدسي، وتعتبر هذه المنطقة بالنسبة لنا هي جوهر الصراع، وهي تمثل خط الدفاع الأول عن أقدس مقدساتنا، أولى القبلتين، وصنوان مكة والمدينة، وثاني المساجد، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال.

لذلك كان لزاماً علينا أن تكون هذه المنطقة هي مهمة جداً لنا في أولويات العمل، لذا نقوم بالتوسع الطبيعي إلى القرى المجاورة للمسجد الأقصى المبارك من سلوان وسور باهر، وهذه من المناطق المهمة بالنسبة لنا، وأيضاً الاتساع الجغرافي لما يتعلق بكيفية دعم المقدسيين وخاصة أهلنا في 48 (الخط الأخضر) وهو مهم جداً في عملية نقل المصلين من داخل فلسطين التاريخية في الساحة الفلسطينية أو الخط الأخضر، ومنطقة 48 إلى المسجد الأقصى المبارك، وتحريك العجلة الاقتصادية، حيث تتم عملية الشراء من الأسواق المقدسية، وإن تطلب الأمر السكن أو المبيت في داخل الفنادق المقدسية، وهي عملية مهمة جداً لنا، ولكن جل التركيز، على المقدسي الملاصق لمدينة القدس، لأنه باختصار نحن ننظر إلى حجم هذه الأوقاف بحجم مخرجاتها، لذلك الشيء المهم بالنسبة لنا ضمن خطة عملنا الإستراتيجية، أن نحقق عوائد وقفية كبيرة جداً تستطيع أن تصنع الفارق.

ما التحديات التي تواجهكم خلال عملكم؟

– أبرز التحديات التي تواجه وقف الأمة هو الدعم المالي، وعقد الشراكات التي من الممكن أن نوفرها لهذا المشروع المبارك بدءاً من أرضية القانون التي نرتكز عليها في البيئة العثمانية القانونية في الجمهورية التركية، وهي مهمة جداً لترسيخ العمل القانوني لنا، والانطلاق إلى كل أقطار العالم وكل دول العالم، ليتم تنفيذ شراكات مع المؤسسات المانحة لدعم القطاع التعليمي والقطاع الاجتماعي والقطاع الصحي، وأيضا الاقتصادي داخل مدينة القدس.

هل هناك ضغوطات من الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر عليكم؟

– بحكم عملنا في القطاع الإنساني فقط داخل مدينة القدس، من الطبيعي أن نتعرض للمضايقات من سلطات الاحتلال، ولكن هل نستطيع أن ننفذ المشروعات داخل مدينة القدس ضمن إطار قانوني، بالتأكيد تواجهنا عقبات ولكن هل تستطيع سلطات الاحتلال إيقاف المشاريع الموجهة لصالح المواطن المقدسي.. بالفعل لا تستطيع، وفي نفس الوقت تتمنى وقف تلك المساعدة الموجهة للمواطن المقدسي، ولكن شيئاً فشيئاً سيكون هناك إن شاء الله حلول للتغلب على هذه الصعاب.

كيفية المساهمة وتقديم الدعم لكم؟

آلية المساهمة في هذا الموضوع وفرناها بشكل بسيط، أولاً كان هناك سهم وقفي، والمنتج الثاني لنا هو متر وقفي، لتوزيع هذه الأوقاف على أمتار وقفية يسهل تسويقها، ويسهل المساهمة معنا فيها، والمنتج الثالث هو سند الحجية الوقفي.

وبالطبع كل منتج من هذه المنتجات معتمد لدينا من اللجنة الشرعية، والنقطة الثانية كل شيء له قيمة معينة تختلف من مكان إلى آخر، فعلى سبيل المثال، لدينا سهم وقفي (125 دولاراً) ولدينا أعلى سهم وقفي وهو “سند الحجية” يختلف من مكان لآخر ولكن لا يقل عن 100 ألف دولار، والمتر الوقفي 1500 دولار.

كيف يصل الدعم لكم؟

– ما يتعلق بعملية التحويل من المؤسسات المانحة أو ممن يريد التبرع المباشر إلى وقف الأمة، إطارنا القانوني ضمن وثيقة الوقف، يسمح لنا استقبال الأموال من داخل دولة المقر وخارج دولة المقر بناء على الحسابات البنكية أو عبر الموقع الإلكتروني www.ummetvakfi.org ولذلك كان هناك عقد شراكات مع أغلب المؤسسات المانحة المعروفة في زيارتنا للكويت وكان هناك اعتماد من وزارة الخارجية الكويتية بذلك، وكان أيضا هناك شيء مهم جدا بالنسبة لنا، وهو أن نذكر ونعرج عليه، وهو الموقع الإلكتروني والتسويق الإلكتروني، فعلى سبيل المثال موقعنا هو  “أمة وقف دوت أورك”، وإذا كتبنا على “جوجل” كلمة “وقف الأمة” سيكون في مقدمة المواقع التي تظهر على مواقع البحث.

ونحن نسعى دائماً إلى أن تكون هذه القنوات فيما يتعلق بالدعم، قنوات رسمية، وهذا ما نسعى له ولا نقبل غيره.

ما الجمعيات التي لكم شراكة معها؟

تشرفنا بأن تكون إحدى المؤسسات التي لدينا شراكة معها هي الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، حيث تربطنا شراكة مهمة جداً معهم، وبمناسبة زيارتنا للكويت نشير إلى أن أول دعم تلقيناه كان من دولة الكويت، وأول مشروع تملكه وقف الأمة كان من الكويت، وعهدنا بأهلنا في الكويت أنهم شعب جُبل على حب الخير، وعلى المستوى الرسمي حكومة وقيادة وشعبا كان لهم دور كبير فيما يتعلق بقضايا الأمة وخاصة قضية القدس، وهو معهود ولا مجال للنقاش فيه، ونلمسه واقعا ملموسا، سواء في دعم أهلنا في القدس، أو مشروع وقف الأمة.

كذلك هناك شراكات مع الرحمة العالمية ومع جمعية عبد الله النوري، ولكن تحتاج إلى توقيع اتفاقيات في القريب العاجل، ولكن هدفنا أن يكون لدينا أكبر عدد ممكن من المؤسسات المانحة في كل الأقطار وخاصة في كويت الخير.

هل لكم فروع؟

– وثيقة الوقف القانونية تسمح لنا بفتح ممثليات داخل تركيا وخارجها إذا سمحت الدولة المستضيفة بذلك، وكان قرارنا ضمن أول خمس سنوات ضمن الخطة الإستراتيجية أن تكون ممثلياتنا داخل تركيا، ولكن في النصف الأول من العام القادم سيكون لنا ممثليات في بعض الدول، وهذا الموضوع قيد الدراسة.

هل هناك تفاعل من الأقطار بشكل عام مع الوقف ومشاريع الوقف؟ وما مدى حجم التفاعل؟

– ذكرنا في البداية أن وقف الأمة يقف على أحد عشر مشروعاً، ويقف على 15 ألف متر مربع، ويقف على أكثر من 200 وحدة وقفية، وهذا كله ناتج من عمليات التفاعل من عقد الشراكات وأيضا على جمهور هذه القضايا المهمة الحساسة بالنسبة لنا جميعاً، سواء على الطابع الإنساني، وعلى طابع المقدسات، لذلك نحن نتحدث عن هذا الإنتاج بسبب التفاعل، ولكن نحن نريد تفاعلاً أكبر مع أقدس قضايانا، وخطورة ضياع هذه المقدسات من بين يدينا هو شيء كبير جداً، وأعتقد أن الأمة مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الخير في وفي أمتي”.

ما رسالتكم لأهل الكويت؟

– توجد رسالة مهمة جداً إلى أهلنا في الكويت، وعهدنا بهم دائماً عهد كبير بما يتعلق بقضايا الأمة الحساسة، وهذا ما لمسناه واقعاً ملموسا مطلع عام 2017م، حيث تم منح صاحب السمو جائزة العمل الإنساني، ولذلك نسعى لتعزيز وتوطيد علاقاتنا مع الكويت على المستوى الرسمي والشعبي، ونثمّن غالياً الجهد المبارك الذي تقوم به دولة الكويت، على كافة المستويات، ونحن نفخر أن الله سبحانه وتعالى كتب لنا هذه الزيارة المباركة للكويت، فدولة الكويت لديها ثقافة وقفية كبيرة جداً، وقد استفدنا كثيراً من تجاربها الوقفية، كما أن العمل الخيري في الكويت عمل مؤسساتي كبير جداً، مما ساعد وسهّل علينا عملية الزيارة بشكل كبير جداً، أيضاً على المستوى الشعبي، نوجّه لهم رسالة فحواها: نحن نلمس أثركم تجاه قضية القدس، ولكن رسالتنا رسالة واحدة، وهي اليوم الذي لا نستطيع فيه تثبيت مقدسي ونضع فيه حجراً داخل القدس، نفقد حجراً آخر نتيجة تهويد هذه المدينة التي يسعى الاحتلال جاهداً لإفراغها من سكانها، والسيطرة على مقدساتها.

Exit mobile version